للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ الْمَنْكُوحَةَ) لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا، وَلَا يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ لِلْجَمْعِ إلَّا إذَا حَرَّمَ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ لِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَحِينَئِذٍ يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ لِعَدَمِ الْجَمْعِ، وَيَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ الْمَمْلُوكَةَ لِعَدَمِ الْجَمْعِ وَطْئًا إذْ الْمَرْقُوقَةُ لَيْسَتْ مَوْطُوءَةً حُكْمًا.

(فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهمَا أُولَى فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) لِأَنَّ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ،

بِسَبَبٍ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا قَدْ ثَبَتَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ التَّحْرِيمِ بِسَبَبٍ آخَرَ. وَأُجِيبُوا بِأَنَّ حُكْمَ وَطْءِ الْمَرْقُوقَةِ قَائِمٌ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، فَبِالْوَطْءِ يَكُونُ جَامِعًا وَطْئًا حُكْمًا وَإِطْلَاقُ الْآيَةِ يَمْنَعُهُ، هَذَا كَلَامُهُمْ وَهُوَ مُصَرِّحٌ بِمَا وَعَدْنَاهُ آنِفًا، وَهَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا، بِخِلَافِ الْفَاسِدِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ فِيهِ فَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ لِوُجُودِ الْجَمْعِ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُعْتَبَرٌ تَتَرَتَّبُ الْأَحْكَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَرْقُوقَةَ لَيْسَتْ مَوْطُوءَةً حُكْمًا) لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَمْ يُوضَعْ لِلْوَطْءِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا بِدَعْوَى.

[فَرْعٌ]

لَوْ اشْتَرَى أُخْتَيْنِ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهُمَا، فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِسَبَبٍ، وَلَوْ وَطِئَهَا أَثِمَ ثُمَّ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى بِسَبَبٍ. وَلَوْ بَاعَ إحْدَاهُمَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ زَوَّجَهَا ثُمَّ رُدَّتْ إلَيْهِ الْمَبِيعَةُ أَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ أَوْ طَلُقَتْ الْمَنْكُوحَةُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَحِلَّ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى بِسَبَبٍ كَمَا كَانَ أَوَّلًا

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهمَا الْأُولَى فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى حُرْمَةِ الْجَمْعِ، وَقَيَّدَ بِعُقْدَتَيْنِ إذْ لَوْ كَانَا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ بَطَلَا يَقِينًا وَبِعَدَمِ عِلْمِ الْأَوَّلِيَّةِ، إذْ لَوْ عَلِمَ صَحَّ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الثَّانِي، وَلَهُ وَطْءُ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَطَأَ الثَّانِيَةَ فَتَحْرُمُ الْأُولَى إلَى انْقِضَاءِ عِدَّةِ الثَّانِيَةِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ تَحْرُمُ امْرَأَتُهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ ذَاتِ الشُّبْهَةِ. وَفِي الدِّرَايَةِ عَنْ الْكَامِلِ: لَوْ زَنَى بِإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ لَا يَقْرَبُ الْأُخْرَى حَتَّى تَحِيضَ الْأُخْرَى حَيْضَةً وَهَذَا مُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>