للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَمْضِي فِي الْأُولَى حَتَّى يُتِمَّهَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مُعْتَبَرٌ بِالصَّحِيحِ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى صَحِيحَةً كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِيهَا وَيَرْفُضَ الثَّانِيَةَ فَكَذَا بَعْدَ فَسَادِهَا.

وَإِنْ نَوَى رَفْضَ الْأُولَى وَالْعَمَلَ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا الْأُولَى، وَمَنْ أَحْرَمَ وَلَا يَنْوِي شَيْئًا فَطَافَ ثَلَاثَةً أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ رَفَضَهَا؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَعَيَّنَتْ عُمْرَةً حَيْثُ أَخَذَ فِي الطَّوَافِ؛ لِمَا أَسْلَفْنَاهُ، فَحِينَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى صَارَ جَامِعًا بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ فَلِهَذَا يَرْفُضُ الثَّانِيَةَ. وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَإِمَّا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا الْمَكِّيُّ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ كَأَهْلِ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ دُونَهُمْ أَوْ الْآفَاقِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَيْنِ فَفِي الْكَافِي؛ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَقْرِنُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُضِيفُ الْعُمْرَةَ إلَى الْحَجِّ وَلَا الْحَجَّ إلَى الْعُمْرَةِ، فَإِنْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا رَفَضَ الْعُمْرَةَ وَمَضَى فِي الْحَجِّ، وَكَذَا أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ دُونَهُمْ إلَى مَكَّةَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ أَوَّلًا بِالْعُمْرَةِ مِنْ وَقْتِهَا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ رَفَضَ عُمْرَتَهُ، فَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا حَتَّى يَقْضِيَهُمَا أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ؛ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا دَمٌ، فَإِنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ شَوْطًا أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ رَفَضَ الْحَجَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ. وَإِنْ كَانَ طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ أَهَلَّ الْحَجَّ قَالَ: هَذَا يَفْرُغُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَيَفْرَغُ مِنْ حَجَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ عَنْ الْعُمْرَةِ وَهُوَ مَكِّيٌّ وَلَا يَنْبَغِي؛ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ كُوفِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هَذَا الدَّمُ اهـ.

وَلَفْظُهُ أَظْهَرُ فِي عَدَمِ رَفْضِ الْحَجِّ مِنْهُ فِي الرَّفْضِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَقَالَ: لَا يَرْفُضُ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ، فَكَأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقَوْمٌ أَنَّهُ يَرْفُضُ الْحَجَّ إنْ تَعَذَّرَ رَفَضَ الْعُمْرَةَ، وَلَوْ كَانَ الْمَكِّيُّ أَهَلَّ أَوَّلًا بِالْحَجِّ فَطَافَ شَوْطًا ثُمَّ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ رَفَضَ الْعُمْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَرْفُضْهَا وَطَافَ لَهَا وَسَعَى وَفَرَغَ مِنْهَا أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَهَلَّ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ حَجَّتِهِ. وَفِي الْكَافِي: إذَا خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى الْكُوفَةِ لِحَاجَةٍ فَاعْتَمَرَ فِيهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَإِنْ قَرَنَ مِنْ الْكُوفَةِ كَانَ قَارِنًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ كُوفِيًّا لَوْ قَرَنَ وَطَافَ لِعُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ وَافَى الْحَجَّ فَحَجَّ كَانَ قَارِنًا وَلَمْ يَبْطُلْ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ؛ لِرُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ كَمَا يَبْطُلُ عَنْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ الْإِلْمَامِ بِالْأَهْلِ شَرْطُ التَّمَتُّعِ الْمَشْرُوعِ دُونَ الْقِرَانِ عَلَى مَا أَسْلَفْنَا نَقْلَهُ وَقَرَّرْنَاهُ بِالْبَحْثِ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْإِلْمَامِ؛ لِلْقِرَانِ كَالْمُتْعَةِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَهُوَ الْآفَاقِيُّ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَوْ أَدْخَلَ إحْرَامَ الْحَجِّ عَلَى إحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، أَوْ إنْ لَمْ يَطُفْ شَيْئًا فَهُوَ قَارِنٌ وَعَلَيْهِ دَمُ شُكْرٍ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الْجَامِعِ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ قَارِنًا أَنْ يُؤَدِّيَ طَوَافَ عُمْرَتِهِ أَوْ أَكْثَرَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ تَقَدَّمَ مَا نَقَلْنَاهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَعَهُ مَا أَوْرَدْنَاهُ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَدْخَلَ فِيهِ بَعْدَ أَرْبَعَةٍ، فَإِنْ كَانَ فَعَلَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ إلْمَامٍ صَحِيحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُفْرِدٌ بِهِمَا. وَإِنْ أَدْخَلَ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ عَلَى إحْرَامِ الْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ شَيْئًا مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ فَهُوَ قَارِنٌ مُسِيءٌ وَعَلَيْهِ دَمُ شُكْرٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ قَلِيلًا فَهُوَ أَكْثَرُ إسَاءَةً وَعَلَيْهِ دَمٌ، اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَعِنْدَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ دَمُ جَبْرٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ، وَعِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ دَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>