. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهَا " فَهِيَ لَهُمْ فَرِيضَةٌ، وَلَهُ تَطَوُّعٌ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِمُعَاذٍ أَنَّهُ يَتْرُكُ فَضِيلَةَ فَرْضِهِ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَأْتِي بِهَا مَعَ قَوْمِهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» فَكَيْفَ يُظَنُّ بِمُعَاذٍ - بَعْدَ سَمَاعِ هَذَا - أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ مِنْ قِيَامِ الْمَكْتُوبَةِ؟ وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُسَاوِي أَنْ يُذْكَرَ، لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ - أَعْنِي قَوْلَهُ " فَهِيَ لَهُمْ فَرِيضَةٌ وَلَهُ تَطَوُّعٌ " - لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ أَوْ اجْتِهَادٍ، وَلَا يُجْزَمُ بِهِ. وَذَكَرَ مَعْنَى هَذَا أَيْضًا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِمَّنْ لَهُ شِرْبٌ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهَا. هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ قَوْلِ مَنْ رَوَى عَنْهُ، أَوْ قَوْلِ جَابِرٍ. وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي: فَفِيهِ نَوْعُ تَرْجِيحٍ، وَلَعَلَّ خُصُومَهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ: إنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اعْتِقَادِهِ الْجَوَازَ لِذَلِكَ. فَلِمَ قُلْتُمْ بِأَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُهُ؟ وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّالِثُ: فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنَّ الْمَفْهُومَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ نَافِلَةً غَيْرَ الصَّلَاةِ الَّتِي تُقَامُ، لِأَنَّ الْمَحْذُورَ: وُقُوعُ الْخِلَافِ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَهَذَا الْمَحْذُورُ مُنْتَفٍ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا: الِاتِّفَاقُ مِنْ الْجُمْهُورِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ، وَلَوْ تَنَاوَلَهُ النَّهْيُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ النَّفْيِ: لَمَا جَازَ جَوَازًا مُطْلَقًا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ الِاعْتِذَارِ: ادِّعَاءُ النَّسْخِ وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حِينَ كَانَتْ الْفَرَائِضُ تُقَامُ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ، حَتَّى نُهِيَ عَنْهُ. وَهَذَا الْوَجْهُ مَنْقُولُ الْمَعْنَى عَنْ الطَّحَاوِيِّ. وَعَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute