للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ أَوْ اتَّشَحَ بِهِ أَوْ ائْتَزَرَ بِالسَّرَاوِيلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ لُبْسَ الْمَخِيطِ. وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ مَنْكِبَيْهِ فِي الْقَبَاءِ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ خِلَافًا لِزَفَرٍ؛ لِأَنَّهُ مَا لَبِسَهُ لُبْسَ الْقَبَاءِ وَلِهَذَا يَتَكَلَّفُ فِي حِفْظِهِ. وَالتَّقْدِيرُ فِي تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ مَا بَيَّنَّاهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا غَطَّى جَمِيعَ رَأْسِهِ يَوْمًا كَامِلًا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَلَوْ غَطَّى بَعْضَ رَأْسِهِ فَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الرُّبُعَ اعْتِبَارًا بِالْحَلْقِ وَالْعَوْرَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْبَعْضِ اسْتِمْتَاعٌ مَقْصُودٌ يَعْتَادُهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَكْثَرَ الرَّأْسِ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ.

فِيهِ ثُلُثُ الدَّمِ وَفِي نِصْفِهِ نِصْفُهُ، وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ يَجْرِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ لُبْسَ الْمَخِيطِ) لُبْسُ الْمِخْيَطِ أَنْ يَحْصُلَ بِوَاسِطَةِ الْخِيَاطَةِ اشْتِمَالٌ عَلَى الْبَدَنِ وَاسْتِمْسَاكٌ، فَأَيُّهُمَا انْتَفَى انْتَفَى لُبْسُ الْمَخِيطِ؛ وَلِذَا قُلْنَا فِيمَا لَوْ أَدْخَلَ مَنْكِبَيْهِ فِي الْقَبَاءِ دُونَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكَذَا إذَا لَبِسَ الطَّيْلَسَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِرَّهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِمْسَاكِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ زَرَّ الْقَبَاءَ أَوْ الطَّيْلَسَانَ يَوْمًا لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِحُصُولِ الِاسْتِمْسَاكِ بِالزِّرِّ مَعَ الِاشْتِمَالِ بِالْخِيَاطَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ الرِّدَاءَ أَوْ شَدَّ الْإِزَارَ بِحَبْلٍ يَوْمًا كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ لِلشَّبَهِ بِالْمَخِيطِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِانْتِفَاءِ الِاشْتِمَالِ بِوَاسِطَةِ الْخِيَاطَةِ. وَفِي إدْخَالِ الْمَنْكِبَيْنِ الْقَبَاءَ خِلَافُ زُفَرَ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَفْتُقَ السَّرَاوِيلَ إلَى مَوْضِعِ التِّكَّةِ فَيَأْتَزِرَ بِهِ، وَأَنْ يَلْبَسَ الْمُكَعَّبَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ إذَا كَانَ فِي وَسَطِ الْقَدَمِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ حِينَئِذٍ هُوَ الْحَاصِلُ مِنْ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْجَوْرَبِ فَإِنَّهُ كَالْخُفِّ فَلُبْسُهُ يَوْمًا مُوجِبٌ لِلدَّمِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَطَّى بَعْضَ رَأْسِهِ فَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارُ الرُّبُعِ) إنْ بَلَغَ قَدْرَ الرُّبُعِ فَدَامَ يَوْمًا لَزِمَهُ دَمٌ (اعْتِبَارًا بِالْحَلْقِ وَالْعَوْرَةِ) حَيْثُ يَلْزَمُ الدَّمُ بِحَلْقِ رُبُعِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ، وَفَسَادُ الصَّلَاةِ بِكَشْفِ رُبُعِ الْعَوْرَةِ. وَقَوْلُهُ: (وَهَذَا؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْبَعْضِ اسْتِمْتَاعٌ مَقْصُودٌ يَعْتَادُهُ بَعْضُ النَّاسِ) يَصْلُحُ إبْدَاءً لِلْجَامِعِ: أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي بِهَا وَجَبَ فِي حَلْقِ الرُّبُعِ الدَّمُ وَهِيَ الِارْتِفَاقُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ أَكْمَلُ مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِي تَغْطِيَةِ الْبَعْضِ؛ وَلِذَا يَعْتَادُهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَإِنَّمَا يَعْتَادُهُ تَحْصِيلًا لِلِارْتِفَاقِ وَإِلَّا كَانَ عَبَثًا، وَإِنْ كَانَ الْجَامِعُ هَذَا فَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الْعَوْرَةِ أَصْلًا لِانْتِفَاءِ هَذَا الْجَامِعِ، إذْ لَيْسَ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِانْكِشَافِ الرُّبُعِ لِذَلِكَ بَلْ لِعَدِّهِ كَثِيرًا عُرْفًا، وَلَيْسَ الْمُوجِبُ هَذَا هُنَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَقُلْ بِإِقَامَةِ الْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ فِي الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلِ الْوَاقِعِ فِيهِمَا التَّغْطِيَةُ وَاللُّبْسُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا لَيْسَ إلَّا لِثُبُوتِ الِارْتِفَاقِ كَامِلًا وَعَدَمِهِ، وَكَذَا إذَا غَطَّى رُبُعَ وَجْهِهِ أَوْ غَطَّتْ الْمَرْأَةُ رُبُعَ وَجْهِهَا.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعْتَبِر أَكْثَرَ الرَّأْسِ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ) وَلَمْ يَذْكُرْ لِمُحَمَّدٍ قَوْلًا. وَنَقَلَ فِي الْبَدَائِعِ عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>