للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ إلَّا مَا يَجِبُ بِقَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْجَرَادَةِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

قَالَ (فَإِنْ خَضَبَ رَأْسَهُ بِحِنَّاءٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ)؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ. قَالَ : «الْحِنَّاءُ طِيبٌ» وَإِنْ صَارَ مُلَبَّدًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّطَيُّبِ وَدَمٌ لِلتَّغْطِيَةِ. وَلَوْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِطِيبٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ؛ لِأَجْلِ الْمُعَالَجَةِ مِنْ الصُّدَاعِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُغَلِّفُ رَأْسَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ. ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الرَّأْسِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ دَلَّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونٌ.

(فَإِنْ ادَّهَنَ بِزَيْتٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي الشَّعْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِإِزَالَةِ الشَّعَثِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِهِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ ارْتِفَاقًا بِمَعْنَى قَتْلِ الْهَوَامِّ

الْجُنُبِ؛ إمَّا لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْغِلَظِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا أَغْلَظُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ قُرْبَانِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ جَنَابَتِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يَجِبُ بِقَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْجَرَادَةِ) فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِمَا شَاءَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِحِنَّاءٍ) مُنَوَّنًا؛ لِأَنَّهُ فِعَالٍ لَا فَعْلَاءَ لِيَمْنَعَ صَرْفَهُ أَلْفُ التَّأْنِيثِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) وَكَذَا إذَا خَضَّبَتْ امْرَأَةٌ يَدَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ رَائِحَةً مُسْتَلَذَّةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَكِيَّةً (قَالَ «الْحِنَّاءُ طِيبٌ») رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، وَعَزَاهُ صَاحِبُ الْغَايَةِ إلَى النَّسَائِيّ وَلَفْظُهُ «نَهَى الْمُعْتَدَّةَ عَنْ التَّكَحُّلِ وَالدُّهْنِ وَالْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ: الْحِنَّاءُ طِيبٌ» وَهَذَا إذَا كَانَ مَائِعًا، فَإِنْ كَانَ ثَخِينًا فَلَبَّدَ الرَّأْسَ فَفِيهِ دَمَانِ لِلطِّيبِ وَالتَّغْطِيَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إذَا دَاوَمَ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً عَلَى جَمِيعِ رَأْسِهِ أَوْ رُبْعِهِ، وَكَذَا إذَا غَلَّفَ الْوَسْمَةَ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا صَحِيحٌ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ مُوجِبَةٌ بِالِاتِّفَاقِ غَيْرَ أَنَّهَا لِلْعِلَاجِ، فَلِهَذَا ذَكَرَ الْجَزَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّمَ. وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي الْجَوَامِعِ: إنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَالتَّلْبِيدُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الْخِطْمِيِّ وَالْآسِ وَالصَّمْغِ فَيَجْعَلَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ لِيَتَلَبَّدَ. وَمَا ذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ الْبَصْرَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَحَسُنَ أَنْ يُلَبِّدَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لِلتَّغْطِيَةِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِصْحَابُ التَّغْطِيَةِ الْكَائِنَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ التَّطَيُّبِ. وَفِي سِينِ الْوَسْمَةِ الْإِسْكَانُ وَالْكَسْرُ: وَهُوَ نَبْتٌ يُصْبَغُ بِوَرَقِهِ، فَإِنْ لَمْ يُغَلَّفْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْغُسْلِ بِالْأُشْنَانِ وَالسِّدْرِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُلَيِّنُ الشَّعْرَ وَيَقْتُلُ الْهَوَامَّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّهَنَ بِزَيْتٍ) خَصَّهُ مِنْ بَيْنَ الْأَدْهَانِ الَّتِي لَا رَائِحَةَ لَهَا لِيُفِيدَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ نَفْيَ الْجَزَاءِ فِيمَا عَدَاهُ مِنْ الْأَدْهَانِ كَالشَّحْمِ وَالسَّمْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>