. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ كَانَ وَاقِعًا - أَعْنِي صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلٍ فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إثْبَاتٌ لِلنَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي مِمَّا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ. مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ، دُونَ تَقْرِيرٍ حَسَنٍ لَهُ. وَوَجْهُ تَقْرِيرِهِ: أَنَّ إسْلَامَ مُعَاذٍ مُتَقَدِّمٌ، وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ سَنَتَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ صَلَاةَ الْخَوْفِ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى وَجْهٍ وَقَعَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ بِالْأَفْعَالِ الْمُنَافِيَةِ لِلصَّلَاةِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخَوْفِ. فَيُقَالُ: لَوْ جَازَ صَلَاةُ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ لَأَمْكَنَ إيقَاعُ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقَعُ فِيهِ الْمُنَافَاةُ وَالْمُفْسِدَاتُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ. وَحَيْثُ صَلَّيْتُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، مَعَ إمْكَانِ دَفْعِ الْمُفْسِدَاتِ - عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ - دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَبَعْدَ ثُبُوتِ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ: يَبْقَى النَّظَرُ فِي التَّارِيخِ وَقَدْ أُشِيرَ بِتَقَدُّمِ إسْلَامِ مُعَاذٍ إلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنْ الِاعْتِذَارِ عَنْ الْحَدِيثِ: مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ، مِنْ أَنَّ الضَّرُورَةَ دَعَتْ إلَى ذَلِكَ، لِقِلَّةِ الْقُرَّاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ غِنًى عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يَكُنْ لِمُعَاذٍ غِنًى عَنْ صَلَاتِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَائِلُهُ مَعْنَى النَّسْخِ، فَيَكُونُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: أَنَّهُ مِمَّا أُبِيحَ بِحَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَيَرْتَفِعُ الْحُكْمُ بِزَوَالِهَا، وَلَا يَكُونُ نَسْخًا. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: فَهُوَ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى تَعَيُّنِ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ عِلَّةً لِهَذَا الْفِعْلِ، وَلِأَنَّ الْقَدْرَ الْمُجْزِئَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ. لَيْسَ حَفَظَتُهُ بِقَلِيلٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ: فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِارْتِكَابِ مَمْنُوعٍ شَرْعًا، كَمَا يَقُولُهُ هَذَا الْمَانِعُ. فَهَذَا مُجَامِعٌ مَا حَضَرَ مِنْ كَلَامِ الْفَرِيقَيْنِ، مَعَ تَقْرِيرٍ لِبَعْضِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute