. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرَّيِّ فَحَضَرَهُ الْمَوْتُ فَأَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ.
أَمَّا لَوْ أَوْصَى أَنْ يَقْرُنَ عَنْهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْرُنُ عَنْهُ مِنْ الرَّيِّ لِأَنَّهُ لَا قِرَانَ لِأَهْلِ مَكَّةَ فَيَحْمِلُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَوْطَانٌ فِي بُلْدَانٍ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ أَقْرَبِهَا إلَى مَكَّةَ، وَلَوْ عَيَّنَ مَكَانًا جَازَ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إذَا عَيَّنَ مَكَانًا مَاتَ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مَكَانَ مَوْتِهِ وَقَدْ مَاتَ فِي سَفَرٍ، إنْ كَانَ سَفَرَ الْحَجِّ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ: وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي الَّذِي يَحُجُّ عَنْ نَفْسِهِ: يَعْنِي إذَا مَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَأَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَأَطْلَقَ يَلْزَمُ الْحَجَّ مِنْ بَلَدِهِ عِنْدَهُ إلَّا إنْ عَجَزَ الثُّلُثَ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ مَاتَ.
وَلَوْ كَانَ سَفَرَ تِجَارَةٍ حَجَّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ تَعَيُّنَ مَكَانِ مَوْتِهِ فِي سَفَرِ الْحَجِّ عِنْدَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ عِبَادَةُ سَفَرِهِ مِنْ بَلَدِهِ إلَى مَحَلِّ مَوْتِهِ، فَبِالسَّفَرِ مِنْهُ يَتَحَقَّقُ سَفَرُ الْحَجِّ مِنْ بَلَدِهِ، وَلَا عِبَادَةَ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ لِيَعْتَبِرَ الْبَعْضَ الَّذِي قَطَعَ عِبَادَةً مَعَ الْبَعْضِ الَّذِي بَقِيَ فَيَجِبُ إنْشَاءُ السَّفَرِ مِنْ الْبَلَدِ تَحْصِيلًا لِلْوَاجِبِ. فَإِنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَلَدِهِ بِالْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ وَهُوَ الْعَادَةُ أَيْضًا أَنْ يَخْرُجَ الْإِنْسَانُ مِنْ بَلَدِهِ مُجَهَّزًا فَيَنْصَرِفَ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ وَلِهَذَا وَافَقَا أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْحَاجِّ الَّذِي مَاتَ فِي الطَّرِيقِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فِي طَرِيقِهِ حَتَّى تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ ثُمَّ مَاتَ فَأَوْصَى مُطْلَقًا أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ السَّفَرَ لَمَّا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْحَجَّةُ الَّتِي خَرَجَ لَهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ عَنْ الْحَجِّ إذَا حَصَلْنَا عَلَى هَذَا، فَلَوْ أَوْصَى عَلَى وَجْهٍ انْصَرَفَتْ إلَى بَلَدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالًا فَفَعَلَ الْوَاجِبَ فَأَحَجُّوا مِنْهَا وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَقَدْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا أَوْ سُرِقَتْ كُلُّهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَحُجُّ عَنْهُ ثَانِيًا مِنْ بَلَدِهِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ. وَقَالَا: مِنْ حَيْثُ مَاتَ.
وَأَمَّا فِي جَانِبِ الْمَالِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَنْظُرُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْمَدْفُوعِ شَيْءٌ حَجَّ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ. إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ تَمَامَ الثُّلُثِ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَهُ يُكَمَّلُ، فَإِنْ بَلَغَ بَاقِيهِ مَا يَحُجُّ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مَا يَبْلُغُ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ، مَثَلًا: كَانَ الْمُخَلَّفُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ دَفَعَ الْوَصِيُّ أَلْفًا فَهَلَكَتْ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَا يَكْفِيهِ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي أَوْ كُلِّهِ وَهُوَ أَلْفٌ، فَلَوْ هَلَكَتْ الثَّانِيَةُ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي بَعْدَهَا هَكَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ لَا يَبْقَى مَا ثُلُثُهُ يَبْلُغُ الْحَجَّ فَتَبْطُلُ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: يَأْخُذُ ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا فَإِنَّهَا مَعَ تِلْكَ الْأَلْفِ ثُلُثُ الْأَرْبَعَةِ الْآلَافِ، فَإِنْ كَفَتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: إنْ فَضَلَ مِنْ الْأَلْفِ الْأُولَى مَا يَبْلُغُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. فَالْخِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُ ثَانِيًا وَفِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ الْإِحْجَاجُ مِنْهُ ثَانِيًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ تَعْيِينَ الْوَصِيِّ كَتَعْيِينِ الْمُوصِي، وَلَوْ عَيَّنَ الْمُوصِي مَالًا فَهَلَكَتْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، فَكَذَا إذَا عَيَّنَ الْوَصِيُّ.
وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ فَتَعْيِينُ الْوَصِيِّ إيَّاهُ صَحِيحٌ وَتَعْيِينُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute