ومحمد بن عُزَيز -بمهملة وزايين، مصغَّر- بن عبد الله العقيلي، ت سنة (٢٦٧ هـ). وثقه ابن أبي حاتم، والعقيلي، ومسلمة بن القاسم، وسعيد بن عثمان بن السكن، = ⦗١٨١⦘ = وذكره ابن حبان في الثقات، وتردَّد فيه النسائي فقال مرةً: "لا بأس به"، ومرة قال: "صويلح"، وقال مرة: "ضعيفٌ ليس بثقة". وقال أبو أحمد الحاكم: "فيه نظر"، وكان أحمد بن صالح المصري سئ الرأي فيه. وقال الذهبي: "صدوقٌ إن شاء الله"، وقال الحافظ ابن حجر: "فيه ضعفٌ، وتكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة"!؟ كذا في "التقريب" وفي "تهذيب الكمال" و "تهذيب التهذيب" أن سلامة ابن عمه، ولعله الصواب، والله أعلم. والظاهر أن قول الذهبي فيه أرجح من قول الحافظ ابن حجر، والله أعلم. ولعل في كلام الحافظ ما يشير إلى سبب تضعيفه وهو روايته عن ابن عمه ما لم يسمع منه، وهذا -إن ثبت- من نوع الإرسال الخفي لكونه معاصرًا له، وهو غير قادحٍ في عدالة من يتعاطاه. والذي تكلَّم في سماعه من سلامة هو: يعقوب بن سفيان الفسوي قال: "دخلت أيلة فسألت عن كتب سلامة بن روح وحديثه من محمد بن عُزَيز، وجهدت به كل الجهد، فزعم أنه لم يسمع من سلامة شيئًا وليس عنده من كُتُب سلامة، ثمَّ حدَّث بعد ذلك بما ظهر عنه من حديثه". وفي إسناد المصنِّف قول محمد بن عُزَيز: "حدثني سلامة" فهذا يعارضه ما سبق من نفي يعقوب بن سفيان لسماعه من سلامة، وقد ورد في أسانيد أخرى كثيرة عند المصنِّف في ح (٣٣٩)، وح (٤٢٤)، كما عند ابن عدي في "الكامل" (٣/ ١١٦٠)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/ ٤٥٢)، والمزي في "تهذيب الكمال" (٢٦/ ١١٦) يصرِّح فيه بالسماع من سلامة، فالله أعلم بالصواب، ومع هذا فقد توبع في حديثه هذا هنا. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨/ ٥٢)، الثقات لابن حبان (٩/ ١٣٧)، أسماء الضعفاء والكذابين لابن شاهين (ص ١٧٠ رقم ٥٨٧)، الأنساب للسمعاني = ⦗١٨٢⦘ = (١/ ٤٠٤)، تهذيب الكمال للمزي (٢٦/ ١١٥)، ميزان الاعتدال للذهبي (٣/ ٦٤٧)، تهذيب التهذيب (٩/ ٢٩٧)، التقريب (٦١٣٩)، معجم المعالم الجغرافية لعاتق البلادي (ص: ٣٥). (٢) بن خالد بن عقيل القرشي الأموي، أبو روح العقيلي، توفي سنة (١٩٧ هـ). ضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وابن قانع. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث"، وقال مسلمة بن القاسم: "لا بأس به" وتكلموا في سماعه من عمه عُقيل وقالوا: إن حديثه عن عُقيل من الكُتب، ولم يسمعها منه. قال أحمد بن صالح المصرى: "سألت عنبسة بن خالد بن يزيد ابن أخي يونس بن يزيد عن سلامة فقال: لم يكن له من السنِّ ما يسمع من عُقيل. قال: وسألت بأيلة، فأخبرني رجلٌ من ثقاتهم أنه لم يسمع من عُقَيل، وحديثه عن كتب عُقيل". وقال محمد بن مسلم بن وارة: "قال لي إسحاق بن إسماعيل -يعني الأيلي- ما سمعتُ سلامة قال قط: "حدثنا عُقيل". إنما كان يقول: "قال عقيل". فقلت: ما حالُ سلامة؟ قال: الكتب التي تروى عن عُقيلٍ صحاح". وكذا نفى سماعه من عُقيل: الدمياطي فيما نقله سبط ابن العجمي في حاشيته على الكاشف للذهبي (١/ ٤٧٥). وأثبت البخاري رحمه الله تعالى سماعه منه فقال: "سمع عُقيلًا"، والمثبت مقدم على النافي لأن معه زيادة علم خفيت على النافي، ولعلَّه من أجل ذلك ساقه الحافظ ابن حجر بصيغة التمريض فقال: "صدوق، له أوهام، وقيل: لم يسمع من عمه، وإنما يحدِّث من كتبه". ومع ثبوت سماعه من عُقيلٍ فالظاهر أنه ممن يحتاج إلى متابعٍ لتضعيف أبي حاتم، = ⦗١٨٣⦘ = وأبي زرعة، وابن قانع له، وقد تابعه هنا الليث بن سعد وهو ثقة، والحمد لله. انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٤/ ١٩٥)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٤/ ٣٠١)، الثقات لابن حبان (٨/ ٣٠٠)، تهذيب الكمال للمزي (١٢/ ٣٠٤)، تهذيب التهذيب لابن حجر (٤/ ٢٦٣)، التقريب (٢٧١٣). (٣) يعقوب بن سفيان الفسوي، صاحب المعرفة والتاريخ. (٤) في (م): "أبو بكير"، وهو خطأ، وهو: يحيى بن عبد الله بن بُكَير المخزومي مولاهم المصري وقد يُنسب إلى جده، توفي سنة ٢٣١ هـ. التقريب (٧٥٧٩). قال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتجُّ به، كان ممن يفهم هذا الشأن"، وضعفه النسائي. ووثقه ابن معين في حديثه عن الليث، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطني، والخليلي والساجي، وابن قانع، وابن ناصر الدين الدمشقي، والذهبي، وأُخرج له في الصحيحين. وذكر الحافظ أن البخاري ينتقي من حديث شيوخه، وهنا روايته عن الليث، وقد وثقه في الليث خاصة ابن معين -كما سبق-، وابن عدي وغيرهما. وتُكُلِّم في روايته الموطأ عن مالك؛ لأنه سمعه بعرض حبيب بن أبي حبيب وهو شرُّ عرضٍ كما قال ابن معين. وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة في الليث، وتكلَّموا في سماعه من مالك". انظر: تاريخ ابن مرثد الطبراني عن ابن معين (ص: ٤٩)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ١٦٥)، الضعفاء للنسائي (ص ٢٤٨)، الثقات لابن حبان (٩/ ٢٦٢)، الإرشاد للخليلي (١/ ٢٦٢)، ميزان الاعتدال للذهبي (٤/ ٣٩١)، شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٨٣٠)، هدي الساري (ص: ٤٧٥)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (١١/ ٢٠٧)، التقريب (٧٥٨٠)، شذرات الذهب لابن العماد (٢/ ٧١). (٥) ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري. (٦) بضم أوله: ابن خالد بن عَقِيل -بالفتح- الأيلي، أبو خالد الأموي مولاهم، في الطبقة الأولى من طبقات أصحاب الزهري. شرح العلل لابن رجب (٢/ ٦١٣)، التقريب (٤٦٦٥). (٧) ابن علي بن عبد الله بن عباس القرشي، أبو أيوب. (٨) ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي. (٩) في (ط) و (ك): "كليهما عن ابن شهاب أنه قال". (١٠) في (م): "يشهد"، وهو خطأ. (١١) في (م): "فقال". (١٢) أي: "في مكانٍ أتخذه مصلى" ولفظ مسلم "فتخط لي مسجدًا"، فلعلَّ ما ههنا على تضمين قوله: "فتصلِّي" معنى "فتخطَّ"، والله أعلم. (١٣) سقطت كلمة: "فصلى" من (م). (١٤) الخَزِيرة: لحمٌ يُقَطَّع صغارًا ويُصبُّ عليه ماءٌ كثيرٌ، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق. النهاية لابن الأثير (٢/ ٢٨). (١٥) ثابوا أي: اجتمعوا. شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ١٦٠). (١٦) ابن دُخْشُم: بضم الدال المهملة وإسكان الخاء وضم الشين المعجمة وبعدها ميم، وقيل: دخشن بالنون، وقيل بتصغيرهما، وقيل غير ذلك. وهو من الأنصار، لم يختلف في شهوده بدرًا وما بعدها من المشاهد، قال ابن عبد البر: "لا يصح عنه النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه". وقال النووي: "وقد نصَّ النبي ﷺ على إيمانه باطنًا وبراءته من النفاق بقوله ﷺ في رواية البخاري ﵀: "ألا تراه قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله تعالى" فهذه شهادة له من النبي فيه بأنه قالها مصدقًا به معتقدًا صدقها متقربًا بها إلى الله تعالى، وشهد له في شهادته لأهل بدرٍ بما هو معروف". انظر: الاستيعاب (٣/ ١٣٥٠)، شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ٢٤٣). أقول: رواية البخاري التي أشار إليها النووي أخرجها في صحيحه -كتاب التهجد- = ⦗١٨٦⦘ = باب صلاة النوافل جماعة (الفتح ٣/ ٧٢ ح ١١٨٥). (١٧) سقطت صيغتا الثناء على الله ﷿ من (ط) و (ك). (١٨) في (م): "ابتغي". (١٩) في (ط) و (ك): "قبل" بدون حرف الجر. (٢٠) قول الزهري هذا وتفسيره لم يورده مسلم من هذا الطريق، بل أورده من طريق معمر -وهي الرواية الآتية عند المصنِّف- في نهاية الحديث مختصرًا. وقد أخرج الآجري في "الشريعة" بابٌ في المرجئة وسوء مذاهبهم عند العلماء (ص: ١٤٤) بسنده عن الضحاك بن مزاحمٍ أنهم ذكروا عنده حديث "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة" = ⦗١٨٧⦘ = فقال: هذا قبل أن تحدَّ الحدود، وتنزل الفرائض". ثم فسَّره الآجري ﵀ فقال: "اعلموا -رحمنا الله تعالى وإياكم- أن الله ﷿ بعث نبيَّه محمدًا ﷺ إلى الناس كافة، ليقروا بتوحيده، فيقولوا: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" فكان من قال هذا موقنًا من قلبه، ناطقًا بلسانه أجزأه، ومن مات على هذا فإلى الجنة، فلما آمنوا بذلك، وأخلصها توحيدهم، فرض عليهم الصلاة بمكة، فصدقوا بذلك، وآمنوا، وصلَّوا، ثم فرض عليهم الهجرة، فهاجروا وفارقوا الأهل والأوطان، ثم فرض عليهم بالمدينة الصيام، فآمنوا وصدقوا وصاموا شهر رمضان، ثم فرض عليهم الزكاة، فآمنوا وصدقوا وأدوا ذلك كما أُمِروا، ثم فرض عليهم الجهاد، فجاهدوا البعيد والقريب، وصبروا وصدقوا، ثم فرض عليهم الحجَّ، فحجوا وآمنوا به، فلما آمنوا بهذه الفرائض، وعملوا بها تصديقًا بقلوبهم، وقلًا بالسنتهم، وعملًا بجوارحهم، قال الله ﷿: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] وقال ﷿: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)﴾ [آل عمران: ٨٥] .... " إلى أن قال: "ثمَّ بيَّن النبي ﷺ لأمته شرائع الإسلام، حالًا بعد حالٍ، وسنذكرها إن شاء الله تعالى، وهذا رحمكم الله تعالى طريق المسلمين، فإن احتجَّ محتجٌّ بالأحاديث التي رويت "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة"، قيل له: هذه كانت قبل نزول الفرائض، على ما تقدم دكرنا له، وهذا قول علماء المسلمين، ممن نعتهم الله ﷿ بالعلم، وكانوا أئمة يقتدى بهم، سوى المرجئة الذين خرجوا عن جملة ما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان، وقول الأئمة الذين لا يُسْتوحَشُ من ذكرهم في كلِّ بلد". كتاب الشريعة (ص: ١٠١ - ١٠٢). ثم ساق رحمه الله تعالى بإسناده إلى ابن عباس، وإلى ابن عيينة من أقوالهم ما يؤيِّد به قوله، حتى لا يتمسَّك بهذه الأحاديث المرجئة ونحوهم ممن يقول أن الإيمان قول فقط، ويَدَعُونَ العمل، وهذا ما خشي منه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ حينما قال - = ⦗١٨٨⦘ = كما في الحديث السابق برقم (٨١) -: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله يتَّكلُ الناس ولكن اتركهم فيعملون". (٢١) في (ط) و (ك): "غزاة"، والمقصود بها الغزوة التي مات فيها حين خرج مع يزيد كما جاء في مصنَّف عبد الرزاق (٥/ ٢٧٨) من طريق محمود بن الرَّبيع أن أبا أيوب الأنصاري غزا مع يزيد بن معاوية الغزوة التي مات فيها. وذكر الحافظ ابن حجر أن ذلك كان سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وخمسين، وهو أكثر. الإصابه (٢/ ٢٣٥). (٢٢) أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها ما يلتقى بالأسانيد التي هنا وهي: في كتاب التهجد -باب صلاة النوافل جماعة (الفتح ٣/ ٧٢ ح ١١٨٥) من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري به. وفي كتاب الأطعمة -باب الخَرِيزَة (الفتح ٩/ ٤٥٣ ح ٥٤٠١) من طريق يحيى بن بكير عن الليث به. وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة -باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر (١/ ٤٥٥ ح ٢٦٣) من طريق يونس عن الزهري به. فائدة الاستخراج: تفسير الزهري أورده المصنِّف بأطول مما عند صاحب الأصل. (٢٣) سبق أن عُقَيلًا كان يقول: "دخشم" بالميم، وهذا وجهٌ آخر كان يذكر به والد مالك وهو "دخشن" فيحتمل أن عُقَيلًا نفسه كان يأتي به على الوجهين، وقد سبق أن ضبط "دخشم" بأكثر من وجه، ويحتمل احتمالًا آخر وهو أن يكون الاختلاف ممن رواه عن عُقَيل فإنه جاء عنه من طريقين: طريق سلامة بن روح، وطريق الليث، ولم أقف على تعيين لفظ أحدهما عن الآخر بالنظر في الطرق الأخرى للحديث.