للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٥٥ - حَدثَنا ابن الجنيد الدَّقَّاق (١)، حدثنا يحيى بن غَيلان (٢)، حدثنا يزيد بن زُرَيعٍ، حدثنا دَاودُ بن أبي هندٍ عَنْ الشَّعبْي، عن علقمةَ قالَ: قلتُ لعبد الله بن مَسْعُودٍ: إن الناسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ

⦗٣٧٩⦘ صَحِبْتَ النَّبيَّ ليلةَ الجن، قال: ما صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، ولكنَّا فقدناه ونحنُ بمكةَ ذَاتَ ليلةٍ فَالْتَمَسْنَاهُ في الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، فقلنا: اغْتيِلَ، اسْتُطِيرَ (٣)، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بها قومٌ.

فلما أَصْبَحْنَا رَأَيْنَاهُ مُقْبِلًا من حِرَاءَ، فقلنا: يا رسولَ الله بِتْنَا بِشَرِّ لَيلةٍ بَاتَ بِهَا قَومٌ، قال (٤): "أَتَاني دَاعي الجنِّ فَذَهَبْتُ أُقْرِئُهم القرآنَ"، فانطَلَقَ بنا فَأَرَانَا آثَارَهم وآثارَ نِيْرَانِهم.

قال عامر: وسألوه الزادَ، قال: "كُل عَظْمٍ (لم يُذْكَر) (٥) اسمُ الله عليهِ يَقَعُ في يدِ أحدِكم أَوفرَ ما كان لحمًا، وكُلُّ بَعْرةٍ عَلَفًا لدوابِّكم". قال: وَنَهى رسولُ الله أن يُسْتَنْجَى بهِ وقال: "إِنَّهُما زادُ إخوانكم من الجن" (٦).


(١) محمد بن أحمد بن الجنيد البغدادي، أبو جعفر الدقاق.
(٢) ابن عبد الله بن أسماء بن حارثة الخزاعي، أبو الفضل البغدادي، كذا ساق اسمه من ترجم له، أما أبو حاتم الرازي فقال: يحيى بن عبد الله بن غيلان.
انظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٣٤١)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ١٦٥)، الثقات لابن حبان (٩/ ٢٦١)، تهذيب الكمال للمزي (٣١/ ٤٩١).
(٣) استطير: أي طارت به الجن، واغتيل: أي قُتِل سرا، والغِيلة: بكسر الغين هي القتل في خفية. شرح مسلم للنووي (٤/ ١٧٠).
(٤) في (ط): "فقال".
(٥) هكذا جاء في المخطوط "لم يُذكَر اسم الله عليه"، وجاء في الروايات الأخرى "كلُّ عظم ذُكِرَ اسمُ الله عليه".
(٦) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص: ٣٧) عن وهيب بن خالد ويزيد بن زريع كلاهما، عن داود بن أبي هند به.
وأخرجه البزار في مسنده (٥/ ٣٥) من طريق يزيد بن زريعٍ عن داود بن أبي هند أيضًا.
قال الترمذي بعد أن أخرج الحديث -وسبق تخريج الحديث قريبًا منه-: "وقد روى =
⦗٣٨٠⦘ = هذا الحديث إسماعيل بن إبراهيم -أي: ابن علية- وغيره عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله أنه كان مع النبي ليلة الجن … الحديث بطوله، فقال الشعبي: إن النبي قال: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن"، وكأن رواية إسماعيل أصحُّ من رواية حفص بن غياث". اهـ كلام الترمذي.
أي أن رواية من روى الحديث ففصل فيه بين أول الحديث فجعله متصلًا إلى النبي ، وبين آخر الحديث من قوله: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام … " إلى آخر الحديث فجعله مرسلًا عن الشعبي عن النبي أصح من رواية حفص بن غياث الذي جعله كلَّه متصلًا إلى النبي فلم يفصل فيه بين المتصل والمرسل.
وقد أشار المصنِّف إلى شيءٍ من هذا بإيراده قول داود عقب الحديث (٦٥٣)، وذكرتُ هناك روايات مسلم التي وضَّح فيها أن بعض الحديث هو عن الشعبي عن النبي مرسلًا.
وأشار المصنِّف في هذا الحديث أيضًا إلى إرسال الشعبي للجزء الأخير من الحديث.
وقال الدارقطني -وكلامه أوضح بيانًا-: "يرويه داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله، رواه عنه جماعة من الكوفيين والبصريين، فأما البصريون فجعلوا قوله: "وسألوه الزاد إلى آخر الحديث من قول الشعبي مرسلًا، وأما يحيى بن أبي زائدة وغيره من الكوفيين فأدرجوه في حديث ابن مسعود عن النبي ، والصحيح قول من فصله؛ فإنه من كلام الشعبي مرسلًا".
عقَّب النووي موضِّحًا كلام الدارقطني: "معنى قوله أنه من كلام الشعبي أنه ليس مرويًّا عن ابن مسعود بهذا الحديث، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي والله أعلم".
انظر: العلل للدارقطني (٥/ ١٣١)، شرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ١٨٧٠).