للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

عَلَى النَّفْيِ «وَلَكِنِّي أُنَسَّى» عَلَى النَّفْيِ وَقَدْ شَكَّ الرَّاوِي - عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ - فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: هَلْ قَالَ " أَنْسِي " أَوْ " أُنَسَّى " وَأَنَّ " أَوْ " هُنَا لِلشَّكِّ. وَقِيلَ: بَلْ لِلتَّقْسِيمِ. وَأَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْهُ مَرَّةً مِنْ قِبَلِ شُغْلِهِ وَسَهْوِهِ، وَمَرَّةً يُغْلَبُ عَلَى ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، لِيَسُنَّ. فَلَمَّا سَأَلَهُ السَّائِلُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ أَنْكَرَهُ وَقَالَ لَهُ " كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ " وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ " أَمَّا الْقَصْرُ: فَبَيِّنٌ وَكَذَلِكَ " لَمْ أَنْسَ " حَقِيقَةً مِنْ قِبَلِ نَفْسِي وَغَفْلَتِي عَنْ الصَّلَاةِ. وَلَكِنَّ اللَّهَ نَسَّانِي لِأَسُنَّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» وَهَذَا يَعْتَرِضُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَ نِسْبَةَ النِّسْيَانِ إلَيْهِ. فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَسَبَ النِّسْيَانَ إلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرَّتَيْنِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ، مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُقَالَ: نَسِيتُ كَذَا» الَّذِي أَعْرِفُهُ فِيهِ «وَبِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَذَا» وَهَذَا نَهْيٌ عَنْ إضَافَةِ " نَسِيتُ " إلَى " الْآيَةِ " وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ إضَافَةِ النِّسْيَانِ إلَى الْآيَةِ: النَّهْيُ عَنْ إضَافَتِهِ إلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِنَّ الْآيَةَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُعَظَّمِ، وَيَقْبُحُ بِالْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُضِيفَ إلَى نَفْسِهِ نِسْيَانَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي كُلِّ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ النِّسْيَانُ، فَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ غَيْرِ الْآيَةِ لَهَا. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: لَوْ لَمْ يَظْهَرْ مُنَاسَبَةٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْخَاصِّ النَّهْيُ عَنْ الْعَامِّ. وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْقَائِلِ " نَسِيت " - الَّذِي أَضَافَهُ إلَى عَدَدِ الرَّكَعَاتِ - دَاخِلٌ تَحْتَ النَّهْيِ. فَيُنْكَرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَلَمَّا تَكَلَّمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ ذَكَرَ: أَنَّ التَّحْقِيقَ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْعِصْمَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ اللَّهِ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>