. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَحَمْلُ السَّاعَاتِ فِيهِ عَلَى الْأَجْزَاءِ الزَّمَانِيَّةِ، الَّتِي يَنْقَسِمُ النَّهَارُ فِيهَا إلَى اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا. وَاَلَّذِينَ اخْتَارُوا التَّهْجِيرَ يَحْتَاجُونَ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْهُ. وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: قَدْ يُنَازَعُ فِي أَنَّ السَّاعَةَ حَقِيقَةٌ فِي هَذِهِ الْأَجْزَاءِ فِي وَضْعِ الْعَرَبِ، وَاسْتِعْمَالِ الشَّرْعِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِحِسَابٍ وَمُرَاجَعَةِ آلَاتٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ، وَلَا أَحَالَ الشَّرْعُ عَلَى اعْتِبَارِ مِثْلِهِ حَوَالَةً لَا شَكَّ فِيهَا. وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ تَجَوَّزُوا فِي لَفْظِ " السَّاعَةِ " وَحَمَلُوهَا عَلَى الْأَجْزَاءِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الْمَرَاتِبُ. وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ دَلِيلٍ مُؤَيِّدٍ لِلتَّأْوِيلِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ. وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ شَيْئًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اغْتَسَلَ، ثُمَّ رَاحَ» وَالرَّوَاحُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ. فَحَافَظُوا عَلَى حَقِيقَةِ " رَاحَ " وَتَجَوَّزُوا فِي لَفْظِ " السَّاعَةِ " إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْجُزْءِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِمْ فِي هَذَا بِأَنَّ لَفْظَةَ " رَاحَ " يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا مُجَرَّدُ السَّيْرِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، كَمَا أَوَّلَ مَالِكٌ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] عَلَى مُجَرَّدِ السَّيْرِ، لَا عَلَى الشَّدِّ وَالسُّرْعَةِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ. وَلَيْسَ هَذَا التَّأْوِيلُ بِبَعِيدٍ فِي الِاسْتِعْمَالِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَالْمُهَجِّرُ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً» وَالتَّهْجِيرُ: إنَّمَا يَكُونُ فِي الْهَاجِرَةِ. وَمَنْ خَرَجَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا، أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، لَا يُقَالُ لَهُ مُهَجِّرٌ. وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُهَجِّرُ مَنْ هَجَرَ الْمَنْزِلَ وَتَرَكَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ وَهَذَا بَعِيدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute