للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٨٩ - حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن الوهبي (١)، أخبرنا عمي -يعني ابنَ وهب-، ح

وحَدثنا أحمد بن محمّد بن سليمان بن الفَأْفَاء العَلَّاف (٢)، حدّثنا أحمد بن عيسى (٣)، حدّثنا ابن وَهب، عن مَخْرَمَة بن

⦗٤١٨⦘ بُكَيرٍ (٤)، عن أبيه، عن سالمٍ

⦗٤١٩⦘ مولى شَدَّاد (٥) قال: دخلتُ على عائشةَ يومَ توفيَ سعد بن أبي وَقَّاصٍ (٦)

⦗٤٢٠⦘ فَدَخل عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ فَتَوَضَّأَ عندَها فقالت: يا عبد الرّحمن! أَسْبغ الوُضُوءَ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله يقول: "وَيلٌ للأَعْقَابِ مِن النَّارِ" (٧).


(١) أبو عبيد الله القرشي مولاهم، ابن أخي عبد الله بن وهب، تُكُلَّم فيه، انظر: ح (٣٤٨)، وقد توبع -كما في الإسناد الآخر- وعند مسلم أيضًا كما سيأتي في التخريج.
(٢) في (م): "والعلّاف" ولعلّه سبق قلم.
والفأفَاء: بالألف الساكنة بين الفاءين، وفي الآخر ألف، هذا الاسم لمن ينعقد لسانه وقت الكلام واشتهر به بعض أجداد المنتسب إليه.
والعلَّاف: بفتح العين المهملة، وتشديد اللام، وفي آخرها الفاء، نسبة لمن يبيع علف الدواب أو يجمعه من الصحاري ويبيعه.
وشيخ المصنِّف قال عنه الخطيب: "ما علمت من حاله إِلَّا خيرًا"، وأثنى عليه السمعاني بقوله: "كان من أهل الخير"، ولم أجد فيه قولًا آخر.
انظر: تاريخ بغداد للخطيب (٢٣١٥)، الأنساب للسمعاني (٩/ ٩٥ و ٢٣٠).
(٣) ابن حسان المصري، أبو عبد الله العسكري، المعروف بالتستري، توفي سنة (٢٤٣ هـ).
نقل أبو داود عن ابن معين أنه كان يحلف بالله أن أحمد بن عيسى كذاب، وقال أبو زرعة الرازي: "ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى" وأشار إلى لسانه كأنه يقول: الكذب، وأنكر على مسلم إخراج حديثه في الصّحيح. واعتذر مسلم بأنه يعلو في الإسناد من طريق هذا وأضرابه، ولا يخرج له إِلَّا ما صح عنده من رواية الثقات بنزول. =
⦗٤١٧⦘ = وقال أبو حاتم: "قيل لي بمصر أنه قدمها واشترى كتب ابن وهب، وكتاب المفضل بن فضالة، ثمّ قدمت بغداد فسألت: هل يحدِّث عن المفضل؟ قالوا: نعم، فأنكرت ذلك، وذلك أن الرِّواية عن ابن وهب والمفضل لا يستويان"، وقال أيضًا: "تكلَّم النَّاس فيه".
هذه مجمل الأقوال في توهين أمره، فأمّا روايته عن ابن وهب فقد أثبت البخاريّ سماعه منه، وذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة كتب عنه، وروى عنه أيضًا.
وأمّا قول ابن معين فيه -وهو متشدد- فإسرافٌ في الجرح كما عبَّر الذهبي، ويقابله قول النسائي فيه: "ليس به بأس"، وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: "كان متقنًا" وكان راويًا لابن وهب".
والظاهر أن من تكلَّم فيه لم يكن له برهانٌ مقنع لذا قال الخطيب: "ما رأيت لمن تكلَّم في أحمد بن عيسى حجة توجب ترك الاحتجاج بحديثه، وقد ذكره النسائي في جملة شيوخه الذين بيَّن أحوالهم".
ودافع عنه الذهبي أيضًا فقال: "تكلِّم فيه بلا حجة"، ورمز له في الميزان "صح" وقال: "هو موثَّق"، وقال أيضًا: "احتجَّ به أرباب الصحاح، ولم أر له حديثًا منكرًا فأورده"، وذكره في المغني وقال: "ثقة، كذَّبه ابن معين فأسرف"، وقال في السير: "العمل على الاحتجاج به فأين ما انفرد به حتّى نليِّن أمره".
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب: "إنّما أنكروا عليه ادعاء السماع، ولم يتهم بالوضع، وليس في حديثه شيءٌ من المناكير"، وقال في الهدي: "احتج به النسائي مع تعنته، وعاب أبو زرعة على مسلم تخريج حديثه ولم يبيِّن سبب ذلك".
بل بيّن بإشارته إلى لسانه تلميحًا إلى الكذب.
وقال في التقريب: "صدوقٌ، تُكُلُّم في بعض سماعاته -قال الخطيب- بلا حجة".
ومع هذا فقد توبع هنا، وقد أخرج مسلم الحديث عنه مقرونًا بأبي الطّاهر بن السرح =
⦗٤١٨⦘ = وهارون بن سعيد الأيلي كما سيأتي.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٦)، الجرح والتعديل (٦٤)، الثقات لابن حبّان (٨/ ١٥)، تاريخ بغداد للخطيب (٤/ ٢٧٢)، تهذيب الكمال للمزي (١/ ٤١٧)، الكاشف (١/ ٢٠٠)، والميزان (١/ ١٢٦) وسير أعلام النُّبَلاء (١٧٠)، والمغني في الضعفاء للذهبي (١/ ٥١)، تهذيب التهذيب (١/ ٥٩)، وهدي الساري (ص: ٣٨٤) والتقريب لابن حجر (٨٦).
(٤) ابن عبد الله بن الأشج القرشي المخزومي مولاهم، أبو المسور المدني، توفي سنة (١٥٩ هـ).
وثقه ابن سعد، وابن المديني، والإمام أحمد، وأحمد بن صالح المصري، وقال أبو حاتم: "صالح الحديث"، وقال النسائي: "ليس به بأس"، وقال الساجي: "صدوق، يدلُّس"، وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: "يحتج بروايته من غير روايته عن أبيه، لأنه لم يسمع من أبيه ما يروى عنه"، وقال ابن عدي: "عند ابن وهب ومعن بن عيسى أحاديث عن مخرمة حسان مستقيمة، وأرجو أنه لا بأس به".
وضعفه ابن معين، وقال مرّة: "لا يكتب حديثه"، وذكره ابن الجوزى في الضعفاء.
وأكثر هؤلاء الأئمة على أنه لم يسمع من أبيه شيئًا، ونقل الإمام أحمد وغيره روايات عنه أنه لم يسمع من أبيه شيئًا، وكان يقول: "هذه كتب أبيه، ولم أسمع منه".
وهناك رواية عن مالك عنه أنه كان يحلف أن الأحاديث إلى حدَّث بها مالكًا حمعها من أبيه، وقال ابن المديني: "لعلّه سمع الشيء اليسير من أبيه"، وقال أبو داود: "لم يسمع من أبيه إِلَّا حديثًا واحدًا".
وذكره الذهبي في "المتكلم فيهم بما لا يوجب الرَّدَّ"، ورمز له في "الميزان": "صح"، وقال في "الديوان": "صدوقٌ، يدلِّس". =
⦗٤١٩⦘ = وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه".
وهو الصواب إن شاء الله.
ولعلّ ابن معين ضعفه من أجل روايته عن أبيه من كتبه من غير سماعٍ وهي وجادة، وهي من طرق التحمل الصحيحة على التفصيل المعروف في كتب المصطلح.
وقد أخرج له مسلم من روايته عن أبيه.
وأمّا وصف الساجي -ثمّ الذهبي- إياه بالتدليس فلعلّه أيضًا من أجل روايته عن أبيه ما لم يسمعه منه، لذا جعله الحافظ ابن حجر في المرتبة الأولى من المدلسين.
انظر: طبقات ابن سعد (الجزء المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم ص: ٤٣٢)، تاريخ الدوري (٥٥٣ - ٥٥٤)، معرفة الرجال لابن محرز (١/ ٥٦)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (٤٩٠)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (١/ ٦٦٣) و (٣/ ١٨٣)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (١/ ٤٤٢)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨/ ٣٦٣)، الثقات لابن حبّان (٧/ ٥١٠)، الكامل لابن عدي (٦/ ٢٤٢١)، الضعفاء لابن الجوزي (٣/ ١١٠) تهذيب الكمال للمزي (٢٧/ ٣٢٤)، الميزان (٤/ ٨٠)، وديوان الضعفاء (ص: ٣٨١)، والمتكلم فيهم بما لا يوجب الرَّدَّ للذهبي (ص: ١٧٣)، تهذيب التهذيب (١٠/ ٦٣)، وتعريف أهل التقديس (ص: ٤٥)، والتقريب لابن حجر (٦٥٢٦).
(٥) هو سالم بن عبد الله النَّصْري، أبو عبد الله المدني، وهو: سالم مولى شداد بن الهاد، وهو: سالم مولى النصرييِّن، وهو: سالم سَبَلان، وهو: سالم مولى المَهْري، وهو: سالم مولى دَوس، وهو: أبو عبد الله الدَّوسي، يُعرف بكلِّ ما تقدَّم، وسيأتي اختلاف تعبير الرواة ببعض هذه الأسماء في الحديث الآتي.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٤/ ١٠٩)، تهذيب الكمال للمزي (١٠/ ١٥٤).
(٦) توفي به بقصره بالعقيق، وحُمِل إلى المدينة على رقاب الرجال، ودفِن بالبقيع، وذلك =
⦗٤٢٠⦘ = سنة خمسٍ وخمسين للهجرة على الصّحيح.
انظر: طبقات ابن سعد (٣/ ١٤٨ - ١٤٩)، تهذيب الكمال للمزي (١٠/ ٣٠٩).
(٧) أخرجه مسلم في كتاب الطّهارة -باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما (١/ ٢١٣ ح ٢٥) عن أبي الطّاهر أحمد بن السرح، وهارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى كلهم عن عبد الله بن وهب عن مخرمة بن بكير به.