للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم أن ابن عباس لم ينقل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يؤثر، فقد اتفقت الأمة على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من الصحابة مع أن عامتها مرسلة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينازع في ذلك أحد من السلف وأهل الحديث والفقهاء (١) .

٢- وأما قولهم أن حذيفة صلاها بطبرستان مثل صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعسفان، كما في رواية سليم السلولي عند البيهقي، فيحتمل أن هذه صفة أخرى لصلاة الخوف في طبرستان حيث كان العدو إلى جهة القبلة فصلاها كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعسفان، ثم هذه الرواية ضعيفة، لأن سليما السلولي مجهول كما قال ابن حزم (٢) .

٣- أما قولهم أن المراد بقوله في الحديث (لم يقضوا) أي لم يعيدوا بعد الأمن فقد قال الشوكاني: هذا بعيد جدا (٣) ويرد عليهم بحديث ابن عباس عند مسلم (وفي الخوف ركعة) (٤) .

فهذا حديث صحيح ذكر أن صلاة الخوف ركعة.

٤- وأما قولهم في حديث ابن عباس الذي جاء فيه (وفي الخوف ركعة) أن المراد ركعة مع الإمام وأخرى يأتي بها متفردا: فإنه مردود بما جاء في حديث ابن عباس بذي قرد، وحديث حذيفة (ولم يقضوا) أي أنهم لم يأتوا بركعة منفردين، وما جاء عن حذيفة أنه أمر بقضاء ركعة، فهذا قد انفرد به الحجاج بن أرطاة (٥) وهو ساقط لا تحل الرواية عنه، ثم لو صح لما منع من


(١) شرح ابن القيم لسنن أبي داود بحاشية عون المعبود (٤/٨٩) والتلخيص الحبير لابن حجر (٢/٧٥) .
(٢) المحلى بالآثار (٣/٢٣٧) .
(٣) نيل الأوطار (٣/٣٢٢) .
(٤) سبق تخريجه.
(٥) الحجاج بن أرطاة بن ثور بن هبيرة بن شراحيل النخعي الكوفي. كان فقيها واحد مفتي الكوفة، وكان فيه تيه، جائز الحديث إلا أنه صاحب إرسال، ويعيب الناس منه التدليس، وحديثه فيه زيادة، قال ابن معين: صدوق ليس بالقوي وقال أبو زرعة: صدوق يدلس، وقال النسائي: ليس بالقوي: (انظر: تهذيب التهذيب (٢/١٧٢)) ت ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>