للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ لِمَكَانِ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ لَا؛ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مُؤْذٍ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ ظَاهِرًا.

(وَإِذَا صَالَ السَّبُعُ عَلَى الْمُحْرِمِ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَقَالَ زُفَرٌ: يَجِبُ الْجَزَاءُ اعْتِبَارًا بِالْجَمَلِ الصَّائِلِ. وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَتَلَ سَبُعًا وَأَهْدَى كَبْشًا وَقَالَ: إنَّا ابْتَدَأْنَاهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ التَّعَرُّضِ لَا عَنْ دَفْعِ الْأَذَى، وَلِهَذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي دَفْعِ الْمُتَوَهَّمِ مِنْ الْأَذَى كَمَا فِي الْفَوَاسِقِ فَلَأَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي دَفْعِ الْمُتَحَقَّقِ مِنْهُ أَوْلَى،

سَبُعٌ عِنْدَنَا وَغَيْرُ مَأْكُولٍ تَقْدِيمًا لِلنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَنَقُولُ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَدْرَ الْمَالِيَّةِ فِي وَقْتِ التَّنْصِيصِ، وَإِلَّا تَلْزَمُ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ.

وَإِذَا كُنْتُمْ قُلْتُمْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ إنَّ مَا بَيْنَ السِّنَّيْنِ فِي الزَّكَاةِ مِنْ كَوْنِهِ مُقَدَّرًا بِشَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ كِتَابِ الصِّدِّيقِ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِهِ كَانَ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ التَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا أَنَّهُ تَقْدِيرٌ لَازِمٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَلَأَنْ تَقُولُوا مِثْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي الصِّحَّةِ وَكَوْنُ ذَلِكَ مُخَلِّصًا مِنْ الْمُعَارَضَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَوْلَى، وَقَوْلُهُ فِي الْوَجْهِ الْمَعْقُولِ (وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ لِمَكَانِ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ لَا؛ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مُؤْذٍ) يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَاقِطُ الْجَزَاءِ مَعَ أَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ بِأَسْطُرٍ (وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا بِالْأَخْذِ إمَّا لِجِلْدِهِ أَوْ لِيَصْطَادَ بِهِ أَوْ لِدَفْعِ أَذَاهُ) حَيْثُ زَادَ بَاعِثًا آخَرَ مُعَارَضًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ أَوْجَبَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ مُطْلَقًا فَتَعَيُّنُ قِيمَةِ مُجَرَّدِ جِلْدِهِ فِي بَعْضِ الْمَقْتُولِ خُرُوجٌ عَنْ مُقْتَضَاهُ مَعَ أَنَّ أَخْذَهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي طَلَبِ جِلْدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ هُنَا، بَلْ قَدْ يَكُونُ لِغَرَضِ أَنْ يَصْطَادَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ: إنَّا ابْتَدَأْنَاهُ) هَذَا غَرِيبٌ لَا يُعْرَفُ، وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ الْمُبْتَدِئ السَّبُعَ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِنَادُ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهِ إلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ الْأَصْلِيَّ قَدْ نُسِخَ بِإِيجَابِ الْجَزَاءِ فِي الصَّيْدِ عَلَى الْعُمُومِ، فَمَا لَمْ يُخْرِجْهُ دَلِيلٌ صَحِيحٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْحُكْمِ الْعَامِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>