كَمَالَ الْجِنَايَةِ بِنَيْلِ الرَّاحَةِ وَالزِّينَةِ وَبِالْقَلْمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَتَأَذَّى وَيَشِينُهُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ عَلَى مَا مَرَّ. وَإِذَا تَقَاصَرَتْ الْجِنَايَةُ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ فَيَجِبُ بِقَلْمِ كُلِّ ظُفْرٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ مُتَفَرِّقًا لَأَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ دَمًا فَحِينَئِذٍ يَنْقُصُ عَنْهُ مَا شَاءَ.
قَالَ: (وَإِنْ انْكَسَرَ ظُفُرُ الْمُحْرِمِ وَتَعَلَّقَ فَأَخَذَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْمُو بَعْدَ الِانْكِسَارِ فَأَشْبَهَ الْيَابِسَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ
(وَإِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا أَوْ حَلَقَ مِنْ عُذْرٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ذَبَحَ وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَقَدْ فَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﵊ بِمَا ذَكَرْنَا، وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْمَعْذُورِ
كَالظُّفُرَيْنِ ثُمَّ يُقَامُ أَكْثَرُهُمَا وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَجِبَ بِقَطْعِ جَوْهَرَيْنِ لَا يَتَجَزَّآنِ مِنْ قُلَامَةِ ظُفُرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَبِالْقَلْمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَتَأَذَّى) بِخِلَافِ مَا قِسْت عَلَيْهِ مِنْ الطِّيبِ وَالْحَلْقِ فِي مُوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ إذْ يَرْتَفِقُ بِهِمَا مُتَفَرِّقِينَ فَانْتَفَى الْجَامِعُ. قَالُوا: لَوْ قَصَّ سِتَّةَ عَشَرَ ظُفُرًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ أَرْبَعَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ ظُفُرٍ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ دَمًا فَيَنْقُصُ مَا شَاءَ هَذَا، وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ الْمُحْرِمُ مِمَّا فِيهِ الدَّمُ عَيْنًا أَوْ الصَّدَقَةُ عَيْنًا فَعَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا عَتَقَ لَا فِي الْحَالِ وَلَا يُبْدِلُ بِالصَّوْمِ
(قَوْلُهُ: أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا أَوْ حَلَقَ مِنْ عُذْرٍ) بِأَنْ اُضْطُرَّ إلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ مِنْ الْبَرْدِ أَوْ لِلْمَرَضِ أَوْ لَبِسَ السِّلَاحَ لِلْحَرْبِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَذْبَحُ شَاةً أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ يَنْزِعُهُ لَيْلًا وَيَلْبَسُهُ نَهَارًا مَا لَمْ يَذْهَبْ الْعَدُوُّ مَثَلًا وَيَأْتِي غَيْرُهُ، وَتَقَدَّمَ لِهَذَا زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ فَارْجِعْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ فَسَّرَهَا) أَيْ فَسَّرَ الْكَفَّارَةَ الْمُخَيَّرَ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ بِمَا ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ «حُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِك مَا أَرَى، أَوْ مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِك مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ لَا، فَقَالَ: صُمْ. ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةٍ أَوْ يُهْدِيَ شَاةً أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَفَسَّرَ الْفَرَقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى " أَتَجِدُ شَاةً " فِي الِابْتِدَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَهُ هَلْ تَجِدُ النُّسُكَ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَصْلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ كَيْ لَا تَقَعَ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute