للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥٠١٠ - حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني سليمان بن بلال، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: أخبرني عبيد بن حُنين أنه سمع عبد الله بن عباس قال: "مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فلا أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج

⦗٦٠٢⦘ حاجًّا فخرجت معه. فلما رجع، فكّنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك (١) في حاجة. فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه. فقلت: يا أمير المؤمنين، من اللتين تظاهرتا على رسول الله من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة، فقلت له: والله إنْ كنتُ لأُريد أَنْ أسألك عن هذه منذ سنة فما أستطيع هيبةً لك. قال: فلا تفعل، ما ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي من علمٍ فَسَلْني فإنْ كنت أعلَمُهُ أَخْبَرْتُكَ، وقال عمر: والله إِنْ كُنّا في جاهلية ما نعُدُّ للنساءِ أَمْرًا حتى أنزل الله ﷿ فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم. قال: فبينا أنا في أمرٍ أَأْتمره، فقالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا فقلت لها: وما لك أنت ولم هاهنا؟ وما تَكَلُّفُكِ في أمرٍ أُريدُهُ؟ فقالت: واعجبا لك يا ابن الخطاب، قالت: ما تريد أن تراجع أنت وإنَّ ابنتك لتُراجع رسول الله حتى يَظَلَّ يومَهُ غضبان؟ قال عمر: فأخذت ردائي ثم أَخرجُ مكَانِي حتى أَدْخُلَ على حفصة، فقلت لها: يا بنيةُ، إنَّك لتراجعين رسول الله حتى يظل يومه غضبان؟ فقالت حفصة: والله إِنّه ليراجعنه (٢) فقلت: تعلمين أنِّي أحَذِّرك عقوبة الله وغضب رسوله؟ يا بنيَّةُ لا يغرنَّكِ هذه التي قد أَعجبها حُسْنُها وحب رسول الله إياها، ثم خرجتُ حتى أدخُلَ على أم سلمة

⦗٦٠٣⦘ لقرابتِي منها، فكلمْتُها، فقالت لي أُمُ سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب، قد دخَلْتَ في كل شيء حتى تَبْتَغي أن تدخل بين رسول الله وبين أزواجه، فأَخذَتْني والله أَخْذًا كَسَرتْني عن بعض ما كنت أجد (٣) وكان لي صاحب من الأنصار، إذا غبت أنا أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن حينئذ نتخوف ملكا من ملوك غسان ذُكِرَ لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فأتاني صاحبي الأنصاري فدق الباب، فقال: افتح، افتح، فقلت: جاء الغسانيُّ؟ فقال: أشد من ذلك.

اعتزل (٤) رسول الله أزواجه فقلت: رَغِمَ أَنْفُ حفصة وعائشة.

ثم أخذت ثوبي فأَخْرُج حتى جئت، فإذا رسول الله في مشربة له يرتقي إليها بعجلة (٥) وغلام لرسول الله أسود على رأس الدرجة، فقلت: هذا عمر، فَأُذِن لي، قال عمر: فقصصت على رسول الله الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله ، وإنَّهُ على حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أَدَمٍ (٦) حشوها ليف،

⦗٦٠٤⦘ وإن عند رجليه قَرْظًا (٧) مصبوغًا (٨)، وعند رأسه أُهُبًا (٩) معلقة، فرأيت أَثر الحصير في جنب رسول الله فَبَكيتُ، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وإنك رسول الله ؟ فقال: أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولنا الآخرة" (١٠).


(١) الأراك: هو شجر معروف له حملُ كعناقيد العنب، واسمه الكَباث. النهاية ١/ ٤٠.
(٢) في مسلم: "إنا لنراجعه".
(٣) غير واضحة في الأصل، فأثبتها من صحيح مسلم.
(٤) في الأصل "عزل"، وما أثبته من صحيح مسلم.
(٥) بعجله: العجلة هو أن ينقر الجذع ويُجعل فيه مثل الدرج ليصعد فيه إلى الغرف. النهاية ٣/ ١٨٦.
(٦) أدَم، من الأديم: الجلد أيا ما كان، وقيل هو المدبوغ، وقيل: هو بعدم الأفيق، وذلك إذا تمَّ واحمر. النهاية ١/ ٣٢، لسان العرب ١٢/ ٩.
(٧) القرظ: أوراق السَّلَم. النهاية ٤/ ٤٣.
(٨) هكذا في الأصل. وفي مسلم "مضبورًا" بالمعجمة. وفي البخاري: بالمهملة. قال النووي: وقع في بعض الأصول مضبورًا بالضاد المعجمة، وفي بعضها بالمهملة، وكلاهما صحيح. أي مجموعًا. شرح مسلم ١٠/ ٣٢٨.
(٩) أهبًا: بفتح الهمزة والهاء، وبضمهما. لغتان مشهورتان. جمع إهاب. وهو الجلد. وقيل إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا. النهاية ١/ ٨٣.
(١٠) أخرجه مسلم في صحيحه، تحت الكتاب والباب السابق (٢/ ١١٠٨ - ١١١٠) - ح ٣١ - عن هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا عبد الله بن وهب، به. مثله.
والبخاري في صحيحه، في التفسير، سورة التحريم - ح ٤٩١٣ - عن عبد العزيز، عن سليمان بن بلال، به. بألفاظ متقاربة.
فوائد الاستخراج:
١ - ذُكر الراوي "يحيى" مهملا عند مسلم، وقد مُيز عند أبي عوانة بذكر اسم أبيه.
٢ - تساوي رجال الإسنادين، وهذا "مساواة".