للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

بِالْحَلْقِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ. وَلَوْ تَحَلَّلَ بِالْحَلْقِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ: لَحَصَلَ الْحَلْقُ قَبْلَ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - التَّمَسُّكُ بِالْقِيَاسِ. فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَسْوِيَةَ التَّقْصِيرِ بِالْحَلْقِ فِي مَنْعِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ، مَعَ أَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ إلَّا فِي الْحَلْقِ. فَلَوْ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى النَّصِّ، لَمْ يَمْتَنِعْ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ. فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يُمْكِنُ التَّحَلُّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ بِالتَّقْصِيرِ. وَيَبْقَى النَّصُّ مَعْمُولًا بِهِ فِي مَنْعِ الْحَلْقِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَحَيْثُ حَكَمَ بِامْتِنَاعِ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَعَلَّلَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ: دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَجْرَى التَّقْصِيرَ مَجْرَى الْحَلْقِ فِي امْتِنَاعِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ، مَعَ أَنَّ النَّصَّ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِهِ بِالْمَعْنَى.

١ -

وَقَوْلُهُ " وَحَاضَتْ عَائِشَةُ - إلَى آخِرِهِ " يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَائِضِ إمَّا لِنَفْسِهِ، وَإِمَّا لِمُلَازَمَتِهِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ. وَيَدُلُّ عَلَى فِعْلِهَا لِجَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ إلَّا ذَلِكَ. وَعَلَى أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ.

وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ " فِيهِ حَذْفٌ، تَقْدِيرُهُ: وَلَمْ تَسْعَ. وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ رِوَايَةٌ أُخْرَى صَحِيحَةٌ، ذَكَرَ فِيهَا " أَنَّهَا بَعْدَ أَنْ طَهُرَتْ طَافَتْ وَسَعَتْ ".

١ -

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّ السَّعْيَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ صَحِيحٍ. فَإِنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَا لَزِمَ مِنْ تَأْخِيرِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ تَأْخِيرُ السَّعْيِ، إذْ هِيَ قَدْ فَعَلَتْ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، فَلَوْلَا اشْتِرَاطُ تَقَدُّمِ الطَّوَافِ عَلَى السَّعْيِ لَفَعَلَتْ فِي السَّعْيِ مَا فَعَلَتْ فِي غَيْرِهِ. وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ قَوْلًا آخَرَ: أَنَّ السَّعْيَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا صَحَّ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ - عَلَى هَذَا الْقَوْلِ - لِاعْتِقَادِ هَذَا الْقَائِلِ وُجُوبَ طَوَافِ الْقُدُومِ.

وَقَوْلُهَا " يَنْطَلِقُونَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ " تُرِيدُ الْعُمْرَةَ الَّتِي فَسَخُوا الْحَجَّ إلَيْهَا، وَالْحَجُّ الَّذِي أَنْشَئُوهُ مِنْ مَكَّةَ. وَقَوْلُهَا " وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ؟ " يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ لَهَا الْعُمْرَةُ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ بِفَسْخِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ إلَى الْعُمْرَةِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ، إلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا نَظَرُوا إلَى رِوَايَاتٍ أُخْرَى اقْتَضَتْ: أَنَّ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهَا بِتَرْكِ عُمْرَتِهَا، وَنَقْضِ رَأْسِهَا، وَامْتِشَاطِهَا، وَالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ لَمَّا حَاضَتْ لِامْتِنَاعِ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ بِوُجُودِ الْحَيْضِ، وَمُزَاحَمَتِهِ وَقْتَ الْحَجِّ وَحَمَلُوا أَمْرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>