للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ وَالْجَدَّاتُ أُمَّهَاتٌ، إذْ الْأُمُّ هِيَ الْأَصْلُ لُغَةً أَوْ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ (وَلَا بِبِنْتِهِ) لِمَا تَلَوْنَا (وَلَا بِبِنْتِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَتْ) لِلْإِجْمَاعِ.

(وَلَا بِأُخْتِهِ وَلَا بِبَنَاتِ أُخْتِهِ وَلَا بِبَنَاتِ أَخِيهِ وَلَا بِعَمَّتِهِ وَلَا بِخَالَتِهِ) لِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَتَدْخُلُ فِيهَا الْعَمَّاتُ الْمُتَفَرِّقَاتُ وَالْخَالَاتُ الْمُتَفَرِّقَاتُ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ لِأَنَّ جِهَةَ الِاسْمِ عَامَّةٌ.

قَالَ (وَلَا بِأُمِّ امْرَأَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾

السَّابِعُ: التَّنَافِي كَنِكَاحِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَالسَّيِّدَةِ عَبْدَهَا (قَوْلُهُ إذْ الْأُمُّ هِيَ الْأَصْلُ لُغَةً) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ وَسُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِهَا وَالْخَمْرُ أُمَّ الْخَبَائِثِ، فَعَلَى هَذَا ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْجَدَّاتِ بِمَوْضُوعِ اللَّفْظِ وَحَقِيقَتِهِ لِأَنَّ الْأُمَّ عَلَى هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُشَكِّكِ (قَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُ الْأُمِّ عَلَى الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ حَتَّى لَا يَتَنَاوَلَ النَّصُّ الْجَدَّاتِ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأُمَّ مُرَادٌ بِهَا الْأَصْلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُ إنْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ حَقِيقَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِإِرَادَتِهِ مَجَازًا فَتَدْخُلُ الْجَدَّاتُ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ وَالْمُعَرِّفُ لِإِرَادَةِ ذَلِكَ فِي النَّصِّ الْإِجْمَاعُ عَلَى حُرْمَتِهِنَّ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ لَفْظِ الْبِنْتِ عَلَى الْفَرْعِ حَقِيقَةً فَلِذَا اقْتَصَرَ فِي حُرْمَةِ بَنَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْإِجْمَاعِ، وَظَاهِرُ بَعْضِ الشُّرُوحِ ثُبُوتُهُ حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا الِاسْتِدْلَال فِي الْبَنَاتِ، فَإِنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ تُسَمَّى بِنْتًا حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْبِنْتَ يُرَادُ بِهِ الْفَرْعُ فَيَتَنَاوَلُهَا النَّصُّ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا عِنْدَ الْبَعْضِ. وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْبَعْضِ يُرِيدُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَهُ إذَا كَانَ فِي مَحَلَّيْنِ. وَعَلَى مَا أَسْمَعْنَاك مِنْ التَّقْرِيرِ يَتَنَاوَلُهُنَّ مَجَازًا عِنْدَ الْكُلِّ. وَمِنْ الطُّرُقِ فِي تَحْرِيمِ الْجَدَّاتِ وَبَنَاتِ الْأَوْلَادِ دَلَالَةُ النَّصِّ الْمُحَرِّمِ لِلْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، فَفِي الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَشِقَّاءَ مِنْهُنَّ أَوْلَادُ الْجَدَّاتِ، فَتَحْرِيمُ الْجَدَّاتِ وَهُنَّ أَقْرَبُ أَوْلَى، وَفِي الثَّانِي لِأَنَّ بَنَاتَ الْأَوْلَادِ أَقْرَبُ مِنْ بَنَاتِ الْإِخْوَةِ.

[فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ]

لِبِنْتِ الْمُلَاعَنَةِ حُكْمُ الْبِنْتِ، فَلَوْ لَاعَنَ فَنَفَى الْقَاضِي نَسَبَهَا مِنْ الرَّجُلِ وَأَلْحَقَهَا بِالْأُمِّ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ وَيَدَّعِيَهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهَا مِنْهُ. الثَّانِي يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ بِنْتُهُ مِنْ الزِّنَا بِصَرِيحِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ لُغَةً، وَالْخِطَابُ إنَّمَا هُوَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ نَقْلٌ كَلَفْظِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ فَيَصِيرُ مَنْقُولًا شَرْعِيًّا

(قَوْلُهُ لِأَنَّ جِهَةَ الِاسْمِ عَامَّةٌ) أَيْ الْجِهَةَ الَّتِي وُضِعَ الِاسْمُ مَعَ اعْتِبَارِهَا، فَاسْمُ الْأَخِ مَثَلًا وُضِعَ لِذَاتٍ بِاعْتِبَارِ نِسْبَتِهَا إلَى أُخْرَى بِالْمُجَاوَرَةِ فِي صُلْبٍ أَوْ رَحِمٍ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ بِاعْتِبَارِ حُلُولِهَا مَا حَلَّتْهُ مِنْ صُلْبٍ أَوْ رَحِمٍ كَيْ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى التَّوْأَمِ وَبِهَذِهِ الْجِهَةِ تَعُمُّ الْمُتَفَرِّقَاتُ فَكَانَ حَقِيقَةً فِي الْكُلِّ بِالتَّوَاطُؤِ، وَيَدْخُلُ فِي الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بَنَاتُ الْأَجْدَادِ وَإِنْ عَلَوْا لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُ آبَاءٍ أَعْلَوْنَ وَبَنَاتُ الْجَدَّاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُ أُمَّهَاتٍ عَلِييَّاتٍ وَفِي بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بَنَاتُهُنَّ وَإِنْ سَفَلْنَ

(قَوْلُهُ وَلَا بِأُمِّ امْرَأَتِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ) إذَا كَانَ نِكَاحُ الْبِنْتِ صَحِيحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>