للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٦٩٧ - حدَّثنا عيسى بن أحمد العَسْقَلاني، حدَّثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن هِشام بن عروة (١)، عن أبيه، عن عائشة "أنَّ رسول الله دخل عام الفَتْحِ من كَداءٍ (٢) أعلَى مكَّة (٣) ". وكانَ

⦗٢٥٠⦘ عروة أكثرَ ما يَدخلُ من كُدَىً (٤)، وكانتْ أَقْربها إلى منْزلِه.


(١) موضع الالتقاء مع مسلم.
(٢) كَدَاء: -بفتح الكاف والمدّ-: هو ما يعرف اليوم بريعِ الحُجون، يدخل طريقه بين مقبرتي المعلاة، ويفضي من الجهة الأخرى إلى حي العتيبية وجرول.
انظر: المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص ٢٦٢).
(٣) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا، والخروج منها … (٢/ ٩١٩، ح ٢٢٥)، عن أبي غريب، عن أبي أسَامة حمَّاد بن أسامة، عن هشام به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب: من أين يخرج من مكة؟ (ص ٢٥٦، ح ١٥٧٩) عن أحمد بن عيسى، عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث به.
هذا الحديث اختلف فيه على هشام وصلًا وإرسالًا:
فرواه سُفيان بن عيينة، وعمرو بن الحارث، وحفص بن ميسرة ثلاثتهم (كما عند البخاري ص ٢٥٦، ٧٢٦) عن هشام به موصولًا.
ورواه حاتم بن إسماعيل، ووهيب بن خالد (كما عند البخاري أيضًا ص ٢٥٦، =
⦗٢٤٩⦘ = ٧٢٦) عن هشام به مرسلًا، فلم يُسمّوا عائشة .
واختلف على أبي أسامة، فرواه عثمان بن أبي شيبة (كما عند المصنِّف برقم ٣٧٠٠) ومحمود بن غيلان (كما في صحيح البخاري ٢٥٦)، وأبو كريب (كما عند مسلم ٢/ ٩١٨)، والإمام أحمد (كما في مسنده ٦/ ٥٨)، عن أبي أسامة متصلًا موصولًا، ورواه عبيد بن إسماعيل (كما في صحيح البخاري ص ٧٢٦) عن أبي أسامة عن هشام به مرسلًا.
قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٥١٢): "اختلف على هشام بن عروة في وصل هذا الحديث وإرساله، وأورد البخاري الوجهين مشيرًا إلى أن رواية الإرسال لا تقدح في رواية الوصل، لأن الذي وصله حافظ، وهو ابن عيينة، وقد تابعه ثقتان، ولعله إنما أورد الطريقين ليستظهر بهما على وهْم أبي أسامة".
من فؤائد الاستخراج: أخرج المصنِّف هذا الحديث بسند صحيح متصل من طريق عمرو بن الحارث عن هشام بن عروة، وقد اختاره البخاري أيضًا، بينما هو عند مسلم من طريق أبي أُسَامة، وقد اختلف عليه في سند الحديث ولفظه، فأخرج البخاري في كتاب المغازي -باب دخول النَّبِيّ من أعلى مكَّة (ص ٧٢٦)، عن عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه مرسلًا، ورواه محمود بن غيلان كما عند البخاري (ص ٢٥٦) عن أبي أسامة بلفظ: "دخل عام الفتح من كَداءٍ، وخرج من كُدًا من أعلى مكة".
قال ابن حجر في الفتح: "كذا رواه أبو أسامة فقلبه، والصواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام: "دخل من كَدَاء من أعلى مكة"، ثم ظهر لي أنَّ الوهْمَ فيه ممن دون أسامة، فقد رواه أحمد عن أبي أسامة على الصواب".
انظر: مسند أحمد (٦/ ٥٨)، فتح الباري (٣/ ٥١٢). =
⦗٢٥٠⦘ = قلتُ: فقد انتقى مسلم الرواية المحفوظة سندًا ومتنًا عن أبي أسامة وأودعها كتابه، وإنما أخرج البخاري طريق محمود بن غيلان عن أبي أسامة المرسلة ليستظهر بها على وهم أبي أسامة أو من دونه في لفظ الحديث حسب ما تقدم من كلام ابن حجر.
(٤) قال الإمام النووي: "اختلفوا في ضبط كَدَاء هذه، قال جمهور العلماء بهذا الفن: "كداء بفتح الكاف وبالمد، هي الثنية بأعلى مكَّة، وبالقصر هي التي بأسفل مكة، وكان عروة يدخل من كليهما، وأكثر دخوله من كَداء، بفتح الكاف فهذا أظهر، وقيل: بالضم، ولم يذكر القاضي غيره".
قلتُ: يظهر من سياق الحديث وكلام هِشَام أن المقصود من اللفظة الثانية، "كُدًا"، هي التي بالضم والقصر: ثَنِيَّة تقع أسفل مكَّة كما تقدَّم، كما وردت في المصادر الحديثية الأخرى.
قال الحافظ ابن حجر في قوله: "وأكثر ما يدخل من كُدا": "بالضم والقصر للجميع".
وقال معلِّقًا على كلام هشام: "فيه اعتذار هشام لأبيه، لكونه روى الحديث وخالفه؛ لأنه رأى أن ذلك ليس بحتم لازم .. وكثيرًا ما يفعل غيره بقصد التيسير".
انظر: شرح مسلم للنووي (٩/ ٨)، فتح الباري (٣/ ٥١٢).