للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) ذُكِرَ (فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ يُجَامِعُهَا) وَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَلِّلُهَا بِغَيْرِ الْجِمَاعِ بِقَصِّ شَعْرٍ أَوْ بِقَلْمِ ظُفْرٍ ثُمَّ يُجَامِعُ، وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَلِّلُهَا بِالْمُجَامَعَةِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْدِيمِ مَسٍّ يَقَعُ بِهِ التَّحَلُّلُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحَلِّلَهَا بِغَيْرِ الْمُجَامَعَةِ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْحَجِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

فَكَشَفَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ.

وَزَادَ: «فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مُقَدَّمًا، وَأَبَا بَكْرٍ رَأْسُهُ بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَعُمَرُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ »، صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الزِّيَارَةِ يَأْتِي الرَّوْضَةَ فَيُكْثِرُ فِيهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتٌ تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ.

فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» وَفِي رِوَايَةٍ «قَبْرِي وَمِنْبَرِي» وَيَقِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَيَدْعُو، فَفِي الْحَدِيثِ «قَوَاعِدُ مِنْبَرِي رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ» وَعَنْهُ «مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ» وَكَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى رُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ الَّتِي كَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُطْبَةِ، وَهُنَاكَ الْآنَ قِطْعَةٌ تُدْخِلُ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مِنْ طَاقَةٍ فِي الْمِنْبَرِ إلَيْهَا يَتَبَرَّكُونَ بِهَا يُقَالُ إنَّهَا مِنْ بَقَايَا مِنْبَرِهِ ، وَيَجْتَهِدُ أَنْ لَا يَفُوتَهُ مُدَّةَ مَقَامِهِ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ. فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ صَلَاةً فِي مَسْجِدِهِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَهَذَا التَّفْضِيلُ مُخْتَصٌّ بِالْفَرَائِضِ.

وَقِيلَ فِي النَّفْلِ أَيْضًا، وَلَعَلَّنَا قَدَّمْنَا مَا يَنْفِيهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْهُ أَنَّ «أَفْضَلَ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي مَنْزِلِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ»، وَهَذَا قَالَهُ وَهُوَ فِي الْمَدِينَةِ يُشَافِهُ بِهِ الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْغَائِبِينَ، ثُمَّ هُوَ لَمْ يُؤْثَرْ عَنْهُ التَّنَفُّلَ فِي الْمَسْجِدِ بَلْ فِي بَيْتِهِ مِنْ التَّهَجُّدِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُصَلِّ نَافِلَةً إلَّا فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ، وَخِلَافُهُ قَلِيلٌ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ خُصُوصًا وَمَنْ بَيْتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ نَقَلَ قَدَمًا وَاحِدَةً.

وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ أَمَرَ الْمَرْأَةَ الَّتِي سَأَلَتْهُ الْحُضُورَ وَالصَّلَاةَ مَعَهُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِهَا مَعَ أَنَّ الْخُرُوجَ لَهُنَّ كَانَ مُبَاحًا إذْ ذَاكَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا تَخْرِيجَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ. فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الْخُرُوجِ لَهُنَّ إذْ ذَاكَ كَانَ لِيَتَعَلَّمْنَ مَا يُشَاهِدْنَهُ مِنْ آدَابِ الصَّلَاةِ وَحُسْنِ أَدَاءِ النَّاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ وَيَتَعَوَّدْنَ الْمُوَاظَبَةَ وَلَا يَسْتَثْقِلْنَ الصَّلَاةَ فِي الْبَيْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ كُلَّ يَوْمٍ إلَى الْبَقِيعِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَيَزُورُ الْقُبُورَ الَّتِي بِهَا خُصُوصًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيُبَكِّرُ كَيْ لَا تَفُوتَهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَدْ كَانَ يَزُورُهُ «وَقَالَ لِأُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ لَمَّا أَخَذَ بِيَدِهَا فَذَهَبَا إلَيْهِ: تَرَيْنَ هَذِهِ الْمَقْبَرَةَ؟ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ: يُبْعَثُ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ» وَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ.

وَيَزُورُ الْقُبُورَ الْمَشْهُورَةَ كَقَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقَبْرِ الْعَبَّاسِ وَهُوَ فِي قُبَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَفِيهَا قَبْرَانِ الْغَرْبِيُّ مِنْهُمَا قَبْرُ الْعَبَّاسِ وَالشَّرْقِيُّ قَبْرُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَزَيْنُ الْعَابِدِينَ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ وَابْنُهُ جَعْفَرُ الصَّادِقُ كُلُّهُمْ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَعِنْدَ بَابِ الْبَقِيعِ عَنْ يَسَارِ الْخَارِجِ قَبْرُ صَفِيَّةَ أُمِّ الزُّبَيْرِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَفِيهِ قَبْرُ فَاطِمَةَ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ عَلِيٍّ ، وَيُصَلِّي فِي مَسْجِدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِبَيْتِ الْأَحْزَانِ، وَقِيلَ قَبْرُهَا فِيهِ، وَقِيلَ بَلْ فِي الصُّنْدُوقِ الَّذِي هُوَ أَمَامَ مُصَلَّى الْإِمَامِ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ، وَاسْتَبْعَدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>