للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ) فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ (وَ) لَا بِلَفْظِ (الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِعَارَةِ) لِمَا قُلْنَا (وَ) لَا بِلَفْظِ (الْوَصِيَّةِ) لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

لَا يَصِحُّ. وَقِيلَ يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ تُمْلَكُ بِهِ الرِّقَابُ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَالسَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ يَنْعَقِدُ، حَتَّى لَوْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ يَنْعَقِدُ الْمِلْكُ فَاسِدًا لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَا يُفْسِدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلَّفْظِ يُفْسِدُ مَجَازَيْهِ لِعَدَمِ لُزُومِ اشْتِرَاكِ الْمُفْسِدِ فِيهِمَا.

وَفِي لَفْظِ الصَّرْفِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: قِيلَ لَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِإِثْبَاتِ مِلْكِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَا يَتَعَيَّنُ. وَقِيلَ يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مِلْكُ الْعَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمَا قَوْلَانِ، وَكَأَنَّ مَنْشَأَهُمَا الرِّوَايَتَانِ.

وَأَمَّا الْفَرْضُ فَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِهِ لِثُبُوتِ مِلْكِ الْعَيْنِ بِهِ، وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِعَارَةِ. قِيلَ الْأَوَّلُ قِيَاسُ قَوْلِهِمَا، وَالثَّانِي قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِهِ فِي الْعَيْنِ وَعِنْدَهُ لَا.

وَأَمَّا لَفْظُ الصُّلْحِ فَذَكَرَ صَاحِبُ الْأَجْنَاسِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَالْعَطِيَّةِ جَائِزٌ.

[الْقِسْمُ الثَّالِثُ] لَا يَنْعَقِدُ بِالْإِجَارَةِ فِي الصَّحِيحِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ، وَجْهُهُ أَنَّ الثَّابِتَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِلْكُ مَنْفَعَةٍ فَوُجِدَ الْمُشْتَرَكُ، وَجْهُ الصَّحِيحِ عَلَى مَا ذَكَرُوا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا مُؤَقَّتَةً، وَالنِّكَاحُ يُشْتَرَطُ فِيهِ نَفْيُهُ فَتَضَادَّا، فَلَا يُسْتَعَارُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْمُتَضَادَّانِ هُمَا الْعَرْضَانِ اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَزِمَكُمْ مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ النِّكَاحَ مَعَ جَوَازِ الْعَقْدِ بِهِ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ التَّوْقِيتَ لَيْسَ جُزْءُ مَفْهُومِ لَفْظِ الْإِجَارَةِ بَلْ شَرْطٌ لِاعْتِبَارِهِ شَرْعًا خَارِجٌ عَنْهُ فَهُوَ مُجَرَّدُ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مُجَرَّدًا لَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا عَلَى مِثَالِ الصَّلَاةِ هِيَ الْقِيَامُ إلَخْ، وَلَوْ وُجِدَتْ بِلَا طَهَارَةٍ لَا تُعْتَبَرُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الطَّهَارَةَ جُزْءُ مَفْهُومِ الصَّلَاةِ، وَلِذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّوْجِيهِ بِهَذَا إلَى نَفْيِ السَّبَبِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَلَاقَةُ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ حَتَّى يَتَجَوَّزَ بِهَا عَنْ النِّكَاحِ وَلِهَذَا تَبْطُلُ بِالْإِعَارَةِ، وَهَذَا إذَا جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَأْجَرَةً. أَمَّا إذَا جُعِلَتْ بَدَلَ الْإِجَارَةِ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَأَنْ يُقَالَ اسْتَأْجَرْت دَارَك بِابْنَتِي هَذِهِ أَوْ أَسْلَمْتهَا إلَيْك فِي كَرِّ حِنْطَةٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ، فَإِنَّهُ أَضَافَ إلَيْهَا بِلَفْظٍ تُمْلَكُ بِهِ الرِّقَابُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) وَعَنْ الطَّحَاوِيِّ يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فِي الْجُمْلَةِ. وَعَنْ الْكَرْخِيِّ إنْ قَيَّدَ الْوَصِيَّةَ بِالْحَالِ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِبِنْتِي هَذِهِ الْآنَ يَنْعَقِدُ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ بِهِ صَارَ مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي صِحَّتِهِ حِينَئِذٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَتْ بِالْحَالِ يَصِحُّ، أَوْ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِابْنَتِي بَعْدَ مَوْتِي لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا، وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>