للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٥٤٦ - أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد (١)، حدثنا أبي (٢) قال: سمعت الأوزاعي قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال:

⦗٤١⦘ حدثني أنس بن مالك قال: "أصابت الناسَ سنةٌ على عهد النبي Object فبينا رسول الله Object على المنبر يخطب الناس في يوم جمعةٍ إذ قام أعرابي فقال: يا رسول الله! هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا. قال: فرفع رسول الله Object يديه، وما نرى في السماء قزعةً، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار سحابٌ كأمثال الجبال، ثم لم ينزل عن المنبر حتى رأيت الماء ينحدر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد ومن بعد الغد، والذي يليه حتى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الرجل الأعرابي، أو قام غيره، فقال: يا رسول الله! تهدَّم البناء، وغرق المال، فادع الله ك. فرفع رسول الله Object يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا. قال: فما يشير بيديه إلى ناحية من السحاب إلا تمزَّقت، حتى صارت المدينة مثل الجَوْبَة (٣)، وسال الوادي -وادي قناة (٤) - شهرًا،

⦗٤٢⦘ ولم يجيء رجلٌ من ناحية من النواحي إلا حدَّث بالجود عنه" (٥).


(١) مَزْيَد، بزاي ساكنة، العُذْري -بضم المهملة، وسكون المعجمة- البيروتي، بفتح الموحدة وآخره مثناة، توفي سنة (٢٧٠ هـ).
انظر: توضيح المشتبه (١/ ٦٧٧، ٦/ ٢٠٨، ٨/ ١١٩).
(٢) قال النسائي: "أثبت أصحاب الأوزاعي عبد الله بن المبارك، قال: والوليد بن مزيد أحبّ إلينا من الوليد بن مسلم، لا يخطئ ولا يدلّس"، وقال أبو داود: "كان عالما بالأوزاعي"، توفّي سنة (٢٧٠ هـ).
انظر: تهذيب الكمال (١٤/ ٢٥٨)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٣١، تقريب (٧٤٥).
(٣) الجوبة: -بفتح الجيم وإسكان الواو والباء الموحدة- وهي الحفرة المستديرة الواسعة، كل منفتق بلا بناء: جوبة، أي صار الغيم والسحاب محيطًا بآفاق المدينة.
النهاية (١/ ٣١٠)، شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ١٩٤).
(٤) وادي قناة: -بفتح القاف- واد بالمدينة، وهو أحد أوديتها الثلاثة، وهو وادٍ فحل يستسيل مناطق شاسعة من شرق الحجاز، تصل إلى مهد الذهب جنوبًا، وإلى أواسط حرة النار "حرة خيبر اليوم" شمالًا، وبينهما قرابة مائتي كيلًا، أما من الشرق فإنه يأخذ مياه الربذة ورحرحان والشُقران على قرابة "١٥٠ كيلٍ" من المدينة، وله روافد كبار، وكان إذا سال قد يقطع الطريق عن المدينة من جهة نجدٍ شهرًا أو نحوه.
انظر: معجم البلدان (٤/ ٤٥٥)، ومعجم المعالم الجغرافية (ص ٢٥٧).
(٥) أخرجه مسلم (الصحيح ٢/ ٦١٤) كتاب الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، ح ٩/ ٨٩٧، من طريق الأوزاعي به، نحوه، وسياق المصنف أتم.
والراوي عن الأوزاعي في صحيح مسلم هو الوليد بن مسلم الدمشقي (توفي سنة ١٩٤ أو ١٩٥ هـ) وهو كثير التدليس والتسوية، من المرتبة الرابعة -كما في التقريب (٧٤٥٦) وتعريف أهل التقديس (١٧٠) - وقد عنعنه عن شيخه، ووقع تصريحه عند البخاري (الصحيح مع الفتح ٢/ ٤٧٩).
والوليد بن مزيد قد تابعه هنا، وهو متقدم الوفاة عن الوليد بن مسلم، وأثبت في الأوزاعي منه مع البراءة من التدليس والتسوية، وهذا علو صفة وعلوّ معنوي، وهو من فوائد الاستخراج. والله أعلم.