للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٤٠٥ - ز حدثني أحمد بن هاشم الأنطاكي أبو بكر الأشل (١)، قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع -وهو الحجاج بن يوسف (٢)، ويكنى يوسف

⦗٤٨⦘ أبا منيع (٣) -سنةَ عشرين ومئتين، قال: حدثني جدي عبيد الله بن أبي زياد (٤)، قال: "هذا [كتاب] (٥) ما ذكر لنا محمد بن مسلم الزهريّ (٦) (٧) مما سألنا عنه من أوّل مخرج النبي

⦗٥٠⦘ فذكر صدرًا من الحديث، فكان أولُ مشهدٍ شهده رسول الله يومَ بدر، ورئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فالتقوا ببدر يوم الجمعة، لسَبْع عَشْرةَ (٨) ليلة خلت من رمضان، وأصحاب رسول الله يومئذ ثلاثمئة وبضعة عشر رجلًا، والمشركون بين الألف والتسعمئة، فكان ذلك يوم الفرقان؛ يوم فرق الله الحق والباطل، وكان أول قتيل قتل يومئذ من المسلمين مِهْجَع (٩) مولى عمر بن الخطاب، ثم كانت غزوة بني النضير -وهم طائفة من اليهود- على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم بناحية المدينة، فحاصرهم رسول الله حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأموال والأمتعة، إلا الحلقة وهو السلاح، فأجلاهم رسول الله قِبَل الشام، فأنزل الله ﷿ فيهم من أول سورة الحشر إلى قوله ﴿وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥)(١٠) ثم كانت وقعة أحد في شوال على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير، ورئيس المشركين يومئذ

⦗٥١⦘ أبو سفيان (١١) بن حرب، فلما نزل أبو سفيان بالمشركين أحدا قال رسول الله لأصحابه: إني رأيت الليلة أني في درع حَصِينة، وإني أولتها المدينة، فاجلسوا في صنعكم (١٢)، وقاتلوا من ورائه، وكانوا قد شكوا أزقة المدينة بالبنيان، فقال رجال من أصحاب رسول الله لم يكونوا شهدوا بدرا: يا رسول الله، اخرج بنا إليهم، فلم يزالوا برسول الله حتى لبس لأْمَتَه (١٣)، فلما لبس رسول الله لأمته، فقال: أما إني أظن الصًرْعى مستكثر منكم ومنهم اليوم، إني رأيت في النوم بقرا مُنحَّرة، فأراني أقول: بقرٌ والله خير، فتقدم الذين كانوا يدعونه إلى الخروج، فقالوا: يا رسول الله، امكث، قال رسول الله : إنَّه لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته، ثم ينتهي حتى يأتي البأس (١٤)، فخرج رسول الله بأصحابه حتى التقوا هم والمشركون

⦗٥٣⦘ بأحد، والمسلمون يومئذ قريب من أربعمئة (١٥)، والمشركون من ثلاثة

⦗٥٤⦘ آلاف، فاقتتلوا، قال الله: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ إلى قوله: ﴿خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٥٣)(١٦) وكان فيمن قتل من أصحاب رسول الله يومئذ حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير من بني عبد الدار، وهو أول من جمَّع الجمعة للمسلمين بالمدينة قبل أن يقدمها، فذلك يوم نجم النفاق وسُمُّوا المنافقين، وهم الذين خذلوا رسول الله حين نهض إلى المشركين بأحد، وكانوا قريبا من ثلث أصحاب رسول الله ، فمشوا مع رسول الله ، حتى إذا بلغوا الجبَّانة (١٧)، وبرزوا من دور المدينة، انصرفوا إلى أهليهم ورأسهم يومئذ: عبد الله بن أبي، وكان عظيم أهل تلك البُحَيْرة (١٨) في الجاهلية، ثم كانت وقعة الأحزاب لسنتين، وذلك يومَ خندق رسول الله والمسلمون الخندق بجبَّانة المدينة، ورئيس الكفار يومئذ أبو سفيان بن حرب، فحاصروا

⦗٥٥⦘ رسول الله وأصحابه بضع عشرة ليلة، فخلص إلى المسلمين الكرب والأزل (١٩) حتى قال رسول الله -كما أخبرني سعيد بن المسيب: اللهم إنِّي أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إنِّك إن تشأ لا تعبد! وأرسلت بنو قريظة إلى أبي سفيان ومن معه من الأحزاب أن اثبتوا، فإنَّا سنغير على بيضة المسلمين من ورائهم، فسمع بذلك نعيم بن عمرو الأشجعي (٢٠)، وهو موادع لرسول الله ، وكان نعيم رجلا لا يكتم الحديث، فأقبل إلى رسول الله فأخبره، وبعث الله عليهم الريح حتى ما يكاد أحد منهم يهتدي لموضع رجله، فارتحلوا وولوا منهزمين، فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ إلى ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤)(٢١) فلما ولّى الكفار طلبهم رسول الله بمن معه من المسلمين، حتى بلغوا جبلا يقال له حمراء الأسد (٢٢).

⦗٥٦⦘ فأنزل الله ﷿: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ إلى قوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢٧)(٢٣). فأنزل الله هذا في طلبهم، وسار رسول الله بمن معه إلى بني قريظة، فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، ثم كانت غزوة الحديبية (٢٤)، وأهلَّ النبي من ذي الحُليفة بعمرة، ومن معه يومئذ بضع عشرة مئة من المسلمين، فقال رسول الله : إنا لم نأت لقتال أحد ولكنا جئنا لنطوف بالبيت، فمن صدّنا عنه قاتلناه، ورئيسهم يومئذ أبو سفيان بن حرب، فنحر رسول الله هديه وحلق رأسه، ثم انصرف إلى المدينة، على أن يُخلُّوا بينه وبين البيت عاما قابلا، فيطوف به ثلاث ليال، ونزل بخيبر، وأنزل الله ﷿ ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ (٢٥) الآية، فغزاها رسول الله وفتحها، فقسم فيها لمن بايعه بالحديبية

⦗٥٧⦘ تحت الشجرة من غائب أو شاهد من أجل أن الله ﷿ كان وعدهم إياها وخمس رسول الله خيبر، ثم قسم سائرها مغانم بين من شهدها من المسلمين، وغاب عنها من أهل الحديبية، ثم اعتمر رسول الله العام القابل في ذي القعدة في المدة آمنا، فخرج كفار قريش من مكة وخلوها لرسول الله وخلّفوا حويطب بن عبد العزى (٢٦)، وأمروه إذا طاف رسول الله بالكعبة ثلاث ليال أن يأتيه فيسأله أن يرتحل، فأتى حويطب رسول الله بعد ثلاث ليال فكلمه في الرحيل، فارتحل قافلا إلى المدينة، ثم كانت غزوة الفتح؛ فتح مكة، فخرج رسول الله من المدينة في رمضان، ومعه من المسلمين عشرة آلاف، وذلك على رأس ثماني سنين ونصف سنة من مَقْدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة، فافتتح مكة لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وبعث رسول الله خالد بن الوليد، فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم، ثم أرسل رسول الله يومئذ بالسلاح، فرفع عنهم، ودخلوا في الدين، وأنزل الله ﷿: ﴿إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ (٢٧)! ثم أخره. ثم خرج

⦗٥٨⦘ رسول الله بمن معه من المسلمين وبمن أسلم يوم الفتح من قريش وبني كنانة، قِبَل حنين، وحنين واد قبل الطائف ذو مياه، به من المشركين يومئذ العَجُز (٢٨) من هوازن معهم ثقيف، ورئيس المشركين يومئذ مالك بن عوف النصري (٢٩)، فقتلوا بحنين (٣٠)، فنصر الله ﷿ نبيه والمسلمين، وكان يوما شديد البأس، فأنزل الله ﷿! ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ في مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ﴾ (٣١)! الآية.

فسبى رسول الله يومئذ ستة آلاف سبي من النساء والذراري، وأخذ من الإبل والشاة ما لا يدرى عدده، وخَمّس رسول الله السبي والأموال، ثم جاءه وفد هوازن مستأمنين، فقالوا: قد اجتحت نساءنا

⦗٥٩⦘ وذرارينا وأموالنا فارْدُد إلينا ذلك كلَّه، قال: لست رادًّا إليكم كلّه، فاختاروا إن شئتم النساء والذراري، كان شئتم الأموال، قالوا: فإنا نختار نساءنا وذرارينا، فرد رسول الله إليهم نساءهم وذراريهم، وقسم النعم والشاء بين من معه من المسلمين بالجِعْرَانة (٣٢)، ثم أهلّ منها رسول الله بعمرة، وذلك في ذي القعدة، ثم قفل إلى المدينة، حتى إذا قدمها أمّر أبا بكر الصديق على الحج، ثم غزا رسول الله غزوة تبوك وهو يريد الروم وكفار العرب بالشام، حتى إذا بلغ تبوك، أقام بها بضع عشرة ليلة، ولقيه بها وفد أذرح، ووفد أيلة، فصالحهم رسول الله على الجزية، ثم قفل رسول الله من تبوك ولم يجاوزها، فأنزل الله ﷿: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ (٣٣) الآية، ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ (٣٤) وكانوا قد تخلفوا عن رسول الله في تلك الغزوة في بضعة وثمانين رجلا، فلما رجع رسول الله صَدَقه أولئك الثلاثة (٣٥) واعترفوا بذنبهم، وكذبوا سائرهم

⦗٦٠⦘ فحلفوا الرسول الله حبسهم إلا عذر، فقبل منهم رسول الله وكلهم في سرائرهم إلى الله تعالى، ولم يغز رسول الله غزوة بعد، حتى توفاه الله ﷿، وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة عشر، ولم يغز رسول الله غزوة قط يجلس فيها تحت لواء أو شَهَر فيها سيوفا، إلا ذكر في القرآن. ثم حج رسول الله حجة الوداع، وتمتع فيها بعمرة وساق الهدي معه، فلما قضى رسول الله حجة الوداع قفل إلى المدينة، فلبث شهرين وبعض شهر، ثم شكا شكواه التي توفاه الله ﷿ فيه".


(١) ابن الحكم. ذكره أبو بكر الخلال، فقال: "شيخ جليل متيقظ، رفيع القدر سمعنا منه حديثا كثيرا، لكن نقل الحافظ ابن حجر عن الدارقطني أنه قال عنه في غرائب مالك: كان كثير الوهم.
انظر طبقات الحنابلة لأبي الحسين محمد بن أبي يعلى: ١/ ٨٢، لسان الميزان ١/ ت ٩٧٧.
(٢) ابن أبي زياد أبو محمد الرصافي، من أهل الشام، توفي: ٢٢١ هـ، وثقه هلال بن العلاء، وابن حبان، وابن حجر، وأخرج له البخاري استشهادا.
انظر الثقات لابن حبان: ٨/ ٢٠٢، تاريخ دمشق: ١٢/ ٢٠٢، بغية الطلب لابن =
⦗٤٨⦘ = العديم ٥/ ٢١٠٠، التقريب، ت ١١٤٧.
(٣) في (م): بأبي منيع.
(٤) الشامي الرصافي، توفي: ١٥٩ هـ أو ١٥٨ هـ، وثقه ابن حبان، والدارقطني، وقال ابن حجر: "صدوق" وقد أخرج له البخاري استشهادا.
انظر الثقات لابن حبان: ٧/ ١٤٥، تاريخ دمشق ٣٧/ ٤٦٣، التقريب، ت ٤٣٢٠.
(٥) زيادة من (م)، وكذا من بغية الطلب لابن العديم: ٥/ ٢١٠١، حيث أورد ابن العديم هناك من طريق أبي عوانة إسناد هذا الحديث، وطرفا من بدايته.
(٦) أبو بكر القرشيّ المدني.
(٧) هذه الرواية مرسلة، من كلام الإمام الزهري، لم يخرجها مسلم في صحيحه، فهي من زوائد المصنف عليه، ويبدو أنه ذكرها استطرادا بعد أن ساق الأحاديث المرفوعة في عدد غزوات النبي .
وإسنادها إلى الزهري: فيه ضعف، لأنّ في إسناده أحمد بن هاشم الأنطاكي، وهو كثير الوهم كما قال الدارقطني، وإن كان الخلَّال قد أثنى عليه، لكنَّ المتنَ ثابت من كلام الزهريّ فيما يظهر، لعدة أمور، أهمها:
١) إن هذه الرواية التي يرويها الأنطاكي بسنده عن الزهري، هي كتاب كما ذكر في أولها، وقد ذكر المزي في تهذيب الكمال: ٥/ ٤٦٠، وابن حجر في تهذيبه: ٢/ ٢٠٧، أن حجاج بن أبي منيع قد روى عن جده عبيد الله بن أبي زياد الرصافي، عن الزهري نسخة كبيرة، والرواية التي أخرجها أبو عوانة هنا من طريق الأنطاكي هي قطعة منها متعلقة بمغازي رسول الله . =
⦗٤٩⦘ = ٢) إن هذه النسخة قد روى جملة كبيرة منها عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهريّ وهذا إسناد صحيح جليل، وكذا من طرق أخرى، لكن عبد الرزاق لم يسقها بهذه الصورة التي ساقها المصنف، وإنما قطعها في مواطن عدة من مصنفه بحسب الأبواب، وفيها جمل وعبارات ومقاطع كثيرة توافق رواية الأنطاكي، مما يدل على أنه متابع في الجملة، لكن عبد الرزاق يسندها أحيانا عن الزهري، وأحيانا يتجاوزه فيرويها عن الزهريّ عن عروة، وأحيانا يتجاوز ذلك فيسنده عن ابن عباس، وغير ذلك وسيأتي الإشارة إلى ذلك كله عند التعليق على النص.
٣) إن هذا الكتاب أخرج البخاري في صحيحه جزءًا يسيرا منه معلقا، عن حجاج بن أبي منيع، عن جده، عن الزهريّ، عن عروة فيما يتعلق بامرأة الجون التي تزوجها رسول الله ثم طلقها، وقد وصل هذا التعليق الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق: ٤/ ٤٣٤، وانظر الصحيح للبخاري مع الفتح: ١٠/ ٤٤٧، كتاب الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟
وكذا أخرج جزءًا من هذه النسخة الإمام يعقوب بن سفيان الفسوي في كتابه المعرفة والتاريخ في مواطن كثيرة مفرقة بسنده عن حجاج بن أبي منيع، عن جده، عن الزهريّ، انظر فهرس كتاب المعرفة والتاريخ: ٤/ ٦٩.
٤) وقد أثنى الإمام محمد بن يحيى الذهلي على هذا الكتاب، وصححه كما في ترجمة عبيد الله بن أبي زياد الرصافي: "لم أعلم له راوية غير ابن ابنه، يقال له: حجاج بن أبي منيع، أخرج إلي جزءا من أحاديث الزُّهْرِيّ، فنظرت فيها فوجدتها صحاحا، فلم أكتب منها إلا يسيرا" اهـ.
انظر تهذيب الكمال: ٥/ ٤٦١، وتهذيب التهذيب: ٢/ ٢٠٨.
وبهذا يظهر لنا أن هذا الكتاب محفوظ من كلام الإمام الزهريّ مرسلا، وأما مفردات الرواية فلها شواهد كثيرة في السنة النبوية المرفوعة، ويصعب في هذا التعليق تتبعها، لأن هذا يخرج عن موضوع التحقيق إلى موضوع الشرح والتعليق، وقد استوعبت هذه الرواية =
⦗٥٠⦘ = على إجمالها جميع مغازي النبي من أولها إلى أن توفاه الله ﷿، في تصلح أن تكون سيرة مستقلة فيما يتعلق بالمغازي، تخرج مع التعليق عليها في رسالة مستقلة.
(٨) في (م): بسَبْع عَشْرةَ.
(٩) بكسر أوله وسكون الهاء بعدها جيم مفتوحة ثم مهملة.
انظر ترجمته في: الإصابة: "٦ /ت ٨٢٧٨".
(١٠) سورة الحشر، جزء من الآية (٥).
(١١) (م ٤/ ١٠٦/ ب).
(١٢) الصنع هو: الحصن كما في النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير ٣/ ١١٣ وانظر أيضا: الصحاح للجوهري مادة: "صنع".
(١٣) اللأمة: أداة الحرب كلها: من رمح، وبيضة، ومغفر، وسيف، ودرع.
انظر تهذيب اللغة للأزهري: ١٥/ ٣٩٩، المعجم الوسيط: ٢/ ٨١١.
(١٤) هذه الرواية التي أخرجها المصنف، في حوار النبي مع بعض أصحابه يوم أحد وما وقع فيها من رؤيته في المنام من البقر المنحرة .... إلى آخره، قد أخرج نحوها ابن سعد في الطبقات: ٢/ ٣٤، وأحمد في المسند: ٣/ ٣٥١، والدارمي في =
⦗٥٢⦘ = السنن: ١/ ٥٦٦ من طرق، واللفظ لأحمد، عن حماد بن سلمة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، أن رسول الله قال: رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا منحرة، فأولت أن الدرع الحصينة: المدينة، وأن البقر هو والله خير، قال: فقال لأصحابه: "لو أنا أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا فيها قاتلناهم" فقالوا: يا رسول الله، ما دُخل علينا فيها في جاهلية، فكيف يُدْخل علينا فيها في الإسلام؟ قال عفان -يعني ابن مسلم أحد رواة الخبر عن حماد بن سلمة- في حديثه: "شأنَكم إذا" قال: فلبس لأمته، قال: فقالت الأنصار: رددنا على رسول الله رأيه، فجاؤوا فقالوا: يا نبي الله، شأنَك إذا، فقال: "إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل".
وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ٨/ ١٢٩ عند "حديث ٤٠٨٢"، لكن قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة له: ٣/ ٩١، "حديث ١١٠٠": "أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه عند جميع مخرجيه، وقول الحافظ في الفتح: ١٢/ ٣٥٥ وفي رواية لأحمد: حدثنا جابر، فأظنه وهما منه، سببه أنه انتقل نظره إلى قول حماد في رواية عبد الصمد عنه "حدثنا" فظن أنه من قول أبي الزبير، والله أعلم" انتهى كلام الشيخ حفظه الله.
وهذا الذي ذكره الشيخ الألباني من استدراكه وتوهيمه للحافظ ابن حجر فيه نظر، فإنه لا يبعد أن تكون نسخة المسند التي عند الحافظ فيها تصريح أبي الزبير بالسماع من جابر ، ويؤكد ما ذكرته، أن الحافظ ابن حجر قد جزم بسماع أبي الزبير من جابر في رواية أحمد في كتاب آخر له وهو إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة: حيث قال: ٣/ ٣٧٢ بعد أن ذكر طرف الحديث: "رواه الإمام أحمد عن عفان وعبد الصمد، عن حماد بطوله، وصرح في رواية عبد الصمد بسماع أبي الزبير له من جابر" اهـ.
فلو سلمنا أن الحافظ انتقل بصره عند تأليفه للفتح، فمن البعيد أن ينتقل بصره مرة أخرى عند تأليفه للإتحاف، فالحاصل أن مثل هذا الجزم من الحافظ في أكثر من كتاب =
⦗٥٣⦘ = له، يؤكد صحة ما ذكره، ويبعد معه الوهم وانتقال البصر!! وقد كنت قرأت بحثا للحافظ في كتابه بذل الماعون في فضل الطاعون ص ١٣٣ - ١٣٥ حول حديث ابن عمر وغيره أن النبي قال في الطاعون: "إنه وخز أعدائكم من الجن" فهمت منه أن الحافظ كان يملك نسخا عدة من المسند، فليرجع إليه، والله أعلم.
ويشهد للحديث كذلك ما أخرجه أحمد في مسنده: ١/ ٢٧١ من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: تنفل رسول الله سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال: "رأيت في سيفي ذي الفقار فَلًّا، فأولته فلًّا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة، ورأيت بقرا تذبح، فبقر والله خير، فبقر والله خير، فكان الذي قال رسول الله " وإسناده حسن.
ابن أبي الزناد اسمه: عبد الرحمن تكلم فيه بعض النقاد: كابن معين، وفي التقريب: صدوق، تغير حفظه لما قدم بغداد، وقال الذهبي في الميزان: ٢/ ٥٧٦ "هو إن شاء الله حسن الحال في الرواية … ".
وأما قول العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند: ٢/ ١٤٦ "حديث ٢٤٤٥": إسناده صحيح إ! ففيه تجوز وتسامح، والأقرب أنه حسن فقط لأجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، والله أعلم.
وفي الباب عن أبي موسى الأشعري مرفوعا عند البخاري في صحيحه "حديث ٣٦٢٢".
ومسلم "حديث ٢٢٧٢"، ما يشهد كذلك لبعض ما ذكره الزهريّ، والله أعلم.
(١٥) هذا الذي ذكره الإمام الزهري في عدد المسلمين يوم أحد، يخالف ما عليه أكثر أهل المغازي من أنهم كانوا سبعمئة، وذلك بعد انسحاب عبد الله بن أبي ومن معه، وكانوا قريبا من ثلث الجيش، وقد أخرج البيهقي في دلائل النبوة: ٣/ ٢٢٠ رواية أخرى بسنده عن الزهري توافق =
⦗٥٤⦘ = ما عليه الجمهور، ثم ذكر الرواية الأخرى عنه ثم عقب ذلك بقوله: "وقوله الأول أشبه بما رواه موسى بن عقبة وأشهر عند أهل المغازي، كان كان المشهور عن الزهري أربعمئة" اهـ.
وانظر كذلك البداية والنهاية لابن كثير: ٤/ ١٤.
(١٦) سورة آل عمران، جزء من الآية (١٥٢ و ١٥٣).
(١٧) بالتشديد: الصحراء، انظر لسان العرب: ١٣/ ٨٥.
(١٨) المراد بها مدينة الرسول، وهي تصغير "البحرة" والعرب تسمى المدن والقرى البحار.
انظر النهاية في غريب الحديث: ١/ ١٠٠.
(١٩) الأزل، الشدة والضيق، انظر لسان العرب: ١١/ ١٣.
(٢٠) كذا سماه الزهري ، والمعروف في كتب السيرة والمغازي، وكتاب أسماء الصحابة، أن اسمه نعيم بن مسعود الأشجعي، فيحتمل أنه تصحف اسم "عامر" إلى "عمرو"، ويكون الزهري قد نسبه إلى جده، لأن اسمه كما في مصادر ترجمته: نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي الاستيعاب: "٤ / ت ٢٦٥٨"، الإصابة: "٦/ ت ٨٨٠٢".
(٢١) سورة الأحزاب، جزء من الآية (٩ - ١٤).
(٢٢) يقع في جنوب المدينة على بعد "٢٠" كيلا، تراه وأنت تخرج من ذي الحليفة على =
⦗٥٦⦘ = طريق مكة المعبدة في جهة اليمين بعيدا.
انظر معجم البلدان للحموي: ٢/ ٣٤٦، على طريق الهجرة ص ١٠٥، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية ص ١٠٥ كلاهما لعاتق البلادي.
(٢٣) سورة الأحزاب، جزء من الآية (٢٥ - ٢٧).
(٢٤) منطقة تقع غرب مكة، على بعد "٢٢ كيلا" على الطريق إلى جدة، وقد غُيّر اسمها إلى الشُميسي، أفاده البلادي في نسب حرب ص ٢٩٩.
(٢٥) سورة الفتح، جزء من الآية (٢٠).
(٢٦) وقد أسلم حويطب ، عام الفتح، وشهد حيننا، ومات في خلاف؛ معاوية ، سنة أربع وخمسين. انظر أسد الغابة: "٢ / ت ١٩١٠"، والإصابة "٢ / ت ١٨٨٧".
(٢٧) سورة النصر، الآية (١).
(٢٨) بفتح العين المهملة، وضم الجيم كعَضُد، وهم: بنو نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وبنو جُشَم بن بكر بن هوازن. كأنهم آخرهم.
انظر لسان العرب: ٥/ ٣٧٢، تاج العروس: ٨/ ٩٧، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٢٦٩.
(٢٩) بالصاد المهملة نسبة لبني نصر بن معاوية بن بكر، وفي المطبوع: ٤/ ٣٨٠، ومصنف عبد الرزاق: ٥/ ٣٧٨: النضري بالضاد المعجمة، وهو خطأ. ثم إن مالكا هذا أسلم بعد أن انهزم يوم حنين، وحسن إسلامه.
انظر ترجمته: جمهرة أنساب العرب ص ٢٦٩، وقصة إسلامه في الاستيعاب "٣ /ت ٢٣١٨" الإصابة "٥ /ت ٧٦٨٩".
(٣٠) وعند عبد الرزاق في المصنف: ٥/ ٣٧٨: فاقتتلوا بحنين.
(٣١) سورة التوبة، جزء من الآية (٢٥).
(٣٢) ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، انظر معجم البلدان: ٢/ ١٦٥.
(٣٣) سورة التوبة، جزء من الآية (١١٧).
(٣٤) سورة التوبة، جزء من الآية (١١٨).
(٣٥) وهم: كعب بن مالك الأنصاري السلمي، ومُرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي.
انظر خبر تخلفهم عن غزوة تبوك وتوبتهم مطولة في صحيح البخاري، كتاب المغازي، =
⦗٦٠⦘ = باب حديث كعب بن مالك .. ٨/ ٤٥٢ فتح، حديث "٤٤١٨".
وأخرجه كذلك مسلم في صحيحه، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه: ٤/ ٢١٢٠، حديث "٥٣".