بِمَا شَاءَ)؛ لِأَنَّ الْجَرَادَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ فَإِنَّ الصَّيْدَ مَا لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ وَيَقْصِدُهُ الْآخِذُ (وَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ) لِقَوْلِ عُمَرَ ﵁: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.
(وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَبْحِ السُّلَحْفَاةِ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْهَوَامِّ وَالْحَشَرَاتِ فَأَشْبَهَ الْخَنَافِسَ وَالْوَزَغَاتِ، وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ حِيلَةٍ وَكَذَا لَا يُقْصَدُ بِالْأَخْذِ فَلَمْ يَكُنْ صَيْدًا.
(وَمَنْ حَلَبَ صَيْدَ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ)؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ فَأَشْبَهَ كُلَّهُ.
(وَمَنْ قَتَلَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الصَّيْدِ كَالسِّبَاعِ وَنَحْوِهَا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ) إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ وَهُوَ مَا عَدَدْنَاهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَجِبُ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهَا جُبِلَتْ عَلَى الْإِيذَاءِ فَدَخَلَتْ فِي الْفَوَاسِقِ الْمُسْتَثْنَاةِ، وَكَذَا اسْمُ الْكَلْبِ يَتَنَاوَلُ السِّبَاعَ بِأَسْرِهَا لُغَةً.
فِي التَّجْنِيسِ. وَالْقَمْلَتَانِ وَالثَّلَاثُ كَالْوَاحِدَةِ. وَفِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ بَالِغًا مَا بَلَغَ نِصْفَ صَاعٍ، وَهَذَا إذَا قَتَلَهَا قَصْدًا وَكَذَا لَوْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الشَّمْسِ؛ لِقَصْدِ قَتْلِهَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ وَنَحْوُهُ، وَلَوْ أَلْقَاهُ لَا لِلْقَتْلِ فَمَاتَتْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَرَادَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ) عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا فِي أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ، فَاسْتَقْبَلَنَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُ بِسِيَاطِنَا وَعِصِيِّنَا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُوهُ فَإِنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ» وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا، لَكِنْ تَظَاهَرَ عَنْ عُمَرَ إلْزَامُ الْجَزَاءِ فِيهَا. فِي الْمُوَطَّأِ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ، فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ، فَقَالَ: عُمَرُ: إنَّك لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ، لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِقِصَّتِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ كَعْبًا سَأَلَ عُمَرَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ سُئِلَ عَنْ الْجَرَادِ يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ، وَتَبِعَ عُمَرَ أَصْحَابُ الْمَذَاهِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْمُحِيطِ: مَمْلُوكٌ أَصَابَ جَرَادَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ إنْ صَامَ يَوْمًا فَقَدْ زَادَ وَإِنْ شَاءَ جَمَعَهَا حَتَّى تَصِيرَ عِدَّةَ جَرَادٍ ثُمَّ يَصُومَ يَوْمًا.
(قَوْلُهُ كَالسِّبَاعِ وَنَحْوِهَا) فَالسِّبَاعُ كَالْأَسَدِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَالْفِيلِ. فَفِي الْمُحِيطِ: إنْ قَتَلَ خِنْزِيرًا أَوْ قِرْدًا أَوْ فِيلًا تَجِبُ الْقِيمَةُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ. وَقَوْلُ الْعَتَّابِيِّ: الْفِيلُ الْمُتَوَحِّشُ صَيْدٌ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنَّ الْمُسْتَأْنَسَ يَجِبُ كَوْنُهُ صَيْدًا أَيْضًا لِعُرُوضِ الِاسْتِئْنَاسِ كَمَا قَالُوا فِي الظَّبْيِ وَحِمَارِ الْوَحْشِ إنَّهُمَا صَيْدٌ، وَإِنْ تَأَلَّفَا. وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَجْرِيَ فِي الْفِيلِ الْمُتَأَلَّفِ رِوَايَتَانِ كَمَا أَنَّ فِي الطُّيُورِ الْمُصَوِّتَةِ رِوَايَتَيْنِ، وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ فِيهَا أَنَّهَا صَيْدٌ، وَالْمُرَادُ بِنَحْوِهَا سِبَاعُ الطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ مُعَلَّمًا وَغَيْرَ مُعَلَّمٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا اسْمُ الْكَلْبِ يَتَنَاوَلُ السِّبَاعَ بِأَسْرِهَا) وَيَدُلُّ عَلَيْهِ «أَنَّهُ ﷺ قَالَ دَاعِيًا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute