للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٢٨٢ - حدثنا أبو أميّة، قال: حدثنا أبو حذيفة (١) موسى بن مسعود الثقفي، قال: حدثنا عكرمة بن عمّار، عن محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي (٢)، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة (٣)،

⦗٤٨٤⦘ قال: ذكر حذيفةُ (٤) مشاهدهم مع النبي ، فقال: جلساؤه: أما والله لو كنّا شهدنا لفعلنا ولفعلنا! فقال حذيفة: لا تَمنّوا ذلك، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافّون قعودًا، أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا؛ نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلةٌ أشدّ ظلمةً ولا أشدُّ ريحًا منها؛ في أصوات ريحها أمثالُ الصواعق، وهي مظلمةً ما يَرى أحدنا أصبعيه، وجعل المنافقون يستأذنون رسول الله ، ويقولون: بيوتنا عورة، وما هي بعورة، ما يستأذنه أحدٌ منهم إلّا أَذنَ له، فيؤذن لهم فينسلون (٥)، ونحن ثلاثمائة أو نحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله رجلًا رجلًا، فقال: "من يأتينا بخبر القوم

⦗٤٨٥⦘ الليلة جعله الله رفيقًا لمحمدٍ يوم القيامة"، قال: فما منهم رجل يقوم، قال: فما زال يستقبلهم رجلًا رجلًا حتى مرّ عليَّ، وما عليّ جُنَّة من العدو ولا من البرد إلّا مِرْط (٦) لا يجاوز ركبتي، قال: فأتاني وأنا جاثي على ركبتي فقال: "من هذا؟ " فقال: "حذيفة؟ " قال: حذيفة: فتقاصرت بالأَرض فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أنْ أقوم، فقال: "قم"، فقمت، فقال: "إنّه كائن من القوم خبر فأتني بخبر القوم"، قال: وأَنَا من أشدّ الرجال فزعًا وأَشدّه قرًّا؛ فخرجت فقال رسول الله : "اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته"، قال: فوالله! ما خلق الله ﷿ فزعًا ولا قرًا أجده في جوفي إلّا خرج من جوفي حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضَوء نارٍ لهم توقد، وإذا رجل ضخم آدم (٧) يقول بيديه على النّار ويسخن خاصرته ويقول: [الرحيل] (٨)، ولم أكنْ أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهمًا من كنانتي أبيض الريش، فأضعه على كبد قوسي لأرمي به في ضوء النّار، فذكرت قول النبي : "لا تحدثنّ شيئًا حتى تأتي" فأمسكت، ورددت سهمي، ثمّ إنّي شجعت نفسي حتى

⦗٤٨٦⦘ دخلت العسكر، فإذا أدنى النّاس بنو (٩) عامر، ويقولون: يا أبا عامر [الرحيل] (١٠) لا مقام لكم، وإنّ الريح في عسكرهم لا تجاوز عسكرهم شبرًا قد دفنت رحالهم، وطَنَافسهم (١١) يستترون بها من التراب، فجلست بين اثنين، فلما استويت بينهما، قال ذلك الرجل: الليلة ليلة الطلائع، فليسأل كلُ رجل جليسَه، فوالله إنّي لأَسمعُ صوت الحجارة في رحالهم، تربتهم الريح تضربهم بها، فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ وقلت للذي عن شمالي: من أنت؟ ثمّ خرجت نحو النبي ، فلما انتصف بي الطريق أو نحو ذلك إذا أَنا بنحوٍ من عشرين فارسًا معلَّمين (١٢) فقالوا لي: أخبر صاحبك أن الله قد كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه [وسلم-] (١٣) وهو مشتمل بشملة (١٤) يصلِّي، فوالله ما عدا راجعًا إلي القَرُّ رجعت أقرقف (١٥)، فأَومأَ

⦗٤٨٧⦘ رسول الله إليّ بيده [وهو يصلّي] (١٦)، فدنوت منه، فاشتمل عليّ بشملته، وكان رسول الله إذا حزبه أمرٌ صلّى، فأُخبر خبر القوم وأُخبر أنّهم يرتحلون، فأنزل الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا .... ﴾ إلى آخر الآية (١٧) (١٨).


(١) في (ك): "أبو حذيفة بن موسى … " والصواب ما أثبته، انظر حديث رقم (٦٩٨٥).
(٢) ويقال: محمد بن عبد الله بن أبي قدامة الدؤلي الحنفي. ذكره ابن حبّان في الثقات، وقد روى عنه عكرمة بن عمّار، وقتادة بن دعامة. قال ابن حجر: "مقبول". الثقات لابن حبّان (٥/ ٣٨٠)، تقريب التهذيب (صـ: ٨٦٤) وانظر: الجرح والتعديل (٨/ ٩)، تهذيب الكمال (٢٥/ ٥٣٠).
(٣) ويقال: عبد العزيز أخو حذيفة. ذكره ابن حبّان في التابعين من الثقات وقال: =
⦗٤٨٤⦘ = "لا صحبة له". وذهب بعضهم إلى أنّ له صحبة، على أنّه أخو حذيفة فيكون له إدراك ورؤية لأن أبا حذيفة قُتل يوم أحد مع النبي .
وقد صحيح أبو نعيم أَنّه ابن أخي حذيفة، ووهّم ابن منده بذكره إيّاه في الصحابة وقوله أَنّه أخو حذيفة.
وفي الرواية التي ذكر فيها عبد العزيز بن اليمان أخو حذيفة ليس عبد العزيز ولد اليمان بل نسب إليه لكونه جده، وأَمّا الحديث الذي فيه عن عبد العزيز بن أخي حذيفة ولم يسم فيه أبوه فهو المعتمد كما قال ابن حجر في الإصابة.
الثقات لابن حبّان (٥/ ١٢٤)، تهذيب التهذيب (٦/ ٣٦٥)، الإصابة (٣/ ١٥٧).
(٤) حذيفة اليمان صحابي الحديث هو موضع الالتقاء مع مسلم.
(٥) أي: يسرعون. تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: ٤٧٩).
(٦) كساء من صوف أو خزٍّ، وجمعه مروط. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٢٧٧).
(٧) أي: أسمر. تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: ١٤٩).
(٨) في: (ك)، والمطبوع (الرجل)، وما أثبته الصواب كما في دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٤٥٢).
(٩) في (ك): (بني عامر).
(١٠) في (ك): (الرجلين) وفي المطبوع (الرحيلين)، وما أثبته الصواب، كما في المصدر السابق.
(١١) جمع (طنفسة) وهي بكسر الطاء والفاء وبضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء: البساط الذي له خمل رقيق. النهاية (٣/ ١٤٠).
(١٢) في دلائل النبوة للبيهقي: (مُعْتَمِّين).
(١٣) ساقط من: (ك).
(١٤) الشملة: كساء يتغطى به ويتلفف به. النهاية (٢/ ٥٠١)، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: ٣١٨).
(١٥) أي: يُرْعَد من شدة البرد. =
⦗٤٨٧⦘ = غريب الحديث للخطابي (٢/ ٣٣٧)، وانظر: غريب الحديث للحربي (٣/ ٦٠٠٥).
(١٦) في: (ك) طمس، وما أثبته من دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٤٥٣).
(١٧) سورة الأحزاب آية (٩).
(١٨) انظر: الحديث رقم (٧٢٧٩).
وقد أخرجه من طريق محمد بن عبيد عن عبد العزيز بن أخي حذيفة عن حذيفة البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٤٥١ - ٤٥٣).
وأخرجه أبو داود في السنن (٢/ ٧٨) ح (١٣١٩) من طريق محمد بن عبد الله الدؤلي -كذا سماه به، مختصرًا بلفظ: "كان النبي إذا حزبه أمر صلّى".
وللحديث طرق أخرى، ويمكن إجمال طرق حديث حذيفة كالتالي:
الطريق الأول: إبراهيم التيمي عن أبيه، عن حذيفة.
أخرجه مسلم في صحيحه من طريق الأعمش عنه به (انظر الحديث رقم: ٧٢٧٩).
وأخرجه أبو عوانة من طريق أبي سعد البقال عنه به مطولًا وأبو سعد البقال هذا ضعيف.
الطريق الثاني: عبد العزيز بن أخي حذيفة، عن حذيفة.
أخرجه أبو عوانة، والبيهقي في دلائل النبوة، من طريق محمد بن عبيد الحنفي عنه به.
ومحمد بن عبيد هذا: وثقه ابن حبّان وقال ابن حجر: "مقبول". =
⦗٤٨٨⦘ = الطريق الثالث: بلال العبسي عن حذيفة.
أخرجه البزار (٢/ ٣٣٥) ح (١٨٠٩) -كشف الأستار-، والحاكم في المستدرك (٣/ ٣٣) ح (٤٣٢٥)، والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٤٥٠ - ٤٥١).
وقال الهيثمي: "رواه البزار ورجاله رجال الثقات" مجمع الزوائد (٦/ ١٣٦).
الطريق الرابع: محمد بن كعب القرظي عن حذيفة.
أخرجه أحمد في مسنده (٥/ ٣٩٢ - ٣٩٣) من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب به. وإسناده: صحيح.
الطريق الخامس: زيد بن أسلم -مولى عمر بن الخطاب- عن حذيفة.
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٤٥٤ - ٤٥٥).