للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٩٦٠ - حدثنا يزيدُ بن سِنَان وأبو إسماعيل، قالا: ثنا القعنبي، عن مالك، بمثله.

أخبرنا يونسُ بن عبد الأعلى (١)، قال: قال ابنُ وَهْبٍ: قال مالك: "كلُّ سهوٍ كان نقصانًا من الصلاة فإن سجودَه قَبْلَ التَّسْلِيْم، وكلُّ سهوٍ كان زيادةً في الصلاة فإن سجودَه بعد التسليم" (٢).


(١) "ابن عبد الأعلى" لم يرد في (ل).
(٢) وهو في الموطأ -رواية يحيى - (١/ ٩٥) - باب ما يفعل من سلّم من ركعتين ساهيًا، وبمثله في رواية أبي مصعب (٤٧٤) (١/ ١٨٣) باب التسليم في الصلاة من السهو، و (ص ١٣٥) من رواية الحدثاني، بنحوه.
وما حكاه المصنف عن مالك هو قول أبي ثور أيضًا، وهو أحد الأقوال في المسألة.
القول الثاني: إن سجود السهو كلَّه بعد السلام.
رُوِيَ ذلك عن سعد بن أَبي وقاص، وابنِ مسعود، وأنس، وابن عباس وغيرهم من الصحابة ، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي من التابعين، وبه قال الثوري وأبو حنيفة رحم الله الجميع.
ومن حجتهم:
١ - حديث ابن مسعود- الآتي برقم (١٩٦٨، ١٩٧١، ١٩٧٦).
٢ - حديث عمران بن حصين الآتي برقم (١٩٦٤، ١٩٦٥، ١٩٦٧).
٣ - حديث أبي هريرة الآتي برقم (١٩٦٢، ١٩٦٦). =
⦗٢٦٦⦘ = القول الثالث: سجودُ السهو كلُّه قبل السلام.
ورُوِيَ هذا عن أبي هريرة ، وبه قال مكحول، والزهري، ورُوِيَ عن ابن المسيب، ويحيى الأنصاري، وربيعة، والأوزاعي، والليث بن سعد، وبه قال الشافعي -رحمهم الله تعالى-.
ومن حجتهم:
١ - حديث ابن بُحينة (تقدم بالأرقام: ١٩٥١ - ١٩٥٥).
٢ - حديث أبي سعيد الخدري [تقدم برقم ١٩٤٨، ١٩٥٠].
القول الرابع: كل سهوٍ سجد له النبيُّ قبل السلام أو بعده فمحله حيث سجد النبي :
أ- فإذا نهض من ثنتين سجدهما قبل السلام، ولا تشهد فيهما -على حديث ابن بُحينة.
ب- وإذا شكَّ فرجع إلى اليقين سجدهما قبل التسليم -على حديث أبي سعيد الخدري.
ج- وإذا سلم من ثنتين أو من ثلاث سجدهما بعد التسليم -على حديث أبي هريرة وعمران بن حصين.
د- وإذا شك فكان ممن يرجع إلى التحرّي سجدهما بعد التسليم -على حديث ابن مسعود.
وما سوى المواضع التي ورد السهو فيها عنه فالسجود قبل السلام؛ لأنه يتم ما نقص من صلاته.
وهذا مذهب أبي أيوب سليمان بن داود، وزهير بن أبي خيثمة، وبه قال الإمام أحمد -رحمة الله على الجميع-.
وقال الأخير: "ولولا ما رُوي عن النبي لأتيت السجود كله قبل السلام؛ لأنه من =
⦗٢٦٧⦘ = شأن الصلاة أن يقضيها قبل السلام.
هذه هي الأقوال المشهورة في المسألة، والذي نراه راجحًا -والعلم عند الله تعالى- هو ما ذهب إليه الإمام أحمد؛ قال ابن المنذر -بعد حكايته للأقوال السابقة-: "وأصح هذه المذاهب أحمد بن حنبل [كذا، ولعله: مذهب أحمد] أنه قال بالأخبار كلها في مواضعها، وقد كان اللازم لمن مذهبُه استعمالُ الأخبارِ كلِّها، إذا وجد إلى استعمالها سبيلًا أن يقول مثل ما قال أحمد … "، وهو يُعَرّص بالشافعية- أصحاب مذهبه.
تنبيه: صرَّح الإمام ابن عبد البر وغيره بأن هذا الخلاف إنما هو في الأولوية، وأن كل من قال بأنه بعد السلام فسجد قبل السلام أو بالعكس فلا شيء عليه.
وانظر للتفصيل في هذه المسألة: جامع الترمذي (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، كتاب الآثار (١/ ٤٥٥ - ٤٦٢)، كتاب الأصل (١/ ٢١٢ - ٢١٣) [كلاهما لمحمد بن الحسن]، موطأ الإمام مالك -برواية محمد بن الحسن- (١/ ٤٥٦)، الأم (١/ ١٥٤)، (٧/ ٢٠٤)، الأوسط لابن المنذر (٣/ ٣٠٧ - ٣١٣)، شرح معاني الآثار (١/ ٤٣٨ - ٤٤٣)، خلافيات البيهقي (٢/ ١٩٠ - ١٩٢ - مختصره)، الاستذكار (٤/ ٣٥٥ - ٣٦٣)، التمهيد (٥/ ٢٩ - ٣٥)، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي (١/ ٢٢٩)، نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد (ص ٢٩٧ - ٣٤٤)، والحقيقة أن هذا الكتاب موسوعة فريدة أوْفَتْ حديثَ ذي اليدين حقَّهُ روايةً ودرايةً، منها هذه المسألة، وطريقةُ عرضه للمسائل، ومناقشة الآراء، وسلوك الطرق المعتبرة في الترجيح، كل ما يحتاجه الطالب في هذا المضمار … يعتبر أنموذجًا مثاليا يُحتذى به ويستفاد منه، وانظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٢/ ١٩).