. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِاسْتِقْبَالِ بِكَوْنِ اسْتِدْبَارِهِ الْقِبْلَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَخْذِهِ إلَى جِهَتِهَا فَيَصْدُقُ الِاسْتِدْبَارُ وَنَوْعٌ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وُقُوفُ الزَّائِرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ تَمَامِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِقْبَالِهِ ﷺ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْبَصَرُ نَاظِرًا إلَى جَنْبِ الْوَاقِفِ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا يَكُونُ الْوَاقِفُ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَهُ ﵊ وَبَصَرَهُ فَيَكُونُ أَوْلَى، ثُمَّ يَقُولُ فِي مَوْقِفِهِ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا خَيْرَ خَلْقِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا خِيرَةِ اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّك عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَّغْت الرِّسَالَةَ وَأَدَّيْت الْأَمَانَةَ وَنَصَحْت الْأُمَّةَ وَكَشَفْت الْغُمَّةَ، فَجَزَاك اللَّهُ عَنَّا خَيْرًا، جَازَاك اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ.
اللَّهُمَّ أَعْطِ سَيِّدَنَا عَبْدَك وَرَسُولَك مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْته، وَأَنْزِلْهُ الْمَنْزِلَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَك، إنَّك سُبْحَانَك ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى حَاجَتَهُ مُتَوَسِّلًا إلَى اللَّهِ بِحَضْرَةِ نَبِيِّهِ ﵊. وَأَعْظَمُ الْمَسَائِلِ وَأَهَمُّهَا سُؤَالُ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ وَالرِّضْوَانِ وَالْمَغْفِرَةِ، ثُمَّ يَسْأَلُ النَّبِيَّ ﷺ الشَّفَاعَةَ فَيَقُولُ. يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْأَلُك الشَّفَاعَةَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْأَلُك الشَّفَاعَةَ وَأَتَوَسَّلُ بِك إلَى اللَّهِ فِي أَنْ أَمُوتَ مُسْلِمًا عَلَى مِلَّتِك وَسُنَّتِك، وَيَذْكُرُ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعْطَافِ وَالرِّفْقِ بِهِ، وَيَجْتَنِبُ الْأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ عَلَى الْإِدْلَالِ وَالْقُرْبِ مِنْ الْمُخَاطَب فَإِنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ. وَعَنْ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: سَمِعْت بَعْضَ مَنْ أَدْرَكْت يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: ﷺ يَا مُحَمَّدُ سَبْعِينَ مَرَّةً، نَادَاهُ مَلَكٌ ﷺ وَعَلَيْك يَا فُلَانُ وَلَمْ تَسْقُطْ لَهُ حَاجَةٌ.
هَذَا وَلْيُبَلِّغْ سَلَامَ مَنْ أَوْصَاهُ بِتَبْلِيغِ سَلَامِهِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يُسَلِّمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ. يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵀ كَانَ يُوصِي بِذَلِكَ وَيُرْسِلُ الْبَرِيدَ مِنْ الشَّامِ إلَى الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ بِذَلِكَ، وَمَنْ ضَاقَ وَقْتُهُ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ.
وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ الْإِيجَازُ فِي ذَلِكَ جِدًّا، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَمِينِهِ إذَا كَانَ مُسْتَقْبِلًا قَيْدَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁، فَإِنَّ رَأْسَهُ حِيَالَ مَنْكِبِ النَّبِيِّ ﷺ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا يَكُونُ تَأَخُّرُهُ إلَى وَرَائِهِ بِجَانِبِهِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَثَانِيَهُ فِي الْغَارِ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، جَزَاك اللَّهُ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ خَيْرًا، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ كَذَلِكَ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ ﵁، لِأَنَّ رَأْسَهُ مِنْ الصِّدِّيقِ كَرَأْسِ الصِّدِّيقِ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ الْفَارُوقَ الَّذِي أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، جَزَاك اللَّهُ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ خَيْرًا، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى حِيَالِ وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي وَيُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّهِ وَيَدْعُو وَيَسْتَشْفِعُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِمَنْ أَحَبَّ، وَيَخْتِمُ دُعَاءَهُ بِآمِينَ وَالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ.
وَقِيلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَوْدِ إلَى رَأْسِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ ﵂ فَقُلْت: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَصَاحِبَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute