للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (فَإِنْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ أَنْ يَقْرُنَ عَنْهُ فَالدَّمُ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ) لِأَنَّهُ وَجَبَ شُكْرًا لِمَا وَفَقَّهَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ وَالْمَأْمُورُ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْهَدُ بِصِحَّةِ الْمَرْوِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْحَجَّ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ

(وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَهُ وَاحِدٌ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَالْآخَرُ بِأَنْ يَعْتَمِرَ عَنْهُ وَأَذِنَا لَهُ بِالْقِرَانِ) فَالدَّمُ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا

حَيْثُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ، بِخِلَافِهِ بِمَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ أَنْ يَقْرُنَ عَنْهُ فَالدَّمُ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ) وَهُوَ الْمَأْمُورُ لَا فِي مَالِ الْآمِرِ. وَقَرَنَ يَقْرُنُ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ (لِأَنَّهُ وَجَبَ شُكْرًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ، وَالْمَأْمُورُ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ قَالُوا: إنَّ هَذِهِ تَشْهَدُ بِصِحَّةِ الْمَرْوِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ الْحَجَّ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ) وَإِنَّمَا لِلْآمِرِ ثَوَابُ النَّفَقَةِ يَسْقُطُ بِهِ الْحَجُّ عَنْ الْآمِرِ شَرْعًا.

وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَلْزَمُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْأَفْعَالَ إنَّمَا وُجِدَتْ مِنْ الْمَأْمُورِ حَقِيقَةً غَيْرَ أَنَّهَا تَقَعُ عَنْ الْآمِرِ شَرْعًا. وَوُجُوبُ هَذَا الدَّمِ شُكْرًا مُسَبَّبٌ عَنْ الْوُجُودِ الْحَقِيقِيِّ، وَلِأَنَّ مُوجِبَ هَذَا الْفِعْلِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ مِنْ الْهَدْيِ وَالصَّوْمِ غَيْرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجِبُ عَلَى تَقْدِيرٍ، وَأَحَدُهُمَا بِتَقْدِيرِهِ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَهُوَ الصَّوْمُ فَكَذَا الْآخَرُ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُوجِبٌ وَاحِدٌ لِهَذَا الْعَمَلِ

(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ وَاحِدٌ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَالْآخَرُ أَنْ يَعْتَمِرَ عَنْهُ وَأَذِنَا لَهُ فِي الْقِرَانِ) يَعْنِي يَكُونُ الدَّمُ فِي مَالِهِ (لِمَا قُلْنَا) وَقَيَّدَ بِإِذْنِهِمَا لَهُ بِالْقِرَانِ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنَا لَهُ فَقَرَنَ عَنْهَا كَانَ مُخَالِفًا فَيَضْمَنُ نَفَقَتَهُمَا، لَا لِأَنَّ إفْرَادَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَانِهِمَا بَلْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَمْرَ الْآمِرِ بِالنُّسُكِ يَتَضَمَّنُ إفْرَادَ السَّفَرِ لَهُ بِهِ لِمَكَانِ النَّفَقَةِ أَعْنِي تَضَمُّنَ الْأَمْرِ بِإِنْفَاقِ مَالِهِ فِي جَمِيعِ سَفَرِهِ وَيَسْتَلْزِمُ زِيَادَةَ الثَّوَابِ، وَفِي الْقِرَانِ عَدَمُ إفْرَادِ السَّفَرِ فَقَلَّتْ النَّفَقَةُ وَنَقَصَ الثَّوَابُ فَكَانَ مُخَالِفًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>