للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَبْعَثُ بِشَاةٍ لِمَا بَيَّنَّا (وَمَنْ تَرَكَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ بَقِيَ مُحْرِمًا أَبَدًا حَتَّى يَطُوفَهَا) لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ أَكْثَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ أَصْلًا.

(وَمَنْ تَرَكَ طَوَافَ الصَّدْرِ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ شَاةٌ) لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ أَوْ الْأَكْثَرَ مِنْهُ، وَمَا دَامَ بِمَكَّةَ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ إقَامَةً لِلْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ (وَمَنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَمَنْ طَافَ طَوَافَ الْوَاجِبِ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ، فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَهُ) لِأَنَّ الطَّوَافَ وَرَاءَ الْحَطِيمِ وَاجِبٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَالطَّوَافُ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ أَنْ يَدُورَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَيَدْخُلَ الْفُرْجَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَطِيمِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدْخَلَ نَقْصًا فِي طَوَافِهِ فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ أَعَادَهُ كُلَّهُ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلطَّوَافِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (وَإِنْ أَعَادَ عَلَى الْحِجْرِ) خَاصَّةً (أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ تَلَافَى مَا هُوَ الْمَتْرُوكُ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ يَمِينِهِ خَارِجَ الْحَجَرِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَدْخُلَ الْحِجْرَ مِنْ الْفُرْجَةِ وَيَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ هَكَذَا يَفْعَلُهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ. (فَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يُعِدْهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ نُقْصَانٌ فِي طَوَافِهِ بِتَرْكِ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ الرُّبُعِ وَلَا تَجْزِيهِ الصَّدَقَةُ.

(وَمَنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَطَوَافَ الصَّدْرِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ طَاهِرًا فَعَلَيْهِ دَمٌ)، فَإِنْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَقَالَا عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يُنْقَلْ طَوَافُ الصَّدْرِ إلَى طَوَافِ الزِّيَارَةِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، وَإِعَادَةُ طَوَافِ الزِّيَارَةِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يُنْقَلُ إلَيْهِ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُنْقَلُ طَوَافُ الصَّدْرِ إلَى طَوَافِ الزِّيَارَةِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْإِعَادَةَ فَيَصِيرُ تَارِكًا لِطَوَافِ الصَّدْرِ مُؤَخِّرًا لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ فَيَجِبُ الدَّمُ بِتَرْكِ الصَّدْرِ بِالِاتِّفَاقِ وَبِتَأْخِيرِ الْآخَرِ عَلَى الْخِلَافِ، إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ طَوَافِ الصَّدْرِ مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَلَا يُؤْمَرُ بَعْدَ الرُّجُوعِ

صَرْفُ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ كُلِّهِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ النِّيَّةُ بِالْكُلِّ؛ لِوُجُودِهَا فِي الْأَكْثَرِ لَا بِالْأَكْثَرِ، وَكَانَ سَبَبُ تَصْحِيحِ تَعَلُّقِهَا بِالْكُلِّ مِنْ غَيْرِ قِرَانِ وُجُودِهَا بِالْكُلِّ الْحَرَجَ اللَّازِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ قِرَانِ وُجُودِهَا لِلْكُلِّ بِسَبَبِ النَّوْمِ الْحَاكِمِ عَلَى مَا أَسْلَفْنَا إيضَاحَهُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ، وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ.

هَذَا وَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَوْجَهَ لَكِنَّهُ غَيْرُ سَالِمٍ مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ إقَامَةَ الْأَكْثَرِ فِي تَمَامِ الْعِبَادَةِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ حُكْمٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَمْنُ الْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ لَيْسَ غَيْرُ، وَلِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّ تَرْكَ مَا بَقِيَ: أَعْنِي الطَّوَافَ يَتِمُّ مَعَهُ الْحَجُّ وَهُوَ مَوْرِدُ ذَلِكَ النَّصِّ، فَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ إقَامَةِ أَكْثَرِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ مَقَامَ تَمَامِ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَتَرْكِ بَاقِيهِ، كَمَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي نَفْسِ مَوْرِدِ النَّصِّ: أَعْنِي الْحَجَّ، فَلَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بَلْ الَّذِي نَدِينُ بِهِ أَنْ لَا يُجْزِيَ أَقَلُّ مِنْ السَّبْعِ، وَلَا يُجْبَرُ بَعْضُهُ بِشَيْءٍ غَيْرَ أَنَّا نَسْتَمِرُّ مَعَهُمْ فِي التَّقْرِيرِ عَلَى أَصْلِهِمْ هَذَا. (قَوْلُهُ وَيَبْعَثُ بِشَاةٍ) يَعْنِي عَنْ الْبَاقِي مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَبِشَاةٍ أُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>