للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١٩٧٧ - حدثنا يوسف بن مسلَّم (١)، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله قال: "بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم مطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فِيْ غارهم (٢) صخرة، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالًا عملتموها صالحة، فادعوا الله بها لعله

⦗٧٨⦘

فلم آت حتى نام أبواي، فطيبت الإناء، ثم حلبت، ثم قمت بحلابي عند رأس أبوي، والصبية يتضاغون (٣) عند رجلي، أكره أن أبدأ بهم قبل أبوي، وأكره أن أوقظهما من نومتهما، فلم أزل كذلك قائما حتى أضاء الفجر، اللهم إنْ كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا فرجة نرى منها السماء، ففرج لهم فرجة، فرأوا منه (٤) السماء، وقال الآخر: اللهم إنها كانت لي بنت عَمٍّ، فأحببتها حتى كانت أحب الناس إلي، فسألتها نفسها، فقالت: (لا) [*]، حتى تأتيني بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار، فأتيتها بها، فلما كنت عند رجليها، فقالت: اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، اللهم إنْ كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج منها فرجة، ففرج لهم فرجة، وقال الثالث: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفَرَقِ ذُرَة، فلما قضى عمله عرضته عليه، فأبى أن يأخذه ورَغِبَ (٥)، فلم أزل أعتَمِل (٦) به حتى جمعت منه بقرًا ورعاها (٧)، فجاءني، فقال: اتق الله، وأعطني حقي ولا تظلمني،

⦗٧٩⦘

يفرجها، فقال أحدهم: اللهم إنَّه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي وصبية صغار، فكنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم جئت بالحلاب، فبدأت بوالدي أسقيهما قبل صِبْيَتي وأهلي، وإني احتبست يومًا فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، وجئت بالحِلَاب، فقمت عند رؤوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يَتَضَاغَون عند رجلي، فلم يزل ذلك دَأبي ودَأْبهم حتى طلع الفجر، فأنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله منها فرجة فرأوا السماء. وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي بنت عم أحببتها كأشدِّ ما يحبُّ الرّجال النساء، وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فسعيت فيها حتى جمعت مائة دينار، فجئتها بها، فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله! اتَّق الله ولا تفضَّ الخاتم إلاَّ بحقِّه، فقمت عنها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة، ففرَّج الله لهم. وقال الآخر: اللهمَّ إني قد استأجرت أجيرًا بَفَرَق أرز، فلما قضى عمله، قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فَرَقَه فتركه، ورغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرًا وراعيها، ثم جاءني فقال: يا عبد الله! لا تظلمني وأعطني حقي، فقلت: اذهب إلى تلك البقر فخذها، فقال: اتق الله، ولا تهزأ بي، فقلت: إني لا أهزأ بك، خذ تلك البقر وراعيها، فأخذها، فقال: أتهزأ بي؟ فقلت: اذهب فخذها، وذهب بها، فإن كنت

⦗٨٠⦘

تعلم أنِّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافْرُجْ لنا، ففرَّجها الله عنهم" (٨).


(١) يوسف بن سعيد بن مسلَّم.
(٢) أي على فمه.
(٣) أي يصوتون باكين. انظر: غريب الحديت لابن الجوزي (٢/ ١٣).
(٤) هكذا بالتذكير، وقياسه التأنيث، لتأنث الفرجة، ويحتمل أن يعود الضمير للغار، كما تقدم في الحديث (١١٩٦٨). والله أعلم
(٥) أي رغب عنه، كما صرح به في الحديث التالي، وجاء في ح (٥٩٩٠): ورغب عنه.
(٦) أي أعمل وأتصرف فيه بنفسي. انظر: العين (٢/ ١٥٣)، معجم مقاييس اللغة (٤/ ١٤٥)، المخصص (٣/ ٤٣٥)، القاموس المحيط (ص: ١٠٣٦).
(٧) جمع راعي.
(٨) تقدم الحديث عند المصنف برقم (٥٩٨٦)، وأخرجه مسلم في الصحيح (كتاب الرقاق، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال، ٤/ ٢١٠٠، ح: ١٠٠ - ٢٧٤٣) عن إسحاق بن منصور وعبد بن حميد، عن أبي عاصم، عن ابن جريج به، وأحال متنه على رواية أبي ضمرة عن موسى بن عقبة.
والحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح (كتاب البيوع، باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي، ٣/ ٧٩/ ٢٢١٥) عن يعقوب بن إبراهيم عن أبي عاصم به، نحوه.
وفيه من فوائد الاستخراج: بيان المتن المحال به على المتن المحال عليه، والعلو النسبي بالمساواة، والعلو المعنوي، فإن حجاج بن محمد أثبت أصحاب ابن جريج، وسئل يحيى بن معين عن حجاج بن محمد وأبي عاصم: أيهما أحب إليك في ابن جريج؟ قال: حجاج. انظر: الجرح والتعديل (٣/ ١٦٦/ ٧٠٨)، تاريخ بغداد (٩/ ١٤٢/ ٤٢٩٥).