. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
أَمَّا الِاعْتِرَاضُ الْأَوَّلُ: فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ جَمِيعَ الْأُصُولِ تَقْتَضِي الضَّمَانَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ. فَإِنَّ الْحُرَّ يُضْمَنُ بِالْإِبِلِ. وَلَيْسَتْ بِمِثْلٍ لَهُ وَلَا قِيمَةٍ. وَالْجَنِينُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ، وَلَيْسَتْ بِمِثْلٍ لَهُ وَلَا قِيمَةٍ. وَأَيْضًا فَقَدْ يُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ بِالْقِيمَةِ إذَا تَعَذَّرَتْ الْمُمَاثَلَةُ. وَهَهُنَا تَعَذَّرَتْ. أَمَّا الْأُولَى: فَمَنْ أَتْلَفَ شَاةً لَبُونًا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَعَ اللَّبَنِ. وَلَا يُجْعَلُ بِإِزَاءِ لَبَنِهَا لَبَنٌ آخَرُ، لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَذَّرَتْ الْمُمَاثَلَةُ هَهُنَا -؛ فَلِأَنَّ مَا يَرُدُّهُ مِنْ اللَّبَنِ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ التَّالِفِ لَا تَتَحَقَّقُ مُمَاثَلَتُهُ لَهُ فِي الْمِقْدَارِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ اللَّبَنِ الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ أَقَلَّ. وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي: فَقِيلَ فِي جَوَابِهِ: إنَّ بَعْضَ الْأُصُولِ لَا يَتَقَدَّرُ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ، كَالْمُوضِحَةِ، فَإِنَّ أَرْشَهَا مُقَدَّرٌ، مَعَ اخْتِلَافِهَا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ. وَالْجَنِينُ مُقَدَّرٌ أَرْشُهُ. وَلَا يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ. وَالْحُرُّ دِيَتُهُ مُقَدَّرَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ: أَنَّ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّنَازُعُ وَالتَّشَاجُرُ يُقْصَدُ قَطْعُ النِّزَاعِ فِيهِ بِتَقْدِيرِهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ. وَتُقَدَّمُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَكَانِ عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ.
وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ: فَجَوَابُهُ، أَنْ يُقَالَ: مَتَى يَمْتَنِعُ الرَّدُّ بِالنَّقْصِ: إذَا كَانَ النَّقْصُ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ، أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ؟ الْأَوَّلُ: مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي: مُسَلَّمٌ. وَهَذَا النَّقْصُ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ. فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ.
وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الرَّابِعُ: فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ مُمَاثِلًا لَهُ وَخُولِفَ فِي حُكْمِهِ. وَهَهُنَا هَذِهِ الصُّورَةُ انْفَرَدَتْ عَنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ: أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ هِيَ الَّتِي يُتَبَيَّنُ بِهَا لَبَنُ الْخِلْقَةِ الْمُجْتَمِعُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَاللَّبَنُ الْمُجْتَمِعُ بِالتَّدْلِيسِ فَهِيَ مُدَّةٌ يَتَوَقَّفُ عِلْمُ الْعَيْبِ عَلَيْهَا غَالِبًا. بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فِيهِمَا. وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَيْسَ لِاسْتِعْلَامِ عَيْبٍ وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسُ: فَقَدْ قِيلَ فِيهِ: إنَّ الْخَبَرَ وَارِدٌ عَلَى الْعَادَةِ. وَالْعَادَةُ: أَنْ لَا تُبَاعَ شَاةٌ بِصَاعٍ. وَفِي هَذَا ضَعْفٌ. وَقِيلَ: إنَّ صَاعَ التَّمْرِ بَدَلٌ عَنْ اللَّبَنِ لَا عَنْ الشَّاةِ. فَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ.
وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ السَّادِسُ: فَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ: إنَّ الرِّبَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute