للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

الثَّانِي: مُقَابِلُهُ، وَهُوَ أَضْيَقُهَا. وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اخْتِلَافُ النِّيَّاتِ، حَتَّى لَا يُصَلِّي الْمُتَنَفِّلُ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ وَالثَّالِثُ: أَوْسَطُهَا، أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ، لَا عَكْسُهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَمَنْ نَقَلَ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مِثْلَ الْمَذْهَبِ الثَّانِي فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ. فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ. وَحَدِيثُ مُعَاذٍ: اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. وَحَاصِلُ مَا يُعْتَذَرُ بِهِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِهِ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْإِنْكَارِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَشَرْطُهُ: عِلْمُهُ بِالْوَاقِعَةِ. وَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ عَلِمَ بِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لَأَنْكَرَ. وَأُجِيبُوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ - أَوْ يَمْتَنِعُ - فِي الْعَادَةِ: أَنْ لَا يَعْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ مِنْ عَادَةِ مُعَاذٍ. وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ - أَعْنِي الْمَانِعِينَ - بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لَهُ: سُلَيْمٌ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّا نَظَلُّ فِي أَعْمَالِنَا. فَنَأْتِي حِينَ نُمْسِي، فَنُصَلِّي، فَيَأْتِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَيُنَادِي بِالصَّلَاةِ. فَنَأْتِيهِ، فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا مُعَاذُ، لَا تَكُنْ أَوْ لَا تَكُونَنَّ - فَتَّانًا، إمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي، وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَنْ قَوْمِكَ» قَالَ: فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ كَانَ يَفْعَلُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، إمَّا الصَّلَاةُ مَعَهُ، أَوْ بِقَوْمِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْمَعُهُمَا. لِأَنَّهُ قَالَ: " إمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي " أَيْ وَلَا تُصَلِّ بِقَوْمِكَ " وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ بِقَوْمِكَ " أَيْ وَلَا تُصَلِّ مَعِي.

الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الِاعْتِذَارِ: أَنَّ النِّيَّةَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِالْإِخْبَارِ مِنْ النَّاوِي. فَجَازَ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَرْضَ. وَجَازَ أَنْ تَكُونَ النَّفَلَ، وَلَمْ يَرِدْ عَنْ مُعَاذٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>