للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعَ وُجُودِ الْإِذْنِ مِنْ الشَّارِعِ لَا يَجِبُ الْجَزَاءُ حَقًّا لَهُ، بِخِلَافِ الْجَمَلِ الصَّائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَهُوَ الْعَبْدُ.

(فَإِنْ اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ إلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ)؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُقَيَّدٌ بِالْكَفَّارَةِ بِالنَّصِّ عَلَى مَا تَلَوْنَاهُ مِنْ قَبْلُ.

(وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الشَّاةَ وَالْبَقَرَةَ وَالْبَعِيرَ وَالدَّجَاجَةَ وَالْبَطَّ الْأَهْلِيَّ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ بِصُيُودٍ؛ لِعَدَمِ التَّوَحُّشِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَطِّ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَسَاكِنِ وَالْحِيَاضِ؛ لِأَنَّهُ أَلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ (وَلَوْ ذَبَحَ حَمَامًا مُسَرْوَلًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ) خِلَافًا لِمَالِكٍ . لَهُ أَنَّهُ أَلُوفٌ مُسْتَأْنَسٌ وَلَا يَمْتَنِعُ بِجَنَاحَيْهِ لِبُطْءِ نُهُوضِهِ،

فَالْأَوْجَهُ الِاسْتِدْلَال بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ السَّبْعُ الْعَادِي، وَالْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِدَلَالَةِ نَصِّ قَتْلِ الْفَوَاسِقِ فَإِنَّهُ أَبَاحَهُ لِتَوَهُّمِ الْأَذَى لَهُ: أَيْ لِلْقَاتِلِ أَوْ لِأَبْنَاءِ نَوْعِهِ، فَمَعَ تَحَقُّقِ الْإِيذَاءِ لَهُ نَفْسِهِ أَوْلَى، وَإِذَا ثَبَتَ الْإِذْنُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ سَقَطَ الضَّمَانُ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ الْإِذْنُ بِهِ، فَمَا لَمْ يُقَيَّدْ الْإِذْنُ بِالضَّمَانِ لَا يَجِبُ، فَلِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ إذَا اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ إلَى قَتْلِ الصَّيْدِ لِمَأْكَلِهِ عِنْدَ عَدَمِ صِيَالِهِ لِتَقَيُّدِ الْإِذْنِ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ الْآيَةَ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجَمَلِ الصَّائِلِ فَإِنَّهُ لَا إذْنَ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ) فَيَضْمَنُهُ لَهُ. وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ إذَا صَالَ بِالسَّيْفِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا إذْنَ أَيْضًا مِنْ مَالِكِهِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَضْمُونٌ فِي الْأَصْلِ حَقًّا لِنَفْسِهِ بِالْآدَمِيَّةِ لَا لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ كَسَائِرِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ أَقْرَانِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ يُقْتَلُ، وَإِذَا كَانَ ضَمَانُ نَفْسِهِ فِي الْأَصْلِ لَهُ سَقَطَ بِمُبِيحٍ جَاءَ مِنْ قَبْلِهِ وَهُوَ الْمُحَارَبَةُ، وَمَالِيَّةُ الْمَوْلَى فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً مَضْمُونَةً لَهُ فَهِيَ تَبَعٌ لِضَمَانِ النَّفْسِ فَيَسْقُطُ التَّبَعُ فِي ضِمْنِ سُقُوطِ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ: مُسَرْوَلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ: أَيْ فِي رِجْلَيْهِ رِيشٌ كَأَنَّهُ سَرَاوِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>