للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢١٤٤ - حدثنا الصغاني، قال: ثنا أبو (١) النضر هاشم بن القاسم، ويحيى بن أبي بكير (٢)، قالا: ثنا سليمان بن المغيرة (٣)، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح (٤)، عن أبي قتادة، قال: "خطبنا رسول الله العَشِيّة

⦗٦٥⦘ فقال: "إنكم تسيرون عشِيَّتَكم هذه وليلتكم، وتأتون (٥) الماء -إن شاء الله- غدًا". قال: فانطلق الناس لا يلوي (٦) بعضهم على بعض، فإني (٧) لأَسِيْر إلى جنب رسول الله (٨) (٩) حتى ابْهَارَّ (١٠) الليلُ نعس (١١) رسول الله فمال على راحلته، فَدَعَمْتُه (١٢) حتى (١٣) أَسْنَدْتُه -من غير أن أُوْقِظَه-؛ فاعتدل على راحلته، ثم سِرْنا حتى إذا تَهَوُّر (١٤) الليل، فنعس (١٥)، فمال

⦗٦٦⦘ على راحلته مَيْلَةً أخرى؛ فدعَمْتُه -من غير أن أوقظه-؟ فاعتدل على راحلته، ثم سرنا حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة -هي أشد من الميلتين الأوليين- حتى كاد أن ينجفل (١٦)؛ فدَعَمْتُه؟ فرفع رأسه فقال: "من هذا قلتُ: أبو قتادة، فقال: "متى كان هذا مَسِيْرُكَ مني قلت: ما زال هذا مسيري منك منذ الليلة، فقال: "حفظك الله بما حفظت به نَبِيَّه ثم قال: "أترانا نخفى على الناس، هل ترى من أحد؟ " -كأنه يريد أن يُعَرِّسَ (١٧) - قال: قلت: هذا راكب (١٨) ثم، قلت: هذا راكب- فاجتمعنا، فكنا (١٩) سبعةَ رَكْب (٢٠)؛ فمال النبي عن الطريق، فوضع رأسه، قال (٢١): "احفظوا علينا صلاتنا"، فكان أَوَّلَ من استيقظ هو بالشمس في ظهره؛ فقمنا فزعين، فقال: "اركبوا"، فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل، فدعا بميضأَة (٢٢) كانت معي، وفيها ماء؛

⦗٦٧⦘ فتوضأ وُضوءًا دون وُضوئه (٢٣)، وبَقِيَ فيها شيء من ماء، فقال النبي : "يا أبا قتادة، احفظ (٢٤) ميضأَتك هذه، فإنه سيكون لها نبأ". ثم نودي (٢٥) بالصلاة، فصلى النبي ركعتين قبل (٢٦) الفجر، ثم صلى الفجر كما كان يصلي كلَّ يوم، ثم قال: "ارْكَبُوا" فركِبْنَا، فجعل بعضنا يَهْمِسُ (٢٧) إلى بعض؛ فقال النبي : "ما هذا الذي تهمِسُون دوني" (٢٨)؟ قال: قلنا: يا رسول الله تفريطنا (٢٩) في صلاتنا، فقال: "ما لكم (٣٠) فيَّ أُسْوة؟! إنه ليس في النوم تفريط، ولكن التفريط على من لا يصلي الصلاة حتى يجيء وقت صلاة أخرى. فمن فعل ذلك فَلْيُصلِّ حين ينتبه لها، فإذا

⦗٦٨⦘ كان الغد (٣١) فليصلها عند وقتها، ثم قال: "ما ترون الناس صنعوا"؟ ثم قال: "أصبح الناس فقدوا نبيهم"! قال: فقال أبو بكر وعمر [] (٣٢): رسول الله (٣٣) بعدكم، لم يكن لِيُخَلِّفَكُم. وقال الناس نبي الله [] (٣٤) بين أيديكم. قال: "إن يطيعوا (٣٥) أبا بكر وعمر يرشدوا" (٣٦). قال: فانتهينا إلى الناس حين حَمِيَ كلُّ شيء، أو قال: حين تعالى النهار (٣٧)، وهم يقولون: يا رسول الله هَلَكْنا عطشا (٣٨)، فقال:

⦗٦٩⦘ "لا هُلْكَ (٣٩) عليكم اليوم"، فنزل فقال: "أطلِقوا لي غُمَرِي (٤٠) "، -يعني "الغُمرُ": القعب الصغير (٤١) - ودعا بالميضأة، فجعل النبي يصبُّ وأسقيهم، فلما رأى الناس ما فيها تكابُّوا (٤٢)، فقال: "أحسنوا الملأ (٤٣)، وكلكم (٤٤) سَيَرْوَى". قال فجعل النبي يصبُّ وأَسْقِيْهم، حتى ما بقي غيري وغيره. قال: فصبَّ وقال: "اشرَب" قلت: يا رسول الله، لا أشرَبُ

⦗٧٠⦘ حتى تشرب (٤٥)، فقال رسول الله (٤٦) : "إن ساقي القوم آخرهم" (٤٧). قال: فشربت وشرب النبي . قال: فأتى النبي (٤٨) الماء [جامين (٤٩) رِوَاءً"] (٥٠).

فقال عبد الله بن رباح: "إني لفي مَسْجِدِكم (٥١) هذا الجامع أُحَدِّثُ هذا الحديث؛ إذ قال لي (٥٢) عمران بن حصين: "انظر أيها الفتى كيف

⦗٧١⦘ تحدث؛ فإني أحد الركب تلك الليلة". قال: قلت: أبا نُجَيْد (٥٣) فأنتم أعلمُ. قال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار، قال: فأنتم أعلم بحديثكم، حدِّثِ القوم (٥٤)، قال: فحدثت القوم، فقال عمران: "شَهِدْنا تلك اليلة وما شعرت أنّ (٥٥) أحدًا (٥٦) حفظه كما حفظْتُه (٥٧) ".

فيه دليل على أن الترغيب (٥٨) للمسافر يعدل (٥٩) عن الطريق [إذا أراد

⦗٧٢⦘ أن] (٦٠) يَحُطَّ رحله أو ينام، وكراهية التعريس على الطريق، وأن ساقي القوم آخرهم شُرْبًا (٦١).


(١) (ك ١/ ٤٥٨).
(٢) تصحف (بكير) في (م) إلى: (بكر).
(٣) هنا موضع الالتقاء، رواه مسلم عن شيبان بن فروخ: حدثنا سليمان (يعني ابن المغيرة)، به، بنحوه. الكتاب والباب السابقان (١/ ٤٧٢ - ٤٧٣) برقم (٦٨١).
و"سليمان بن المغيرة" هذا هو القيسي مولاهم البصري، أبو سعيد. "ثقة ثقة … ، أخرج له البخاري مقرونًا وتعليقًا" (١٦٥ هـ) ع. تهذيب الكمال (١٢/ ٦٩ - ٧٣)، التقريب (ص ٢٥٤).
(٤) هو الأنصاري، أبو خالد المدني، سكن البصرة. "ثقة من الثالثة، قتلته الأزارقة" (م ٤). تهذيب الكمال (١٤/ ٤٨٧ - ٤٨٨)، التقريب (ص ٣٠٢).
(٥) في (ل) و (م): (فتأتون)، والمثبت يوافق ما في صحيح مسلم.
(٦) أي: لا يلتفت ولا يعطف عليه، وألوى برأسه ولواه: إذا أماله من جانب إلى جانب.
النهاية (٤/ ٢٧٩)، وانظر: شرح النووي (٥/ ١٨٤).
(٧) كذا في النسخ.
(٨) في (ل) و (م): (النبي ).
(٩) من هنا إلى قوله: (وسلم) ساقط من (م).
(١٠) هو بالباء الموحدة، وتشديد الراء، أي: انتصف، وبهرة كل شيء: وسطه. غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٥٨)، تفسير غريب ما في الصحيحين (ص ١١٢)، النهاية (١/ ١٦٥)، شرح النووي (٥/ ١٨٤).
(١١) -بفتح العين- مقدمة النوم. شرح النووي (٥/ ١٨٤)، وانظر: النهاية (٥/ ٨١).
(١٢) أي: أقمت ميله من النوم، وصرت تحته كالدعامة للبناء فوقها. شرح النووي (٥/ ١٨٤ - ١٨٥)، وانظر: النهاية (٢/ ١٢٠).
(١٣) في (ل): (يعني: أسندتُه)، وجملة: (حتى أسندته) ساقطة من (م).
(١٤) أي: ذهب أكثره، مأخوذ من: تهور البناء، وهو انهدامه. يقال: تهور الليل وتوهر. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٥٨)، المعلم للمازري (١/ ٢٩٥)، النهاية (٥/ ٢٨١).
(١٥) كذا في النسخ (بالفاء).
(١٦) ينجفل: مطاوع (جفله) إذا طرحه وألقاه، أي: ينقلب عنها ويسقط.
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (ص ١١٢)، المعلم بفوائد مسلم (١/ ٢٩٥)، النهاية (١/ ٢٧٩).
(١٧) من التعريس، وهو النزول في السفر من آخر الليل، وقد تقدم.
انظر: غريب الحميدي (ص ١١٢).
(١٨) من هنا إلى نهاية قوله: (هذا راكب) ساقط من (ل) و (م).
(١٩) في (م): (وكنا).
(٢٠) هو جمع راكب، كصاحب وصحب. شرح النووي (٥/ ١٨٥).
(٢١) في (ل) و (م): (ثم قال) وهو كذلك في صحيح مسلم.
(٢٢) الميضأَة: -بكسر الميم، وبهمزة بعد الضاد- وهي الإناء الذي يتوضأ به كالركوة، وكذلك =
⦗٦٧⦘ = المطهرة. انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (ص ١١٢)، شرح النووي (٥/ ١٨٠).
(٢٣) أي: وضوءًا خفيفًا مع أنه أسْبَغَ الأعضاء.
شرح النووي (٥/ ١٨٥)، شرح الأبي (٢/ ٦٢٥).
(٢٤) في (ل) و (م) هنا زيادة "علينا" وكذلك في صحيح مسلم.
(٢٥) كذا في النسخ، وفي صحيح مسلم: "ثم أذن بلال بالصلاة" وهذا الحديث من أدلة القائلين بالأذان للصلوات الفائتة، وراجع (ح / ٢١٤١).
(٢٦) جملة "قبل الفجر" لا توجد في صحيح مسلم، وزيادتها من فوائد الاستخراج.
(٢٧) بفتح التحتانية، وكسر الميم، و "الهمس" هو الكلام الخفي، أو هو: إخفاء الصوت.
انظر: (المنتخب) لكراع النمل (١/ ٢٣٤ - باب الكلام)، تفسير غريب ما في الصحيحين (ص ١١٢)، شرح النووي (٥/ ١٨٦).
(٢٨) (ك ١/ ٤٥٩).
(٢٩) التفريط التقصير في العمل. انظر: النهاية (٣/ ٤٣٥).
(٣٠) في صحيح مسلم بزيادة همزة الاستفهام.
(٣١) في (ل، م، س): (من الغد) وما في صحيح مسلم يوافق المثبت.
(٣٢) من (ل) و (م).
(٣٣) جملة: (رسول الله ) ليست في صلب (ل)، ويوجد رمز لِلَّحَقِ، ولكن الطرف الذي يمكن أن تكون الجملة مستدركة فيه لم يصوَّر.
(٣٤) ما بين المعقوفتين من (ل)، وفي (م): (عليه وسلم) فقط.
(٣٥) في (ل) و (م): (تطيعوا) -بالخطاب- وهذا غير مناسب مع (يرشدوا)، وفي صحيح مسلم مثل المثبت.
(٣٦) يعني: إنه لما صلى بهم الصبح بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس، وانقطع النبيُّ وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم، قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم، فقال النبيُّ : أما أبو بكر وعمر فيقولان للناس: إن النبي وراءكم ولا تطيب نفسه أن يُخَلِّفكم وراءه، فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يَلْحَقَكُم، وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه، فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا؛ فإنهما على الصواب.
انظر: شرح النووي (٥/ ١٨٨)، مكمل إكمال الإكمال للسنوسي (٢/ ٦٢٦).
(٣٧) من هنا إلى قوله: (فنزل فقال) ساقط من (م).
(٣٨) كذا، وفي صحيح مسلم: (عطشنا) وكلاهما له وجه.
(٣٩) لا هلك: هو بضم الهاء بمعنى الهلاك. شرح النووي (٥/ ١٨٨)، مكمل إكمال الإكمال (٢/ ٦٢٦).
(٤٠) أي: ائتوني به. النهاية (٣/ ٣٨٥ - غمر-).
(٤١) وانظر: فقة اللغة للثعالبي (ص ٢٣٥ - ترتيب الأقداح)، المخصص (١١/ ٨٢ - باب الآنية)، المعلم (١/ ٢٩٥)، النهاية (٣/ ٣٨٥ - غمر-).
وهو بضم أوله، وفتح ثانيه، ولم يرد في مسلم تفسير "الغمر" وأظنه إدراجًا من أحد الرواة، وإخراجه من فوائد الاستخراج.
و"القعب" هو القدح الغليظ الجافي. اللسان (١/ ٦٨٣)، القاموس المحيط (ص ١٦٢).
(٤٢) في صحيح مسلم زيادة "عليها"، و (تكابوا عليها) أي: ازدحموا، وهي تفاعلوا من الكُبَّة -بالضم- وهي الجماعة من الناس وغيرهم. النهاية (٤/ ١٣٨ - كبب-)، وانظر: المجموع المغيث (٣/ ٦).
(٤٣) بهامش الأصل: "الملأ -بفتح الميم واللام، وبالهمزة-: الخلق، وقال ابن سيدة في "المحكم" وهي صفة غالبة للقوم ذوي الشعرة". و"الملأ" هو الخلق -كما نقلت من الهامش- أي: أحسنوا خلقكم. انظر: غريب ابن الجوزي (٢/ ٣٧٠)، النهاية (٤/ ٣٥١)، المعلم (١/ ٢٩٥).
(٤٤) في (ل) و (م): (فكلكم).
(٤٥) في (م): (يشرب) وهو خطأ.
(٤٦) في (ل) و (م): (النبي ).
(٤٧) في صحيح مسلم زيادة: (شُرْبا).
(٤٨) وفي صحيح مسلم: (فأتى الناس الماء جامِّين رواءً)، وهو الصحيح، ولعل ذكر النبي بدل "الناس" يكون من جراء سبق قلم من أحد رواة الأصل، ويكون النساخ مشوا على ذلك.
وذِكْرُه لا يصح مع ذكر جملة: "جامين رواء" وهي موجودة في صحيح مسلم وكذلك في نسختي (ل) و (م)، ولا توجد في الأصل و (ط، س).
(٤٩) أي: مستريحين نشطين قد رووا من الماء، و"الجمام": ذهاب الأعياء، والإجمام: ترفيه النفس مدة حتى يذهب عنها التعب. انظر: النهاية (١/ ٣٠١)، شرح الأبي والسنوسي (٢/ ٦٢٧).
(٥٠) ما بين المعقوفتين من (ل) و (م) وسيتكرر الحديث عند المصنف برقم (٢٤٠٣) ببعض متنه.
(٥١) يريد جامع البصرة، وسليمان بن المغيرة وشيخه (ثابت) بصريان، كما أن عبد الله بن رباح وعمران بن حصين نزلا البصرة، وتوفيا هناك. راجع مصادر ترجمتهما [تقدم عبد الله رباح في هذا الحديث، وستأتي الاشارة إلى مصار ترجمة عمران بن حصين قريبا].
(٥٢) (لي) ليست في (م).
(٥٣) في (ل) و (م): (يا أبا نجيد)، وأبو نجيد -بنون مضمومة، مصغرًا- كنية عمران بن حصين. انظر: كنى الإمام مسلم (٣٤٤٩)، (٢/ ٨٥٤)، الاستيعاب (١٩٩٢)، (٣/ ٢٨٤)، إكمال ابن ماكولا (١/ ١٨٨)، تهذيب الكمال (٢٢/ ٣٢٠)، الإصابة (٤/ ٥٨٤).
(٥٤) في (ل) و (م) زيادة (به)، وليست في صحيح مسلم.
(٥٥) كلمة (أن) ليست في (م).
(٥٦) في (م) هنا زيادة: (من الناس).
(٥٧) تصريح عمران بن حصين بأنه "أحد الركب تلك الليلة" وأنه شهد تلك الليلة، من الأدلة على أن قصة عمران وأبي قتادة واحدة.
قال الحافظ في "الفتح" (١/ ٥٣٤ - ٥٣٥) بعد أن عدَّدَ بعض وجوه المغايرات في القصتين: "وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات، ومع ذلك فالجمع بينهما ممكن لا سيما ما وقع عند مسلم وغيره أن عبد الله بن رباح … " -وذكر هذه القصة-، ثم قال: "فهذا يدل على اتحادهما، لكن لِمُدَّعِي التعدُّدِ أن يقول: يحتمل أن يكون عمران حضر القصتين، فحدث بإحداهما، وصدَّق عبد الله بن رباح لما حدّث عن أبي قتادة بالأخرى". وفيه من التكلف ما لا يخفى.
(٥٨) في (ل) و (م): "في الترغيب".
(٥٩) كذا، والأحسن أن يُقال: (أن يعدل).
(٦٠) جملة "إذا أراد أن" لا توجد في الأصل و (ط) وهي مستدركة في هامش الأصل والمثبت من (ل، م)، وبها يستقيم المعنى.
(٦١) (ك ١/ ٤٦٠).