فإن أبى المنصوح سماع النصيحة: دعي عند علماء يرتضيهم الطرفان، فإن أبى، نُظِرَ هل خطؤه أكبر أم صوابه؟ فإن كان خطؤه أكبر من صوابه، وهو يدعو إليه، وفي مجالسته مفسدة، حذر منه، وإن كانت أخطاؤه أقل حذر من أخطائه.
كما أناشد المسلمين جميعاً -إذا ما اختلفوا- أن يقبلوا بالتحاكم والتفاهم، عند العلماء المشهود لهم بالعلم والإنصاف، وبهذا تتآلف القلوب، وتتوحد الكلمة، ولا تكون الفتن، ولا الانشغال عن العلم والعمل والدعوة.
ولقد حرصت على أن لا أرد بالمثل من الألفاظ القبيحة، والاتهامات الكاذبة، وذلك خشية الإثم، فإن الكذب والفحش لا يرد بمثله، وأربأت نفسي عن الرد عن جرح في عرضي، أو خدش في سمعتي، وإن كان قد أذن الله لي، قال تعالى:{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: (٤١)].
وذلك إبقاء للمودة بين المسلمين، ورغبة في التئام الجراح، وطلباً لتوحيد صف أهل السنة، وعسى الله أن يهديني وإخواني سواء السبيل.
كما أرجو من إخواني إن رأوا في هذا الكتاب شيئاً: أن يبادروا إلى النصح، فإن اختلفنا فإلى التحكيم، وذلك -والله- خير من الردود التي تشغل العباد، وتقسي القلوب، وتشتت الشمل.
فإن تولوا عن ذلك كله، فحسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أسأل أن يطفئ الفتن بين المسلمين، وأن يوحد صفهم، ويرفع رايتهم، وينصرهم على من عاداهم، ويرد لهم عزتهم وتمكينهم في الأرض، إنه ولي ذلك وأهل العفو والاستجابة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين (١).
(١) بحث نافع وقيم، ودفاع قوي ومشروع، وحق ألقم فيه المفترون حجارة، وقد أحسنت وأجدت، قواك الله وأعانك ونصر الحق على يدك. العباسي.