. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِهِمَا. هَذَا وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهَا إذَا أَنْكَرَتْ لَا عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَقُولَا كَانَ مَعَنَا مُسْلِمَانِ.
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا لِإِثْبَاتِهَا فِعْلِ الْمُسْلِمِ وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا. وَلَوْ أَسْلَمَا ثُمَّ أَدَّيَا تُقْبَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ سَمَاعَهُمَا كَلَامِ الْمُسْلِمِ مُعْتَبَرٌ وَامْتِنَاعُ الْأَدَاءِ لِلْكُفْرِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ إلَّا إذَا قَالَا كَانَا مَعَنَا مُسْلِمَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ.
وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ ابْنَيْهَا قُبِلَا عَلَيْهَا فَقَطْ، أَوْ ابْنَيْهِ فَعَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ ابْنَيْهِمَا فَلَا يُقْبَلَانِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ أَوْ أَخْرَسَيْنِ سَمِيعَيْنِ حَيْثُ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِمَا وَلَا أَدَاءَ لَهُمَا لِعَدَمِ الْبَصَرِ وَالتَّكَلُّمِ، وَالْعُدْوَانِ عَلَى التَّفْصِيلِ، فَعَدُوُّهُ يُقْبَلَانِ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ، وَعَدُوَّاهَا يُقْبَلَانِ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا، وَعَدُوَّاهُمَا لَا يُقْبَلَانِ مُطْلَقًا.
أَمَّا الِانْعِقَادُ فَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَوْلَادِ وَالْأَعْدَاءِ كَيْفَ كَانُوا، وَأَمَّا الْأَخَوَانِ بِأَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَادَّعَاهُ الْأَبُ وَالْبِنْتُ كَبِيرَةٌ أَوْ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَ لَا تُقْبَلُ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْمَرْأَةُ مُنْكِرَةٌ أَوْ الْأَبُ قُبِلَتْ، هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي الْأَبَ أَوْ الْمَرْأَةَ أَيْضًا.
وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَدَّعِيهِ الْأَبُ فَشَهَادَتُهُمَا فِيهِ بَاطِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُ لِشُبْهَةِ الْأُبُوَّةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِثُبُوتِ مَنْفَعَةِ نَفَاذِ كَلَامِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ شَيْءٍ لِلْأَبِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ جَحْدًا وَادِّعَاءً، فَشَهَادَةُ ابْنَيْهِ فِيهِ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ وَلِيَهُ مِمَّا يَكُونُ خَصْمًا فِيهِ كَالْبَيْعِ وَنَظَائِرِهِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَنْفَعَةَ نَفَاذِ الْقَوْلِ مَنْفَعَةً، وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا لِلْأَبِ. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ فِي تَفْسِيرِهِ: يُرِيدُ أَنَّ الشَّهَادَةَ تَبْطُلُ فِي حَالِ ادِّعَائِهِ مِنْ طَرِيقِ التُّهْمَةِ، وَكَذَا فِي حَالِ جُحُودِهِ لِوُقُوعِهَا لِغَيْرِ خَصْمٍ يَدَّعِي اهـ.
وَفَسَّرَ فِي الْمَبْسُوطِ جُحُودَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ جُحُودِهِ إنْ كَانَ الْآخَرُ جَاحِدًا أَيْضًا لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ الدَّعْوَى، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْآخَرُ مُدَّعِيًا فَمَقْبُولَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ مَنْفَعَةٌ فِيهَا كَمَا إذَا شَهِدُوا عَلَيْهِ بِبَيْعِ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِأَلْفٍ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ لِلْأَبِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ كَلَّمَك فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَ ابْنَا فُلَانٍ أَنَّ أَبَاهُمَا كَلَّمَهُ جَازَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ جَاحِدًا أَوْ مُدَّعِيًا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاحِدًا.
وَلَوْ زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَه ثُمَّ شَهِدَ مَعَ أَخِيهَا عَلَيْهَا بِالرِّضَا وَهِيَ تُنْكِرُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا هُوَ فِيهِ خَصْمٌ أَوْ لَا
[فَرْعَانِ]
لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا إنْ سَمَّيَا الْمَهْرَ يَنْعَقِدُ نِكَاحًا مُبْتَدَأً كَذَا فِي الدِّرَايَةِ. وَقَدَّمْنَا أَنَّهُمَا إذَا أَقَرَّا بِهِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا إنْ قَالَ الشُّهُودُ جَعَلْتُمَا هَذَا نِكَاحًا فَقَالَا نَعَمْ فَيَنْعَقِدُ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِالْجَعْلِ.
قَالَ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ أَقَرَّا بِعَقْدٍ مَاضٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ عَقْدٌ لَا يَكُونُ نِكَاحًا. وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَهُوَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ يَكُونُ نِكَاحًا وَيَتَضَمَّنُ إقْرَارُهُمَا الْإِنْشَاءَ، بِخِلَافِ إقْرَارِهِمَا بِمَاضٍ لِأَنَّهُ كَذِبٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَسْت لِي امْرَأَةٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَقَعُ كَأَنَّهُ قَالَ لِأَنِّي طَلَّقْتُك. وَلَوْ قَالَ لَمْ أَكُنْ تَزَوَّجْتهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ اهـ.
يَعْنِي إذَا لَمْ يَقُلْ الشُّهُودُ جَعَلْتُمَا هَذَا نِكَاحًا وَالْحَقُّ هَذَا التَّفْصِيلُ.
وَفِي الْفَتَاوَى: بَعَثَ أَقْوَامًا لِلْخُطْبَةِ فَزَوَّجَهَا الْأَبُ بِحَضْرَتِهِمْ قِيلَ: لَا يَصِحُّ وَإِنْ قَبِلَ عَنْ الزَّوْجِ إنْسَانٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شُهُودٍ لِأَنَّ الْقَوْمَ كُلَّهُمْ خَاطِبُونَ مَنْ تَكَلَّمَ وَمَنْ لَا، لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ هَكَذَا أَنْ يَتَكَلَّمَ وَاحِدٌ وَيَسْكُتَ الْبَاقُونَ وَالْخَاطِبُ لَا يَصِيرُ شَاهِدًا. وَقِيلَ يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي جَعْلِ الْكُلِّ خَاطِبًا فَيَجْعَلَ الْمُتَكَلِّمَ خَاطِبًا فَقَطْ وَالْبَاقِي شُهُودٌ