وَنَحْنُ نَقُولُ: الْحَمَامُ مُتَوَحِّشٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ مُمْتَنِعٌ بِطَيَرَانِهِ، وَإِنْ كَانَ بَطِيءَ النُّهُوضِ، وَالِاسْتِئْنَاسُ عَارِضٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ (وَكَذَا إذَا قَتَلَ ظَبْيًا مُسْتَأْنَسًا)؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُبْطِلُهُ الِاسْتِئْنَاسُ كَالْبَعِيرِ إذَا نَدَّ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الصَّيْدِ فِي الْحُرْمَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ.
(وَإِذَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَذَبِيحَتُهُ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يَحِلُّ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَانْتَقَلَ فِعْلُهُ إلَيْهِ. وَلَنَا أَنَّ الذَّكَاةَ فِعْلٌ مَشْرُوعٌ وَهَذَا فِعْلٌ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ ذَكَاةً كَذَبِيحَةِ
قَوْلُهُ: الْحَمَامُ مُتَوَحِّشُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ) وَالِاسْتِثْنَاءُ عَارِضٌ، بِخِلَافِ الْبَطِّ الَّذِي يَكُونُ فِي الْحِيَاضِ وَالْبُيُوتِ فَإِنَّهُ أَلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ.
. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ) يَقْتَضِي ظَاهِرًا أَنَّ اللَّامَ فِي لِغَيْرِهِ يَتَعَلَّقُ بِذَبْحِهِ لَا بِيَحِلُّ، وَلَفْظُ الْمَبْسُوطِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ الْقَاتِلِ وَيَحِلُّ لِغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ يَقْتَضِي تَعَلُّقَهُ بِيَحِلُّ، وَهُوَ الْحَقُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ التَّعْلِيلِ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحِلَّ لِلْقَاتِلِ وَحَلَّ لِغَيْرِهِ لَمْ يُنْزِلْهُ الشَّرْعُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ فَصَارَ عَامِلًا لِغَيْرِهِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هُوَ ذَلِكَ فَانْتَقَلَ فِعْلُهُ إلَيْهِمْ فَحَلَّ لَهُمْ سَوَاءٌ ذَبَحَ لِأَجْلِهِمْ أَوْ لِنَفْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute