للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجهل بقواعد التعاون بين المسلمين، فيما يجوز وما لا يجوز، والجهل بحقوق الولاء والبراء، والأخوة، ومن أهم المسائل في هذا المقام، الجهل بقواعد الخلاف، أنواعه، وآدابه، ومواقفه.

ثم حصل من الفرق بسبب ذلك خلافات كثيرة، كالخروج على الحاكم المسلم العاصي، أو الظالم، والتكفير بالذنب، والقول بخلق القرآنـ و ... الخ، وهي خلافات كما ترى عظيمة، ومفاسدها كبيرة، لكن كل هذه الخلافات ترجع إلى الأسباب السابقة.

وثمة أسباب أخرى، وراء هذا التفرق الذي يعاني منه المسلمون، منها ما يكون اجتهادياً لا ينبغي التفرق لأجله، ومنها ما يكون بسبب فقدان التربية، الأمر الذي جعل كثيراً من الشباب حيارى، وغير ذلك مما لا محل لذكرها هنا (١).

وينبغي التفريق بين القولين:

((الخلافات بين الجماعات والفرق)) و ((الانشقاقات في الجماعات)) فأما الأول: فالمقصود واضح، وهو أسباب الخلافات بين الطوائف، وقد أشرنا إلى معظمها.

وأما الانشقاقات في الجماعات، أي: ضمن الجماعة الواحدة، من هذه الجماعات، والأحزاب المعاصرة، فمعظمها أخلاقي، كالتنازع على المصالح الشخصية، والاختلاف على المناصب الإدارية، والخوض في الأمور المالية، والتفرق على آراء لا توجب شقاقاً، ولا تفسد اجتماعاً، ولا ينفي هذا وجود خلافات منهجية، وأحياناً عقدية، ولكنها قليلة أمام الأسباب الأخلاقية. (٢)


(١) راجع محاضرة ((الخلاف أنواعه ومواقفه)).
(٢) هذا الذي قصدت بعبارتي، فليتق الله الذين يترصدون، وينقلون ولا يفهمون، وليتنبه الذين يُسألون، وليتريث الذين يسمعون، فإنها أمانة النقل، وأمانة التصديق وأمانة يسمعون. {وقفوهم إنهم مسؤولون} [الصافات: (٢٤)] ثم لماذا يشنع إخواننا على من قال: ((انشقاقات الجماعات أخلاقية)) وهم يرون أن الأخلاق من العقيدة، وفضلاً عن أنهم لم يفهموا المقصود، فقد خالفوا المعهود.

<<  <   >  >>