كتاب مستخرج أبي عوانة - ط الجامعة الإسلامية

ابتداء أبواب الصلوات وما فيها - باب [بيان] التسليم بعد سجدتي السهو، والبناء على صلاته بعه دخوله منزله، ورجوعه إلى مصلاه إذا كان ناسيا - ج: 5 - ص: 282

١٩٦٧ - حدثنا محمدُ بن يحيى (١) ومحمد بن إدريس الرازيُّ (٢)، قالا:

⦗٢٨٣⦘ ثنا محمدُ بن عبد الله الأنصاريُّ (٣) قال: ثنا أشعثُ (٤)، عن محمدِ بن سيرين (٥)، عن خالد الحذاء، عن أبي قِلَابَةَ، عن أبي المهلَّب، عن عمرانَ بن حُصَيْن، "أنَّ النبيَّ ﷺ صلّى بهم، فسها؛ فسجد سَجْدَتَيْن، ثم تَشَهَّدَ، ثم سَلَّمَ (٦) ".

---

(١) ابن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري. "ثقة حافظ جليل" (٢٥٨ هـ) على الصحيح. (خ ٤). تهذيب الكمال (٢٦/ ٦١٧ - ٦٣١)، التقريب (ص ٥١٢).
(٢) أَبو حاتم الحنظلي الحافظ. و "الرازي": -بفتح الراء، والزاي المكسورة بعد الألف- هذه النسبة إلى "الري"، وكانت بلدة كبيرة من بلاد الديلم بين قومس والجبال، تقع =
⦗٢٨٣⦘ = جنوب شرقي طهران، لم يبق لها أثر بعد نزول كارثة المغول عليها سنة ٦١٧ هـ.
وألحقوا "الزاي" في النسبة تخفيفًا … الأنساب (٣/ ٢٣)، معجم البلدان (٣/ ١٣٢ - ١٣٧)، اللباب (٢/ ٦)، بلدان الخلافة الشرقية (ص ٢٤٩ - ٢٥٢)، المنجد (في الأعلام) (ص ٣١٥).
(٣) ابن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصارى البصري القاضي.
(٤) هو: ابن عبد الملك الحُمْراني -بضم المهملة- بصري يكنى أبا هانيء. "ثقة فقيه"، (١٤٢ هـ وقيل ١٤٦ هـ). (خت ٤). الأنساب (٢/ ٢٦٠)، تهذيب الكمال (٣/ ٢٧٧ - ٢٨٦)، التقريب (ص ١١٣).
(٥) هنا موضع الالتقاء مع الإمام مسلم، راجع (ح / ١٩٦٤)، و (ح / ١٩٦٥)، وليس هناك ذكر للتشهد الوارد هنا.
(٦) وأخرجه كل من:
١ - أبي داود في "الصلاة"، باب: سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم (١/ ٦٣٠ - ٦٣١)، برقم (١٠٣٩).
٢ - والترمذي أيضًا فيه، باب: ما جاء في التشهد في سجدتي السهو (٢/ ٢٤٠ - ٢٤١) برقم (٣٠٩٥).
٣ - والنسائي كذلك فيه، باب ذكر الاختلاف على أَبي هريرة في السجدتين (٣/ ٢٦)، =
⦗٢٨٤⦘ = ثلاثتهم عن محمد بن يحيى الذهلي، عن الأنصاري، به، مثله، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب" [وفي نسخة زيادة: صحيح].
٤ - وأخرجه البغوي كذلك من طريق الذهلي (٣/ ٢٩٧) برقم (٧٦١) -شرح السنة، (٥ - ٧) وأخرجه الحكم في المستدرك (١/ ٣٢٣) والبيهقي في "الكبرى" (٢/ ٣٥٤)، وابن المنذر في "الأوسط" (١٧١٢)، (٣/ ٣١٦ - ٣١٧) جميعًا عن أبي حاتم الرازي، به، نحوه.
٨ - وابن حبان (٢٦٧٠)، (٦/ ٣٩٢) من طريق سعيد بن محمد بن ثواب عن الأنصاري، به. ولفظ البغوي: "صلى بهم، فسها في صلاته، فسجد سجدتي السهو، ثم تشهد، ثم سلم"، وقريب منه لفظُ ابنِ حبان، ثم الحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إنما اتفقا على حديث خالد بن الحذاء، عن أَبي قلابة، وليس فيه ذكر التشهد لسجدتي السهو".
وقد حكم غيرُ واحد على هذه الزيادة بالشذوذ، ووهّموا (الأشعث) لمخالفته غيرَه من الحفاظ عن ابن سيرين في حديث عمران، حيث لم يذكروا فيه التشهدَ.
وقد أخرج البخاري (١٢٢٨) عن سلمة بن علقمة أنه قال: قلت لمحمد (يعني ابن سيرين) في سجدتي السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة" (٣/ ١١٨، مع الفتح).
وقال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٩): "وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضًا هذه القصة: "قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد شيئًا"، وتقدم عند المصنف برقم (١٩٥٦): قال ابن سيرين: "وأُخْبِرْتُ عن عمران بن حصين: "ثم سلم".
كما أن المحفوظ عن خالد الحذاء بهذا الإسناد في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد كما ساق المصنف بعض طرقه بالأرقام: (١٩٦٤، ١٩٦٥، ١٩٦٦).
قال البيهقي: "وقد رواه شعبة ووهيب وابن علية والثقفي وهشيم وحمادُ بن زيد =
⦗٢٨٥⦘ = ويزيدُ بن زُرَيْع وغَيْرُهم عن خالد الحذاء، لم يذكر أحدٌ منهم ما ذكر الأشعث عن محمد عنه".
وقال: وذلك يدل على خطأ الأشعث فيما روا". الكبرى (٢/ ٣٥٥).
وممن رجح عدم ثبوته:
١ - ابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ٣١٧) حيث قال: "ولا أحسب يثبت"، يعني: التشهد.
٢ - ابنُ عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ٢٠٩)، حيث قال: "وأما التشهد في سجدتي السهو فلا أحفظه من وجه صحيح عن النبي ﷺ".
٣ - وأشار البغوي في "شرح السنة" (٣/ ٢٨٩) إلى شذوذه.
قال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٩) بعد الإشارة إلى بعض ما سبق: "لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود [برقم (١٠٢٨) وكذلك أحمد (١/ ٤٢٨ - ٤٢٩)] والنسائي، وعن المغيرة عند البيهقي [٢/ ٣٥٥] وفي إسنادهما ضعفٌ، فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقى إلى درجة الحسن، قال العلائي: "وليس ذلك ببعيد، وقد صحّ ذلك عن ابن مسعود من قوله، أخرجه ابنُ أبي شيبة" انتهى قول الحافظ.
قال ابن المنذر في حديث ابن مسعود والمغيرة ﵄ المذكورين إنهما (غير ثابتين" -الأوسط (٣/ ٣١٧) -، وضعفهما البيهقي في "الكبرى" (٢/ ٣٥٥ - ٣٥٦).
والقول بارتقاء الأحاديث الثلاثة إلى درجة الحسن يبدو ضعيفًا، لمخالفة الأشعث لغيره من الحفاظ، وضَعْفِ الشاهدَيْن. والله تعالى أعلم.
وقد جزم الشيخ الألباني -حفظه الله تعالى- بضعفه وشذوذه، في "الإرواء" (٢/ ١٢٨ - ١٢٩).