للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجِبُ الدَّمُ بِنَفْسِ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ يَتَكَامَلُ بِالِاشْتِمَالِ عَلَى بَدَنِهِ.

وَلَنَا أَنَّ مَعْنَى التَّرَفُّقِ مَقْصُودٌ مِنْ اللُّبْسِ، فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ؛ لِيَحْصُلَ عَلَى الْكَمَالِ وَيَجِبُ الدَّمُ، فَقُدِّرَ بِالْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ يُلْبَسُ فِيهِ ثُمَّ يُنْزَعُ عَادَةً وَتَتَقَاصَرُ فِيمَا دُونَهُ الْجِنَايَةُ فَتَجِبُ الصَّدَقَةُ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَقَامَ الْأَكْثَرَ مَقَامَ الْكُلِّ.

الْمَخِيطِ فَدَامَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ يَوْمًا إذْ عَلَيْهِ الدَّمُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اتِّحَادِ الْجَزَاءِ إذَا لَبِسَ جَمِيعَ الْمَخِيطِ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّدْ سَبَبُ اللُّبْسِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ ثَوْبٍ فَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ، فَإِنَّ لُبْسَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَخَيَّرُ فِيهَا. وَكَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يُضْطَرَّ إلَى لُبْسِ قَمِيصٍ فَلَبِسَ قَمِيصَيْنِ أَوْ قَمِيصًا وَجُبَّةً أَوْ اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ قَلَنْسُوَةٍ فَلَبِسَهَا مَعَ عِمَامَةٍ، وَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعَيْنِ مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ وَغَيْرَهَا كَالْقَلَنْسُوَةِ مَعَ الْقَمِيصِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ يَتَخَيَّرُ فِي إحْدَاهُمَا وَهِيَ مَا لِلضَّرُورَةِ، وَالْأُخْرَى لَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا وَهِيَ مَا لِغَيْرِهَا.

وَمِنْ صُوَرِ تَعَدُّدِ السَّبَبِ وَاتِّحَادِهِ مَا إذَا كَانَ بِهِ مَثَلًا حُمَّى يَحْتَاجُ إلَى اللُّبْسِ لَهَا وَيَسْتَغْنِي عَنْهُ فِي وَقْتِ زَوَالِهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَإِنْ تَعَدَّدَ اللُّبْسِ مَا لَمْ تَزُلْ عَنْهُ. فَإِنْ زَالَتْ وَأَصَابَهُ مَرَضٌ آخَرُ أَوْ حُمَّى غَيْرُهَا وَعَرَفَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ سَوَاءٌ كَفَّرَ لِلْأُولَى أَوْ لَا عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأُولَى، فَإِنْ كَفَّرَ فَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَكَذَا إذَا حَصَرَهُ عَدُوٌّ فَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْسِ لِلْقِتَالِ أَيَّامًا يَلْبَسُهَا إذَا خَرَجَ إلَيْهِ وَيَنْزِعُهَا إذَا رَجَعَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْعَدُوُّ، فَإِنْ ذَهَبَ وَجَاءَ عَدُوٌّ غَيْرَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى. وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَاخْتِلَافِهَا لَا إلَى ضَرُورَةِ اللُّبْسِ كَيْفَ كَانَتْ.

وَلَوْ لَبِسَ لِلضَّرُورَةِ فَزَالَتْ فَدَامَ بَعْدَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَمَا دَامَ فِي شَكٍّ مِنْ زَوَالِ الضَّرُورَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تَيَقَّنَ زَوَالَهَا فَاسْتَمَرَّ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ) فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: فِي سَاعَةٍ نِصْفُ صَاعٍ. وَفِي أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ قَبْضَةٌ مِنْ بُرٍّ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ؛ لِيَحْصُلَ عَلَى الْكَمَالِ) يَتَضَمَّنُ مَنْعَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّ الِارْتِفَاقَ يَتَكَامَلُ بِالِاشْتِمَالِ بَلْ مُجَرَّدُ الِاشْتِمَالِ، ثُمَّ النَّزْعِ فِي الْحَالِ لَا يَجِدُ الْإِنْسَانُ بِهِ ارْتِفَاقًا فَضْلًا عَنْ كَمَالِهِ. وَقَوْلُهُ فِي وَجْهِ التَّقْدِيرِ بِيَوْمٍ (لِأَنَّهُ يَلْبَسُ فِيهِ ثُمَّ يَنْزِعُ عَادَةً) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْيَوْمِ بَلْ لُبْسُ اللَّيْلَةِ الْكَامِلَةِ كَالْيَوْمِ؛ لِجَرَيَانِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَسْرَارِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَقَامَ الْأَكْثَرَ مَقَامَ الْكُلِّ) كَمَا اعْتَبَرَهُ فِي كَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي لُبْسِ بَعْضِ الْيَوْمِ قِسْطُهُ مِنْ الدَّمِ كَثُلُثِ الْيَوْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>