للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٩٨ - حَدثَنا محمد بن عبد الملك الدَّقِيقيُّ وَأبو أُمَيَّةَ، وَالصاغَاني قالوا (١): حدثنا جَعْفر بن عَون (٢)، حدثنا هشام بن سعد (٣)، حدثنا زيد بن

⦗١٩٧⦘ أَسْلَم (٤)، عن عطاء بن يَسار (٥)، عن أبي سعيدٍ الخُدريُّ قال: قلنا: يا رسولَ الله هل نَرَىْ رَبَّنا يومَ القيامةِ؛ قال: "هل تُضَارُّونَ في رؤية الشَّمسِ بالظَّهيرة صحْوًا ليس فيه (٦) سحاب؟ " قالوا: لا، قال: "فهل تُضارُّونَ في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البدرِ صَحْوًا ليس فيه (٧) سحاب؟ " قالوا: لا (٨) يا رسول الله، قال: "ما تُضَارُّون في رؤيته يومَ القيامةِ إلا كما تُضَارُّون في رؤية أحدهما، إذا كان يومُ القيامةِ نادى مُنادٍ: ألا ليلحق كلُّ أمَّةٍ ما كانت تعبُدُ، فلا يبقَى أَحدٌ كان يعبد صَنَمًا، ولا وَثَنًا، ولا صورةً إلا ذهبوا حتى يتَسَاقَطُوا في النَّار، ويبقى مَن كان يَعبد الله وَحْدَه مِن بَرٍّ وفاجرٍ وَغُبَّرات (٩) أهل الكتاب.

⦗١٩٨⦘ ثمَّ تعرض جَهنَّم كأنَّها سرابٌ يحطم بعضُها بعضًا، ثمَّ تُدعَى اليهود فيُقال: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: عُزَيرًا ابن الله، فيقول الله (١٠): كذبتم، ما اتَّخَذَ الله من صاحبةٍ ولا وَلَدٍ، فماذا تُريدون؟ فيقولُونَ: أيْ رَبَّنا ظَمئنا فاسْقِنا (١١)، فيقول: ألا تَرِدُونَ ماءً؟ فيذهبون حتى يتساقطون (١٢) في النَّار ثمَّ تُدعَى النَّصارى فيقول: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيحَ ابن الله، فيقول: كذبتم، ما اتَّخَذَ الله من صاحبةٍ ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أيْ رَبَّنا ظمئنا فاسْقِنا (١٣)، فيقول: أفلا تَرِدُونَ ماءً؟ فيذهبون حتى يتسَاقَطُوا (١٤) في النَّار، وَيَبقى من كان يعبد الله مِنْ بَرٍّ وفاجر.

ثمَّ يَتَبَدَّى الله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أوَّلَ مرَّة فيقول: يا أيَّها النَّاس لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بما كانَتْ تعبد وبقيتم؟ فلا يُكَلِّمُهُ يَومئذٍ إلا (١٥) الأنبياء: فَارَقْنَا النَّاسَ في الدُّنيا وَنحن كنَّا

⦗١٩٩⦘ إلى صُحْبَتِهم فيها أَحْوَجُ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بما كانَتْ تعبد ونحن ننتظر رَبَّنا الذي كنُّا نَعْبُدُ. فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نَعُوذ [بالله] (١٦) منك، فيقول: هل بينكم وبين الله (١٧) مِن آيةٍ تعرفونها؟ فيقولون: نعم، فيُكْشَفُ عن ساقٍ (١٨) فَنَخرُّ سجَّدًا أجمعين، ولا يبقى أحدٌ كان يسجُدُ في الدُّنيا سُمعةً ورياءً ولا نِفاقًا إلا على ظهره طبقٌ واحدٌ كلما أرادَ أن يسجُدَ خَرَّ على قفاه.

قال: ثمَّ يرفعُ بَرُّنا ومُسِيئُنا وَقد عاد لنا في صورته التي رأيناهُ فيها أوَّلَ مرَّة، فيقول: أنا رَبُّكم، فيقولون: نعَم أنتَ رَبُّنا -ثلاثَ مرَّارٍ (١٩) -، ثمَّ يُضْرَبُ بالجسر على جهنَّم".

فقلنا: وأَيُّما الجسر يا رسولَ الله بأبيْنا وَأُمِّنا؟ قال: "دَحْضٌ مَزَلَّةٌ (٢٠)

⦗٢٠٠⦘ له كَلاليبُ وَخَطاطيف وَحسك (٢١) تكون بِنَجْدٍ عُقَيْفَاءَ (٢٢) يُقال له: السَّعْدان، فَيَمُرُّ المؤمنون كلمح البرق، وكالطَّرف (٢٣)، وكالرّيح، وكالطَّير، وكأجود الخيل، وكالراكبِ (٢٤)، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومخدوشٌ، ومُرْسَلٌ، ومُكَرْدَسٌ (٢٥) في نار جَهنَّم" (٢٦).

⦗٢٠١⦘ وذكر الحديثَ بطولهِ.


(١) وقعت في (م): "قالا".
(٢) ابن جعفر بن عمرو بن حُريث القرشيّ المخزومي، أبو عون الكوفي.
(٣) القرشيّ مولاهم المدني، أبو عباد، ويعرف بـ "يتيم عروة"، توفي سنة (١٦٠ هـ)، أو في التي قبلها.
كان يحيى القطان لا يروي عنه، وقال ابن سعد: "كان متشيعًا لآل علي بن أبي طالب، وكان كثير الحديث يستضعف"، وقال ابن معين: "فيه ضعف"، ومرة: "لم يكن بذاك القوي"، وقال ابن المديني: "صالح، ولم يكن بالقوي" وقال الإمام أحمد: "ليس هو بمحكم الحديث" ومرة قال: "لم يكن بالحافظ"، وقال أبو زرعة الرازي: "واهي الحديث"، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو ومحمد بن إسحاق عندي واحد"، وضعفه النسائي، وقال ابن حبان: "كان ممن يقلب الأسانيد وهو لا يفهم، ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم، فلما كثر مخالفته الأثبات فيما يروي عن الثقات بطل الاحتجاج به، وإن اعتبر بما وافق الثقاتِ من حديثه فلا =
⦗١٩٦⦘ = ضير"، وقال ابن عدي: "ومع ضعفه يكتب حديثه"، وضعفه ابن حزم مرةً، وقال مرة أخرى: "ضعيفٌ جدًّا". وذكره يعقوب بن سفيان، والعقيلي، وابن الجوزي في الضعفاء، وذكره ابن عبد البر في باب من نسب إلى الضعف ممن يكتب حديثه.
وقال ابن معين مرة: "صالح، ليس بمتروك الحديث". وقال العجلي: "جائز الحديث، حسن الحديث"، وقال أبو زرعة الرازي مرة: "شيخ محله الصدق، وكذلك محمد بن إسحاق، وهشام أحب إليَّ من محمد بن إسحاق"، وقال أبو داود: "أثبت الناس في زيد بن أسلم"، وقال الساجي: "صدوق"، وقال أبو عبد الله الحكم: "أخرج له مسلم في الشواهد"، لكن قال الذهبي: "احتج به مسلم، وأخرج له البخاري في الشواهد"، وقال ابن حجر: "علق له البخاري قليلا". وقال الذهبي في "المغني": "صدوق مشهور"، وقال في "ذكر من تكلم فيه وهو موثق" وفي "الكاشف": "حسن الحديث"، وقال في السير: "مكثرٌ عن زيد بن أسلم بصيرٌ به". وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ له أوهامٌ ورمي بالتشيع".
وروايته هنا عن زيد بن أسلم وهو من أثبت الناس فيه كما قال أبو داود، إضافة إلى ذلك فقد تابعه في الأسانيد الآتية: حفص بن ميسرة وسعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم.
انظر: طبقات ابن سعد (الجزء المتمم لطبقات أهل المدينة ومن بعدهم - ص: ٤٤٦)، تاريخ الدوري (٦١٧)، رواية ابن محرز عن ابن معين (١/ ٧٠)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص: ١٠٢)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (٥٠٧)، الثقات للعجلي (٣٢٩)، أبو زرعة وجهوده (٣٩١)، الضعفاء للنسائي (ص: ٢٤٢)، الضعفاء للعقيلي (٤/ ٣٤١)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ٦١)، المجروحين لابن حبان (٣/ ٨٩)، الكامل لابن عدي (٧/ ٢٥٦٦)، المحلى لابن حزم (٧/ ٣٦٥، ٣٧٢)، الضعفاء لابن الجوزي (٣/ ١٧٤)، سير أعلام النبلاء =
⦗١٩٧⦘ = (٧/ ٣٤٤)، والمغني (٧١٠)، والكاشف (٣٣٦)، وذكر من تكلم فيه وهو موثق (ص: ١٨٢)، والميزان للذهبي (٤/ ٢٩٨) تهذيب التهذيب (١١/ ٣٧)، وهدي الساري (ص: ٤٨٢)، والتقريب لابن حجر (٧٢٩٤).
(٤) القرشيّ العدوي مولى عمر بن الخطاب، أبو أسامة المدني الفقيه.
(٥) الهلالي، أبو محمد المدني، مولى ميمونة أم المؤمنين .
(٦) في (ط) و (ك): "فيها".
(٧) في (ط) و (ك): "فيها".
(٨) ما بين النجمين سقط من (م).
(٩) أي البقايا، فالغابر هو الباقي، ومنه قول الله ﷿: ﴿إِلَّا عَجُوزًا في الْغَابِرِينَ (١٣٥)﴾ [الصافات: ١٣٥] يعني ممن تخلَّف فلم يمض مع لوط . والغابر يجمع على: غُبَّر، ثم غُبَّرات جمع الجمع. =
=
⦗١٩٨⦘ = انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٤/ ٨٠، ١٦٢)، شرح مسلم للنووي (٣/ ٢٦).
(١٠) في (ط) و (ك): "﷿".
(١١) في (م): "فاسقينا".
(١٢) في (ط) و (ك): "يتساقطوا".
(١٣) في (م): "فاسقينا".
(١٤) في النسخ الأخرى: "يتساقطون".
(١٥) سقطت أداة الاستثناء "إلا" من (ط) و (ك)، واستدركت في (ط) فوق السطر.
(١٦) في الأصل و (ط) و (ك): "بك"، وعليها في (ط) ضبة، وما أثبتُّ من (م).
(١٧) عبارة الثناء على الله ﷿ ليست في (ط) و (ك).
(١٨) كذا ضبط قوله: "يُكْشَف" في الأصل، وضبط في (ك): "فيَكْشِفُ"، قال النووي: "ضبط بضم الياء كسرها وهما صحيحان". ثم ذهب-هو وغيره من الشراح غفر الله لنا ولهم- إلى تأويل الساق بالشدة والأمر المهول وغير ذلك من التأويلات، وقد وردت في رواية آتية (ح ٥٠١) بلفظ: "فيكشف ربنا عن ساقه" وهي صريحة في إثبات كونها صفة لله كما يليق بجلاله وعظمته، وسيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى.
(١٩) في (ط) و (ك): "مرات"، ووقع في (م): "مرارًا"!.
(٢٠) الدَّحض: الزَلِق، والمزلة مثله، وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر، ومزلة: =
⦗٢٠٠⦘ = بفتح الميم وفي الزاي لغتان مشهورتان: الفتح، والكسر.
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٤/ ٤١)، شرح مسلم للنووي (٣/ ٢٩).
(٢١) في (ط) و (ك): "حسكة".
(٢٢) في (ط) و (ك): "عُقيقفا"، قال ابن الأثير: "شوكة عقيفة: أي ملويّة كالصِّنَّارة"، وفي القاموس: "العقفاء: حديدة قد لُوي طرفها، وفيها انحناءٌ … ويقال العُقَيفاء".
انظر: النهاية لابن الأثير (٣/ ٢٧٦)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: ١٠٨٤).
(٢٣) ورواية مسلم: "كطرف العين".
(٢٤) في (ط) و (ك) زيادة: "والراكب".
(٢٥) كذا رواية المصنِّف، ورواية مسلم: "فناجٍ مسلَّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم" قال النووي: "معناه أنهم ثلاثة أقسام: قسم يسلَّم فلا يناله شيءٌ أصلًا، وقسم يخدش ثم يرسل فيخلص، وقسم يكردس ويلقى في جهنم". شرح مسلم (٣/ ٢٩).
ولفظ المصنِّف: "ومخدوش ومرسل" صفتان للقسم الثاني الذي ذكره النووي.
(٢٦) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب معرفة طريق الرؤية (١/ ١٧١ ح ٣٠٣) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن جعفر بن عون عن هشام بن سعدٍ به.
وأخرجه ابن منده في كتاب "الإيمان" (٧٩٧) من طريق عبد الملك الدقيقي -شيخ المصنف- عن جعفر بن عون به.
فائدة الاستخراج:
أحال مسلم بلفظ الحديث قائلا: نحو حديث حفص بن ميسرة إلى آخره، وقد زاد =
⦗٢٠١⦘ = ونقص شيئًا، وقد ميَّز المصنِّف لفظ هذه الرواية.