للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٧١٠ - حدثنا إبراهيم بن أبي دَاود الأسَدي (١)، حدثنا إبراهيم بن يحيى بن هانئ الشَّجَرِي (٢)، ح.

⦗٢٦٣⦘ وحدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمِي (٣)، حدَّثَنَا إبراهيم بن يحيى ابن هانئ الشَّجَرِي، قال: حدَّثَني أبِي (٤)، عن محمد بن إسحاق (٥) قال: حدثني محمد بن عبد الله بن شهاب (٦)، عن عمِّه (٧)، عن أنس بن مالك "أن النَّبِيّ دخل مكة وعلى رأسِه المِغْفَرُ" (٨).


(١) هو: إبراهيم بن أبي داود سُليمان الأسَدي، أبو إسحاق البُرُلُّسِيُّ.
(٢) هو: إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد ابن هانئ، الشَّجري -بفتح المعجمة، والجيم- كان ينزل الشجرة بذي الحليفة فنُسِب إليها. الأنساب للسَّمعاني (٣/ ٤٠٤).
قال أبو حاتم: "ضعيف"، وذكره ابن حبان في الثقات.
قال محمد بن إسماعيل التِّرمذي: "لم أر أعمى قلبًا من الشَّجري، قلت له: حدَّثكم إبراهيم بن سعد فقال: حدثكم إبراهيم بن سعد، وقلت: حدثك أبوك فقال: حدثك أبوك، وقال مرة: حدثني إبراهيم بن سعد ولم أسمعه منه".
قال الذهبي: "ضعَّفه ابن أبي حاتم ومشَّاه غيره".
وقال الحافظ ابن حجر: "ليِّن الحديث".
قلتُ: حالته لا تحتملُ التَّفرد، ولم أقف على أحدٍ تابعه عن أبيه يحيى.
انظر: الجرح والتعديل (٢/ ١٤٧)، الثقات (٨/ ٦٦)، تهذيب الكمال (٢/ ٢٣٠)، ميزان الاعتدال (١/ ٧٤)، تقريب التهذيب (ت ٢٩٩).
(٣) أبو إسماعيل التِّرمذي.
(٤) أبوه: يحيى بن محمد بن عباد ابن هانئ، الشَّجري -بفتح المعجمة، والجيم.
قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث"، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات، وروى له التِّرمذي.
وضعَّفه الذهبيُّ والحافظ ابن حجر، وزاد: "وكان ضريرا يتلقَّن".
قلتُ: هو مع ضعفِه لم أقف له على متابعٍ عن محمد بن إسحاق بن يسار.
انظر: الجرح والتعديل (٩/ ١٨٥)، الثقات لابن حبان (٩/ ٢٥٥)، تهذيب الكمال (٣١/ ٥٢٠)، الكاشف (٢/ ٣٧٥)، تقريب التهذيب (ت ٨٦٠٤).
(٥) ابن يَسَار، القُّرَشِيّ، المُطَّلبِي مولاهم.
(٦) هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهري، المدني، ابن أخي الزهري.
(٧) هو: محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شِهَاب الزُّهري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(٨) هذا إسناد ضعيف مُسَلْسَلٌ بتفرُّد عددٍ من الضُّعفاء بعضهم عن بعض، أمَّا متْن الحديث فصحيح ثابت عن الزُّهري من طرقٍ كما تبيَّن من تخريج أحاديث الباب.
وقد درج كثيرٌ من علماء المصطلح قديمًا وحديثا على التمثيل بهذا الحديث لفرد الثقة، وبعضهم سمَّاه بالشاذ الصَّحيح، وعَدُّوا الحديث من مفاريد مالك عن الزهري، =
⦗٢٦٤⦘ = ومن أولئك العُلَماء: ابن الصلاح، وابن رجب، وابن كثير، وابن الملقِّن، والعراقي، والسِّيوطي، والأبْناسي، وغيرهم.
وقد اعترض البعض الآخر من العلماء على هذا المثال لفرد الثقة، ومنهم الزَّركشي، والحافظ ابن حجر.
قال الزَّركشِي في نُكَتِه على ابن الصَّلاح: "لم ينفرد بذلك، فقد رواه غيره عن الزهري عن أنس".
وقال الحافظ ابن حجر في نكته على مقدمة ابن الصلاح متعقِّبًا على ابن الصلاح: "تفرَّد به مالك عن الزهري": "تعقَّبه شيخنا -يريدُ العراقيَّ، التقييد والإيضاح ص ١٠٥ - بأنه قد روى من غير طريق مالك، فرواه البزَّار من رواية ابن أخي الزهري، وابن سَعْدٍ في الطبقات (٢/ ١٣٩) وابن عديّ في الكامل (٤/ ١٨٣) جميعا من رواية أبي أويس".
قال: "ذكر ابن عدي في الكَامِل (٤/ ١٨٣) أنَّ معمرا رواه، وذكر المزيُّ في الأطراف (١/ ٣٨٩) أنَّ الأوزاعي رواه".
قلتُ: طريق الأوزاعي أخرجه تمَّام الرازي في فوائده (ح/ ٨٢٤) عن أبي القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم، عن أبي عمرو الأطروش الصرار، عن هشام بن خالد، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي به، إلا أن الحافظ ابن حجر صرَّح على حصول تدليس التَّسوية فيه من الوليد بن مسلم، وأن الأوزاعي لم يروه عن الزهري، بل رواه عن مالك عن الزهري.
ثمَّ سرد الحافظ ابن حجر أربعة عشر طريقًا عن الزُّهري غير الأرْبعة المذْكُورة، كلُّها لا تخلو من كلام، ثم قال بعد سرْدِها: "فهذه طرقٌ كثيرة غير طريق مالك، عن الزهري عن أنس فكيف يجمل ممن له ورع أن يتَّهم إماما من أئمة المسلمين بغير علم ولا إطلاع. =
⦗٢٦٥⦘ = ولقد أطلت في الكلام على هذا الحديث، وكان الغرض منه الذبُّ عن أعراض هؤلاء الحفَّاظ، والإرشاد إلى عدم الطعن والرد بغير اطلاع.
وآفة هذا كلُّه الإطلاق في موضع التقييد.
فقول من قال من الأئمة: إن هذا الحديث تفرد به مالك عن الزهري ليس على إطلاقه، إنما المراد به بشرط الصحة.
وقول ابن العربي: إنه رواه من طرق غير طريق مالك إنما المراد به في الجملة سواء صح أو لم يصح، فلا اعتراض ولا تعارض.
وما أجود عبارة الترمذي في هذا فإنه قال -بعد تخريجه-: "لا يعرف كبير أحد رواه عن الزهري غير مالك".
وكذا عبارة ابن حبان: "لا يصح إلا من رواية مالك، عن الزهري".
فهذا التقييد أولى من ذلك الإطلاق.
وهذا بعينه حاصل الكلام على حديث: "الأعمال بالنّيّات" والله الموفق" انتهى كلام ابن حجر.
قلتُ: يظهر من كلام الحافظ ابن حجر ، أن الحديث لم يصحَّ إلا عن مالك، ولكنَّه لم يتفرد به، بل رواه غيره أيضًا، فمن قال: "تفرد به مالك"، فإنه يرمي إلى أنه لم يصح إلا عن مالك، ومن قال: "لم يتفرَّد به مالك"، فإنما يريد بذلك أنَّ الحديث رواه غير مالك أيضًا، بغضِّ النظر عن الصِّحة وعدمها، وعلى مثل هذا التفسير يحمل كلام الزركشِي المتقدم.
انظر: مقدمة ابن الصلَّاح مع التقييد والإيضاح (ص ١٠٤، ١٠٥)، شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٦٣٠)، الباعث الحثيث لابن كثير (ص ٥٧)، شرح التبصرة والتذكرة (١/ ١٩٥)، المقنع في علوم الحديث لابن الملقِّن (ص ١٦٨)، النكت على ابن الصلاح للزَّركَشي (٢/ ١٤٩)، الشذا الفيَّاح للبرهان الأبناسي (١/ ١٨١)، =
⦗٢٦٦⦘ = النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٦٥٤ - ٦٧٠)، تدريب الراوي للسيوطي (١/ ٢٣٤).