عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) ﵀ (وَقَالَا: إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْحَجِّ أَوْ إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ بِدْعَةٌ، فَإِذَا حَلَقَ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ نُسُكًا فِي الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَهُوَ جِنَايَةٌ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ فَلَزِمَهُ الدَّمُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ حَتَّى حَجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَقَدْ أَخَّرَ الْحَلْقَ عَنْ وَقْتِهِ فِي الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ يُوجِبُ الدَّمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَلِهَذَا سَوَّى بَيْنَ التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ عِنْدَهُ وَشَرْطُ التَّقْصِيرِ عِنْدَهُمَا.
عَقِيبَ صَيْرُورَتِهِ مُحْرِمًا بِلَا مُهْلَةٍ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا شَرَعَ فِي الْأَعْمَالِ، وَقِيلَ إذَا تَوَجَّهَ سَائِرًا، وَنَصَّ فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا جَنَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ؛ لِلْجِنَايَةِ عَلَى إحْرَامَيْنِ وَدَمٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀؛ لِارْتِفَاضِ إحْدَاهُمَا قَبْلَهَا. اهـ.
(وَمِنْ الْفُرُوعِ) لَوْ جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يَسِيرَ أَوْ يَشْرَعَ عَلَى الْخِلَافِ لَزِمَهُ دَمَانِ؛ لِلْجِمَاعِ وَدَمٌ ثَالِثٌ؛ لِلرَّفْضِ، فَإِنَّهُ يَرْفُضُ إحْدَاهُمَا وَيَمْضِي فِي الْأُخْرَى وَيَقْضِي الَّتِي مَضَى فِيهَا وَحَجَّةً وَعُمْرَةً مَكَانَ الَّتِي رَفَضَهَا. وَلَوْ قَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ أَوْ أُحْصِرَ فَدَمَانِ، هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ دَمٌ سِوَى دَمِ الرَّفْضِ. وَإِذَا تَرَاخَى فَأَدْخَلَ بَعْدَ الْحَلْقِ فِي الْأُولَى لَزِمَتْهُ الثَّانِيَةُ، وَلَا يَلْزَمُ رَفْضُ شَيْءٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُتِمَّ أَفْعَالَ الْأُولَى وَيَسْتَمِرُّ مُحْرِمًا إلَى قَابِلٍ فَيَفْعَلُ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْحَلْقِ وَلَا فَوَاتَ لَزِمَهُ، ثُمَّ إنْ وَقَفَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ بِالْمُزْدَلِفَةِ رَفَضَهَا وَعَلَيْهِ دَمُ الرَّفْضِ وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا وَيَمْضِي فِيمَا هُوَ فِيهَا، وَهَذَا قَوْلُهُمَا. أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِحْرَامُهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا يَرْفُضُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْفُضْهَا وَوَقَفَ لَهَا كَانَ مُؤَدِّيًا حَجَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَا فِي لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ لَوْ لَمْ يَرْفُضْهَا وَعَادَ إلَى عَرَفَاتٍ فَوَقَفَ يَصِيرُ مُؤَدِّيًا؛ لِحَجَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ النَّحْرِ لَمْ يَرْفُضْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ قَدْ فَاتَ فَلَا يَكُونُ بِاسْتِدَامَةِ الْإِحْرَامِ مُؤَدِّيًا حَجَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ فَيُتِمُّ أَعْمَالَ الْحَجَّةِ الْأُولَى وَيُقِيمُ حَرَامًا، ثُمَّ إنْ حَلَقَ فِي الْأُولَى لَزِمَهُ دَمُ الْجِنَايَةِ عَلَى إحْرَامِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ بَلْ اسْتَمَرَّ حَتَّى حَلَّ مِنْ قَابِلٍ لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِتَأْخِيرِ الْحَلْقِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَهَلْ يَلْزَمُ دَمٌ آخَرُ؛ لِلْجَمْعِ؟. قِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ لَيْسَ إلَّا رِوَايَةُ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ.
وَإِنْ أَحْرَمَ بِالثَّانِيَةِ بَعْدَمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَجَبَ رَفْضُهَا وَدَمٌ وَقَضَاؤُهَا وَقَضَاءُ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ، وَإِنْ تَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ عُمْرَةٍ هُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ فَيَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ إحْرَامِ حَجَّتَيْنِ فَيَرْفُضُ الثَّانِيَةَ. وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ بِعُمْرَتَيْنِ فَفِي الْمَعِيَّةِ وَالتَّعَاقُبِ: أَعْنِي بِلَا فَصْلِ عَمَلِ مَا فِي الْحَجَّتَيْنِ وَالْخِلَافُ فِيمَا يَلْزَمُ وَوَقْتُ الرَّفْضِ إذَا لَزِمَ، وَفِيمَا إذَا طَافَ؛ لِلْأُولَى شَوْطًا رَفَضَ الثَّانِيَةَ وَعَلَيْهِ دَمُ الرَّفْضِ وَالْقَضَاءُ، وَكَذَا هَذَا مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ السَّعْيِ، فَإِنْ كَانَ فَرَغَ مِنْهُ إلَّا الْحَلْقَ لَمْ يَرْفُضْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِلْجَمْعِ، وَهَذِهِ تُؤَيِّدُ رِوَايَةَ لُزُومِهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجَّتَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ حَلَقَ لِلْأُولَى لَزِمَهُ دَمٌ وَاحِدٌ؛ لِلْجِنَايَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَوْ كَانَ جَامَعَ فِي الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ فَأَفْسَدَهَا ثُمَّ أَدْخَلَ الثَّانِيَةَ يَرْفُضُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute