للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٩١٤ - حدثنا أحمد بن محمد بن [عثمان] (١) الثقفي، قال: حدثنا

⦗٩٥⦘ الوليد بن مسلم (٢)، قال: حدثنا أبو عمرو ح.

حدثني العبّاس بن الوليد (٣)، قال: أخبرني أبي، أخبرنا الأوزاعي (٤)، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: لما فتح الله على رسوله مكة قتلت هذيل (٥) رجلًا من بني سليم (٦) بقتيل كان لهم في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله ، فقام، فقال: "إنّ الله حبس الفيل عن مكة، وسلّط عليهم رسولَه والمؤمنين، وإنّها لم تحل لأحدٍ قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وإنها ساعتي هذه! وهي حرام لا يُعضد شجرها، ولا يختلى شوكها، ولا يَلْتَقط ساقطتها إلا المنشد، ومن قُتِل له قتيل فهو بأحد النظرين: إمّا أنْ يقتل، وإمّا أنْ يفدى"، فقام رجل من أَهل اليمن يقال له أبو شاه، فقال: يا رسول الله اكتبوا لي، فقال

⦗٩٦⦘ رسول الله اكتبوا لي، فقال رسول الله : "اكتبوا لأبي شاه"، ثمّ قام عبّاس فقال: يا رسول الله! إلّا الإذخر (٧)، فإنّا نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله : "إلّا الإذخر" (٨). فقلنا: ما قول أبي شاه: اكتبوا لي وقول النبي لأبي شاه؟ فقال أبو عمرو الأوزاعي: يريد خطبة النبي هذه (٩). وقال بعضهم: "ولا تحل لقطتها إلّا

⦗٩٧⦘ لمنشد".

قال أبو عوانة: اختلفوا في تأويل المنشد، فقيل: هو رب اللقطة لا يحل التقاطها إلا له (١٠)، وقيل: المنشد هو: المعرف الذي يعرفها، ولا يحل له منها إلا تعريفها (١١)، وقيل: طالب اللقطة هو ناشد (١٢)، واحتج بأنّ النبي قال: "يا أيها الناشد، غيرك الواجد" (١٣)، وقال الشاعر (١٤):

⦗٩٨⦘ ويُصِيخُ (١٥) أحْيانا كما استـ … ـمع المضل لصوت ناشد (١٦).


(١) في ك: (علي)، والتصويب من: (ل)، ومن إتحاف المهرة لابن حجر (٦/ ٢٩١/ أ) النسخة التركية.
(٢) الوليد بن مسلم هو موضع الالتقاء مع مسلم في إسناد أبي عوانة الأول.
(٣) وقع في: (ك) وفي المطبوع: "أبو العبّاس بن الوليد"، وهو خطأ، والتصويب من: (ل)، وسنن أبي داود (٤/ ٦٤٥) وغيره، ومن مصادر ترجمته، وسيأتي في الحديث رقم (٦٩٥٣).
وهو: العبّاس بن الوليد بن مزيد العُذْري، أبو الفضل البيروتي.
(٤) أبو عمرو الأوزاعي هو موضع الالتقاء مع مسلم في إسناد أبي عوانة الثاني.
(٥) هذيل: وهم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
انظر: نهاية الأرب للقلقشندي (ص: ٣٨٧)، معجم قبائل العرب (٣/ ١٢١٣).
(٦) سُليم: -بضم السين- قبيلة عظيمة من قيس عيلان، وهم بنو سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس. نهاية الأرب للقلقشندي (ص: ٢٧١).
(٧) "الإِذْخِر": -بكسر الهمزة- حشيشة طيبة الرائحة، تسقف بها البيوت فوق الخشب. النهاية (١/ ٣٣)، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (ص: ١٥١)، لسان العرب (٤/ ٣٠٣) مادة: ذخر.
(٨) نهاية (ل ٥/ ١٧٣ /ب).
(٩) أخرجه مسلم: (كتاب الحج -باب تحريم مكة وصيدها، وخلاها، وشجرها، ولقطتها إلّا لمنشد، على الدوام - ح (٤٤٧)، ٢/ ٩٨٨).
وأخرجه البخاري: (كتاب الديات -باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين - ح (٦٨٨٠)، (١٢/ ٢١٣ - ٢١٤ فتح).
وفي البخاري ومسلم من طريق شيبان عن يحيى بن أبي كثير به … "أنّ خزاعة قتلت رجلًا من بني ليث … ".
وفي منتقى ابن الجارود (٢/ ١١٧)، والسنن الكبرى للبيهقي (٨/ ٥٣) من طريق العباس بن الوليد به "قتلت هذيل رجلًا من بني ليث … ".
* من فوائد الاستخراج: متابعة الوليد بن مزيد العذري للوليد بن مسلم في روايته عن الأوزاعي، وقد قال النسائي: "الوليد ابن مزيد أحب إلينا في الأوزاعي من الوليد بن مسلم لا يخطيء ولا يدلس"، وقال أبو بكر محمد بن يوسف بن الطباع: "الوليد بن مزيد أثبت أصحاب الأوزاعي". -كما تقدم في ترجمته-.
(١٠) حكاه أبو عبيد في غريبه، ولم ينسبه لمعين، وتعقبه. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٢/ ١٣٢ - ١٣٤).
(١١) وهو قول عبد الرحمن بن مهدي، وأبي عبيد، وهو أيضًا قول للشافعي ورواية عن أحمد. انظر: المصدر السابق، والمغني لابن قدامة (٨/ ٣٠٥ - ٣٠٧).
(١٢) هذا القول عائد إلى القول الثاني بأن المنشد هو المعرّف، والناشد هو الطالب.
وهناك قول ثالث ساقه أبو عبيد في غريبه - وهو أنه أراد بقوله: "إلا المنشد" أراد به إن لم ينشدها فلا يحل له الانتفاع بها، فإذا أنشدها فلم يجد طالبَها حلّت له.
وتعقبه بقوله: ولو كان هكذا لما كانت مكة مخصوصة بشيء دون البلاد، لأن الأرض كلها لا تحل لقطتها إلّا بعد الإنشاد إن حلّت أيضًا، وفي الناس من لا يستحلها.
وقد عزا القول الثالث ابن قدامة في المغني إلى ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وابن المسيب، ومالك، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد، ومذهب للشافعي. انظر: المصدرين السابقين.
(١٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١/ ٤٤٠) ح (١٧٢٢)، عن إبراهيم بن محمد، عن مصعب بن محمد، عن أبي بكر بن محمد مرسلًا، وح (١٧٢٣) عن ابن عيينة، عن محمد بن المنكدر مرسلًا أيضًا. وأخرجه الحربي في غريب الحديث (٢/ ٥٠٥) قال: حدثنا محمد بن الصباح، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ابن أبي حسين مرسلًا.
(١٤) الشاعر هو: أبو دؤاد الإيادي، كما في غريب الحديث لأبي عبيد (٢/ ١٣٢)، وهو من =
⦗٩٨⦘ = شعراء الجاهلية، وقد اختلف في اسمه، فقال بعضهم: هو جارية بن الحجاج، وقال الأصمعي: هو حنظلة بن الشرقي.
انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (ص: ١٢٠).
(١٥) أي: يستمع وينصت لصوته. انظر: لسان العرب (٣/ ٣٥) مادة: صيخ.
(١٦) قال أبو عبيد: "أخبرني الأصمعي، أخبرني عن أبي عمرو بن العلاء أنّه كان يعجب من هذا، وأحسبه قال هو أو غيره: إنه أراد بالناشد -أيضًا- رجلًا أرمل قد ضلت دابته فهو ينشدها أي يطلبها ليتعزى بذلك" اهـ. غريب الحديث لأبي عبيد (٢/ ١٣٤).