للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الْمُسْلِمِ.

وَلَهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ شُرِطَتْ فِي النِّكَاحِ عَلَى اعْتِبَارِ إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِوُرُودِهِ عَلَى مَحَلِّ ذِي خَطَرٍ لَا عَلَى اعْتِبَارِ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذْ لَا شَهَادَةَ تُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْمَالِ وَهُمَا شَاهِدَانِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْعَقْدَ

الْفِقْهِ وَعَنْ الْحِكْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْ زَادَ النَّائِمِينَ وَنَصَّ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَهُمَا ثُمَّ الشَّرْطُ أَنْ يَسْمَعَا مَعًا كَلَامَهُمَا مَعَ الْفَهْمِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَذُكِرَ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، قَالَ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ اهـ. إذْ لَوْ سَمِعَ أَحَدُ الشُّهُودِ ثُمَّ أُعِيدَ عَلَى الْآخَرِ فَسَمِعَهُ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ الثَّابِتُ عَلَى كُلِّ عَقْدٍ سِوَى شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْهُ: لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِهِمَا مَعًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَزَوَّجَهَا بِحَضْرَةِ هِنْدِيَّيْنِ لَمْ يَفْهَمَا لَمْ يَجُزْ. وَعَنْهُ: إنْ أَمْكَنَهُمَا أَنْ يُعَبِّرَا مَا سَمِعَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَحَكَى فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ خِلَافًا فِيهِ وَجَعَلَ الظَّاهِرَ عَدَمَ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ شُرِطَتْ فِي النِّكَاحِ عَلَى اعْتِبَارِ إثْبَاتِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكَهُ عَلَيْهَا (لِوُرُودِهِ عَلَى حَمْلِ ذِي خَطَرِ) وَهُوَ بُضْعُ أُنْثَى لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ مُحَلَّلَةً مِنْ بَنَاتِ آدَمَ عَلَى وَجْهٍ يُقْصِرُهَا عَلَى نَفْسِهِ لِاسْتِيفَاءِ حَاجَاتِهِ مِنْهَا وَهَذِهِ مِنْ جَلَائِلِ النِّعَمِ، وَهُوَ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِاشْتِرَاطِ إحْضَارِ السَّامِعِينَ الْعُقَلَاءِ إظْهَارًا لِتَعْظِيمِ هَذَا الْعَقْدِ لِيَقَعَ فِي مَحْفِلٍ مِنْ الْمَحَافِلِ، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ بِإِيجَابِ الْمَالِ عَلَيْهِ دُونَهَا مَعَ أَنَّ مِلْكَ الْمُتْعَةِ مُشْتَرَكٌ.

فَعُلِمَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الشَّهَادَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ لَيْسَ لِمِلْكِ كُلٍّ مِنْهُمَا التَّمَتُّعُ بِكُلٍّ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَصَّ بِلُزُومِهِ وَلَا عَلَى اعْتِبَار وُجُوبِ الْمَهْرِ لَهَا عَلَيْهِ لِيَكُونَا شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ، إذْ لَا شَهَادَةَ تُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْمَالِ فِيمَا عُهِدَ مِنْ تَقْرِيرَاتِ الشَّرْعِ فِي مَوْضِعٍ، وَلَا عَلَى اعْتِبَارِ مِلْكِهِمَا الِازْدِوَاجُ الْمُشْتَرَكُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ تَبَعًا لِمِلْكِ الْبُضْعِ وَلَا تُشْتَرَطُ لِلتَّوَابِعِ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى شِرَاءِ الْأَمَةِ لِلْوَطْءِ فَإِنَّ مِلْكَهُ مِنْ تَوَابِعِ مِلْكِ رَقَبَتِهَا.

وَإِذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا كَانَا شَاهِدَيْنِ عَلَيْهَا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ فَيَجُوزُ بِذِمِّيِّينَ فَإِنَّهُ إظْهَارُ خَطَرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا شَرْعًا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَا ذِمِّيِّينَ حَكَمَ الشَّرْعُ بِصِحَّتِهِ، حَتَّى لَوْ أَسْلَمَا بَقِيَ عَلَى الصِّحَّةِ (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الزَّوْجِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ اُشْتُرِطَتْ فِي الْعَقْدِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَالْعَقْدُ يَقُومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>