للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٦٩ - حَدثنا يحيى بن أبي طالب (١)، حدثنا أزهر بن سعد

⦗٤٢٣⦘ السمان (٢)، أخبرنا ابن عَون (٣) قال: أنبأني موسى بن أنس (٤)، عَن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ Object افتقدَ ثابت بن قيس، فقال رسول الله Object: "مَن يعلم لي علمَهُ؟ "، فقال له رجلٌ: أنا يا رسول الله، فأتاه في منزله فوجَده جَالسًا في بيتٍ مُنَكِّسَ رأسِهِ، فقال: ما شأنك؟ قال: شرٌّ، كنتُ أرفَعُ صَوْتي فوقَ صَوت رسول الله Object، فقد حَبط عَملُهُ وهوَ مِن أهلِ النار (٥).

فرجَع إلى رسول الله Object فأخبَرَه، قال موسى بن أنس: فرجَع

⦗٤٢٤⦘واللهِ- إليه في المرّة الأَخيرةِ ببشارةٍ عَظيمةٍ، فقال: "اذهَبْ، فقل له: إنَّك لستَ من أهل النار، ولكنك من أهل الجنَّة" (٦).


(١) هو: يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الزِّبْرِقان، أبو بكر البغدادي، توفي سنة (٢٧٥ هـ).
قال أبو حاتم: "محله الصدق"، وقال الدارقطني: "لا بأس به، ولم يطعن فيه أحدٌ بحجة"، وقال البرقاني: "أمرني الدارقطني أن أخرج عن يحيى بن أبي طالب والحارث بن أبي أسامة في الصحيح"، وقال مسلمة بن القاسم: "لا بأس به، تكلَّم الناس فيه"، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الآجري: "خط أبو داود على حديث يحيى بن أبي طالب"، وقال موسى بن هارون: "أشهد على يحيى بن أبي طالب أنه يكذب" -وعقَّب الذهبي بقوله: "يريد في كلامه، لا في الرواية"-، وقال أبو أحمد الحكم: "ليس بالمتين".
فهو صدوقٌ إن شاء الله تعالى، إذا لم يخالف. =
⦗٤٢٣⦘ = انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ١٣٤)، الثقات لابن حبان (٩/ ٢٧٠)، سؤالات الحكم للدارقطني (ص: ١٥٩)، تاريخ بغداد للخطيب (١٤/ ٢٢٠)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٢/ ٦٢٠)، لسان الميزان لابن حجر (٦/ ٣٦٣).
(٢) أبو بكر الباهلي مولاهم البصري، ثقة، من أثبت أصحاب ابن عون، لم يصب من ضعَّفه.
انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢/ ٣١٥)، تهذيب الكمال للمزي (٢/ ٣٢٣)، الميزان للذهبي (١/ ١٧٢)، تهذيب التهذيب لابن حجر (١/ ١٨٣)، التقريب (٣٠٧).
(٣) هو: عبد الله بن عون بن أَرْطَبَان المُزَني مولاهم، أبو عون البصري.
(٤) ابن مالك الأنصاري، قاضي البصرة.
(٥) كذا في النسخ كلها، وفي رواية البخارى: "كان يرفع صوته فوق صوت النبي Object فقد حبط عمله … ".
قال الحافظ ابن حجر: "كذا بلفظ الغيبة، وهو التفات". الفتح (٦/ ٧١٨).
ولعلَّ استعمال الراوى لأسلوب الالتفات لتحاشي نسبة حبوط العمل، ودخول النار إلى النفس حتى لو كان المقصود به الحكاية عن الغير.
(٦) لم يخرجه مسلم من طريق موسى بن أنس، وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المناقب- باب علامات النبوة في الإسلام (الفتح ٦/ ٧١٧ ح ٣٦١٣) عن علي بن عبد الله عن أزهر بن سعدٍ به. وأخرجه أيضًا في كتاب التفسير من نفس الطريق -باب: ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ. . .﴾ (الفتح ٨/ ٤٥٤ ح ٤٨٤٦).
تنبيه:
استشكل ذكر سعد بن معاذ في هذا الحديث -كما في الرواية الأولى في الباب؛ لأن الآية نزلت في قصة الأقرع بن حابس عام الوفود سنة تسع من الهجرة، وسعد بن معاذ مات بعد غزوة بني قريظة سنة خمس، وأجاب الحافظ ابن حجر بجوابين:
أحدهما قال: "يمكن الجمع بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت، والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة وهو قوله: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحجرات: ١]، وقد نزل من هذه السورة سابقًا أيضًا قوله: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [الحجرات: ٩]، فقد تقدم في كتاب الصلح من حديث أنس أنها نزلت في قصة عبد الله بن أبي بن سلول، وفي السياق: "وذلك قبل أن يسلم عبد الله -أي: ابن سلول-" وكان إسلام عبد الله بعد وقعة بدر".
والثاني قال: "وروى ابن المنذر في تفسيره من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة عن أنس في هذه القصة "فقال: سعد بن عبادة: يا رسول الله هو جاري" الحديث، وهذا أشبه بالصواب لأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى". الفتح (٦/ ٧١٧ - ٧١٨).
غير أن الحافظ ابن حجر عاد فقال عند شرح الحديث في كتاب التفسير: "هو =
⦗٤٢٥⦘ = سعد بن معاذ بينه حماد بن سلمة في روايته لهذا الحديث عن أنس، وقيل: هو عاصم بن عدي، وقيل: أبو مسعود والأول المعتمد". الفتح (٨/ ٤٥٧).
وذهب إلى تعليل رواية حماد بن سلمة أيضًا الحافظ ابن كثير في "تفسيره" بعد أن ذكر طريق سليمان بن المغيرة، وجعفر بن سليمان، والمعتمر بن سليمان عن أبيه كلهم عن ثابت عن أنس قال: "فهذه الطرق الثلاث معلِّلة لرواية حماد بن سلمة فيما تفرَّد به من ذكر سعد بن معاذ Object، والصحيح أنه حال نزول هذه الآية لم يكن سعد بن معاذ Object موجودًا؛ لأنه كان قد مات بعد بني قريظة بأيام قلائل سنة خمسٍ، وهذه الآية نزلت في وفد بني تميم، والوفود إنما تواتروا في سنة تسع من الهجرة، والله أعلم". تفسير ابن كثير (٤/ ٢٢١).
ولعل الإمام مسلمًا رحمه الله تعالى أراد أن يشير إلى غرابة ذكر سعد بن معاذ في الحديث، فكان يقول بعد إيراد الأسانيد الأخرى -غير إسناد حماد بن سلمة-: "ولم يذكر فيه سعد بن معاذ" وقد سبق الكلام عند تخريج ح (٦٥) أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، ونقل الإمام مسلم إجماع أهل الحديث على ذلك، إلا أن أبا حاتم قدَّم سليمان بن المغيرة عليه في ثابت.
ولعل تقديم أكثر السلف حماد بن سلمة في ثابت في الجملة، وليس في كلِّ حديث بعينه، فإنه قد يهم كما يهم غيره، وقد ساء حفظه في الآخر، قال الحافظ ابن حجر: "استشهد به البخاري تعليقًا، ولم يخرج له احتجاجًا ولا مقرونًا ولا متابعة إلا في موضعٍ واحد قال فيه: قال لنا أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة. . .". هدي الساري (ص: ٤١٩).
فإذا انضمَّ إلى سليمان بن المغيرة -في مخالفة حماد بن سلمة-: جعفر بن سليمان، وسليمان بن طرخان التيمي فلعل تقديم روايتهم على رواية حماد أولى، والله أعلم.
تنبيه:
قصة الأقرع بن حابس ونزول آية الحجرات فيه في صحيح البخاري (الفتح ٨/ ٤٥٤ =
⦗٤٢٦⦘ = ح ٤٨٤٥).