للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: بل خوضها للأتقياء نَصَبٌ وحرج، وللدعاة مشغلة لا نفع فيها، وللعاطفيين مصيدة، وللعوام انحراف وسمّ في الدسم، وللدعوة مدمر، وللعدو عذر وغدر ومصلحة، وللشيطان مصرف للمسلمين عن العلم والعمل والدعوة.

واعلم -يا عبد الله- أنه لا تجتمع سياسة بدعية معاصرة، ومنهج حق وتقوى، إلا أفسدت منه بقدر ما اختلط بها.

وهذا هو مقصود شيخنا الألباني -حفظه الله- بقوله: "من السياسة ترك السياسة" أي السياسة المعاصرة، فإن أساس السياسة المعاصرة غير شرعي، وهو مبني على مقاصد دنيوية، ومصالح شخصية، وألاعيب خفية، ليس فيها دين ولا تقوى، فكيف يشارك فيها التقي الورع، ثم انظر أيها العاقل، ماذا جنى السياسيون المسلمون من جراء الخوض في هذه السياسة، سوى القيل والقال، وضياع الأوقات، وهدر الأموال والطاقات، واستغلالهم في كثير من المواقف، وجعلهم ألعوبة يتلاعب بها، وإسقاطهم في فخاخها، لتمرير قضايا مبيتة.

ولقد أقرَّ كثير من عقلائهم -بعد خوضهم السياسة البدعية- بفساد هذا الطريق، وفشلهم فيها، حتى قال أحد قادتهم: "إن دخول السياسة في هذا الزمان انتحار للجماعة الإسلامية".

كما أعلن أساطين السياسة من المسلمين وغيرهم، من شرقيين وغربيين "أنه لا خلق للسياسة، ولا دين لها" وما يجري في الخفاء مما لا يعلمه الناس أكبر وأدهى وأكثر مما يظهر.

وللسياسيين وبخاصة الغربيين، كلمات في هذا كثيرة منها:

"من تكلم في السياسة قبل الأربعين فهو أحمق" و "من زعم أنه يعلم كل ما يجري على الساحة السياسية فهو جاهل".

وإذا كان دخول هذه السياسة من قبل الجماعات الإسلامية جائزًا، فإن الخطأ الفادح الذي ارتكبوه ويرتكبوه اقتحامهم بجماهير غير مؤهلة ولا متربية، ولا ذات بصيره في دينها ولا دنياها، ولو أنهم علموا هذا لأدركوا سر فشلهم، وأسباب تراجعهم.

<<  <   >  >>