للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٧٠ - حَدثَنا يزيد بن سنان (١)، وإبراهيم بن مرزوق (٢) البصْريين (٣)، والصَّاغانيُّ، وسُليمان بن سَيفٍ قالوا: حدثنا أبو عَاصم (٤)، حدثنا حيوة بن شريح (٥)، حَدثني يزيدُ بن أبي حَبيب (٦)، عن ابن شِمَاسةَ المَهْرِيُّ (٧) قال: حَضرنا عَمرو بن العاص وهو في سياقةِ الموت (٨)، وَولَّى وجْهَه الحائط

⦗٤٢٧⦘ فجعَل [يبكي] (٩) طويلًا، فقال له ابنُه: ما يُبكيْكَ؟ أَما بشَّرك رَسول الله بكذا؟ أما بشَّرك رسولُ الله بكذا (١٠)؟

قال: ثَّم أقتل بوجهِهِ فقال: إنَّ أفضَل ما تَعُدُّ عليَّ شَهادة أَن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، إنِّي قد رأيتُني على أطباق (١١) ثلاثٍ: لقد رأيتُني وما أحَدٌ (١٢) من الناس أبغَضُ إليَّ من رسول الله ولا أحَبُّ إليَّ من أن أكونَ قد اسْتمكنتُ منه فقَتلتُهُ، فلو مُتُّ على تلك الحال لكنتُ من أهل النار، فلما جعل الله الإسلامَ في قلبي أَتَيْتُ رَسولَ الله فقلتُ: يا رسول الله ابْسطْ يدَك لأُبايعك، فبَسَطَ يمينَهُ فَقَبَضْتُ يدي، فقال: "ما لك يا عَمرو"؟ فقلتُ: أردت أن أشترِطَ، فقال: "تشترط مَاذا (١٣) "؟ قلتُ: يُغْفَرُ لي، فقال: "أما علمتَ يا عَمرو أنّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبلَه، وَأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وَأنَّ الحجَّ يَهدم ما كان قبلَه"؟ فبايعْتُه، فما (١٤) كان أحَدٌ أجَلَّ في عيني منه، إنِّي لم أكن أسْتَطيعُ أن أملأ عيني منهُ إِجْلالًا له (١٥)، فلو سُئلْتُ أن

⦗٤٢٨⦘ أَصِفَه ما أطقْتُ، لأنِّي لم أكن أملأ عيني منه، فَلو مُتُّ على تلك الحال لرجوتُ أن أكونَ من أهلِ الجنَّةِ.

ثمَّ وَلِيْنَا أشْياءَ لا أدْري ما حَالي فيها، فإذا أنا مُتُّ فلا تتبَعني نائحةٌ ولا نارٌ، فإذا دَفَنتموني في قبري فسُنُّوا -أو شُنُّوا (١٦) - عليَّ التراب سنًّا فإذا فرغتم مِن دَفني فأقيموا عندَ قبري قدرَ ما ينحر (١٧) جَزورٌ ويُقسم لحمها، حَتى أعلمَ مَا أُراجع به رُسلَ ربي، فإنِّي أستأنسُ بكم (١٨).

معنى حديثهم واحد.


(١) ابن يزيد بن الذَّيَّال القرشي الأموي، أبو خالد القزاز.
(٢) ابن دينار الأموي، أبو إسحاق.
(٣) كذا وعليها ضبة في النسخ كلها، ولعلها على تقدير: "أعني البصريين".
(٤) الضحاك بن مخلد الشيباني النبيل البصري.
(٥) ابن صفوان التُّجِيبي، أبو زرعة المصري الفقيه.
(٦) أبو رجاء المصري، واسم أبي حبيب: سويد.
(٧) هو: عبد الرحمن بن شِمَاسة -بكسر المعجمة، وتخفيف الميم، بعدها مهملة- بن ذُؤيب المَهْري -بفتح الميم وسكون الهاء- المصري، كذا ضبط الحافظ ابن حجر: شماسة، وضبطه النووي نقلًا عن صاحب المطالع: بفتح الشين المعجمة وضمها.
والمَهْري ضبطه هكذا السمعاني، وتبعه ابن الأثير، وابن حجر، وخالفهم ياقوت الحموى فقال: "الصحيح مَهَرة بالتحريك وجدته بخطوط جماعة من أئمة العلم القدماء لا يختلفون فيه".
وهي نسبة إلى مَهرَة بن حيدان بن الحاف بن قُضاعة قبيلة كبيرة.
انظر: الأنساب للسمعاني (١١/ ٥٣٩)، معجم البلدان لياقوت (٥/ ٢٧٠)، اللباب لابن الأثير (٣/ ٢٧٥)، شرح مسلم للنووي (٢/ ١٣٧)، التقريب (٣٨٩٥).
(٨) بكسر السين، أي: حال حضور الموت. شرح النووي على صحيح مسلم (٢/ ١٣٧).
(٩) في الأصل: "نبكي"، ولعله سبق قلم.
(١٠) كلمة "بكذا" سقطت من (ط)، و (ك).
(١١) أي: على أحوالٍ. شرح مسلم للنووي (٢/ ١٣٧).
(١٢) في (ك): "وما أجد".
(١٣) في (م): "أتشترط ماذا" ولعل الألف زائدة سهوًا.
(١٤) في (ط) و (ك): "وما".
(١٥) كلمة: "له" سقطت من (ط) و (ك).
(١٦) ليست في (ط) و (ك) كلمة "أو شنوا"، ورواية مسلم: "فشنوا على التراب شنا"، قال النووي: "ضبطناه بالسين المهملة وبالمعجمة، وكذا قال القاضي عياض أنه بالمعجمة والمهملة، قال: وهو الصبُّ، وقيل: بالمهملة: الصب في سهولة، وبالمعجمة: التفريق".
شرح النووي لصحيح مسلم (٢/ ١٣٨).
(١٧) كذا في (م)، وفي النسخ الأخرى ليست واضحة بالتاء أم بالياء، وفي مسلم بالتاء.
(١٨) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب كون الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الهجرة والحج (١/ ١١٢ ح ١٩٢) عن محمد بن المثنى، وأبي معن الرَّقاشي، وإسحاق بن منصور كلهم عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد به.