للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥٠١ - حَدثنا محمد بن عَوف الحمصي (١)، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد (٢)، عن سعيد بن أبي هلال (٣)، عن زيد بن أسلم، عن عَطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدري قال: سمعتُ النَّبيَّ يقول: "يَكشفُ ربُّنا عن ساقه (٤)

⦗٢٠٥⦘ فيسجد له (٥) كل مؤمنٍ، وَيَبقى من كان يسجد له في الدُّنيا رياءً وسُمْعَةً فيذهب ليسجد فيعُود ظهرهُ طبقًا واحدًا" (٦).


(١) محمد بن عوف بن سفيان الحمصي، أبو جعفر الطائيّ.
(٢) الجمحي مولاهم، أبو عبد الرحيم المصري.
(٣) الليثي مولاهم، أبو العلاء المصري.
(٤) عبارة الثناء على الله ﷿ ليست في (ط) و (ك)، ووقع في هاتين النسختين: "عن ساقٍ" بدون إضافة.
(٥) في (ط) و (ك): "لله".
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير- باب: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ (الفتح ٨/ ٥٣١ ح ٤٩٩١) عن آدم بن أبي إياس عن الليث به مختصرًا كما أورده المصنِّف، وأخرجه في كتاب التوحيد -باب قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ (الفتح ١٣/ ٤٣١ ح ٧٤٣٩) عن يحيى بن بكير عن الليث بن سعد به مطولًا.
وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب معرفة طريق الرؤية (١/ ١٧١ ح ٣٠٢) عن عيسى بن حماد زغبة عن الليث بن سعد به.
تنبيه:
قوله في الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه" فيه إثبات صفة الساق لله كما يليق بجلاله وعظمته، وقد سبق في ح (٤٩٨) أن كثيرًا من الشرَّاح قد أوَّلوها بالشدة والأمر المهول، أو بنور عظيم أو غير ذلك، واعتمدوا في ذلك على آثارٍ رويت عن بعض الصحابة، وقد تصدَّى لبيان الحق في هذه المسألة الشيخ سليم الهلالي في رسالة لطيفة له ألخِّص منها ما يلي:
أولًا: أن الآثار التي رويت في ذلك عن الصحابة لم تصح أسانيدها.
ثانيًا: على فرض صحتها يكون هذا التفسير من ابن عباس وغيره على مقتضى اللغة، وأن الساق في اللغة هي الشدة، ولم يقصد ابن عباس وغيره بذلك تفسيره في صفات الله تعالى في موجب الشرع ويوضِّح هذا أن قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ لا يدل بمجرده على أنها من الصفات، والذين جعلوها من الصفات إنما فعلوا ذلك في ضوء الأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في تفسيرها، فقد أورد البخاري الحديث باللفظ المبيَّن "يكشف ربنا عن ساقه" في باب قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾.
⦗٢٠٦⦘ = وقد قرَّر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا فقال: "ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ نكرة في الإثبات لم يُضفها إلى الله، ولم يقل: عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف، ولكن كثيرٌ من هؤلاء يجعلون اللفظ على ما ليس مدلولًا له، ثم يريدون صرفه عنه، ويجعلون هذا تأويلًا، وهذا خطأ من وجهين كما قدمناه غير مرة … ".
ثالثًا: أن الروايات الواردة عن التابعين في ذلك تأويل هذه الصفة كذلك لم تصح.
رابعًا: أن لفظة: "يكشف ربنا عن ساقه" اتفق البخاري ومسلم على إخراجها، وما اتفقا عليه يُعدُّ في أعلى مراتب الصحيح بخلاف لفظ "ساق" بدون الضمير فهي مما لم يتفقا عليه.
وقد حرَّر المسألة الشيخ سليم الهلالي -كما أسلفت- في بحثٍ ممتعٍ مفيد.
انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٦/ ٣٩٤ - ٣٩٥)، المنهل الرقراق في تخريج ما روي عن الصحابة والتابعين في تفسير ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾.