للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَةٍ لَهُ قَدْ وَطِئَهَا صَحَّ النِّكَاحُ) لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ (وَ) إذَا جَازَ (لَا يَطَأُ الْأَمَةَ

وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَالْمُرَجَّحُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» إلَخْ غَرِيبٌ. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي» الْحَدِيثُ، إلَى أَنْ قَالَ «إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي» وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد عَنْ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ الضَّحَّاكَ بْنَ فَيْرُوزَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ فَيْرُوزَ الدِّيلِيِّ قَالَ «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ، قَالَ: طَلِّقْ أَيَّهُمَا شِئْتَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حَبَّانِ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد «اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ».

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَةٍ لَهُ قَدْ وَطِئَهَا صَحَّ النِّكَاحُ) خِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ. وَجْهُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا بِاعْتِرَافِكُمْ فَيَصِيرُ بِالنِّكَاحِ جَامِعًا وَطْئًا حُكْمًا وَهُوَ بَاطِلٌ بِاعْتِرَافِكُمْ لِأَنَّكُمْ عَلَّلْتُمْ عَدَمَ جَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ الْمَنْكُوحَةَ بِلُزُومِ الْجَمْعِ وَطْئًا حُكْمًا، وَقَدْ قُلْتُمْ إنَّ حُكْمَ وَطْءِ الْأَمَةِ السَّابِقِ قَائِمٌ حَتَّى اُسْتُحِبَّ لَهُ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَمَا قِيلَ حَالَةَ صُدُورِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ جَامِعًا وَطْئًا بَلْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حُكْمُهُ فَيَتَعَقَّبُهُ لَيْسَ بِدَافِعٍ، فَإِنَّ صُدُورَهُ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ جَمْعًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ يَسْتَلْزِمُهُ حَيْثُ كَانَ هُوَ حُكْمُهُ، وَهُوَ لَازِمٌ بَاطِلٌ شَرْعًا وَمَلْزُومُ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَقَدْ يُوجَدُ فِي صَفَحَاتِ كَلَامِهِمْ مَوَاضِعُ عَلَّلُوا الْمَنْعَ فِيهَا بِمِثْلِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا اللَّازِمَ بِيَدِهِ إزَالَتُهُ فَلَيْسَ لَازِمًا عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ فَلَا يَضُرُّ بِالصِّحَّةِ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهَا لِقِيَامِهِ إذْ ذَاكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَطَأُ الْأَمَةَ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَطَأُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ كَبَيْعِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَالْهِبَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْإِعْتَاقِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ وَالتَّزْوِيجِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا تَحِلُّ الْمَنْكُوحَةُ بِالْكِتَابَةِ. وَعَنْهُ: لَوْ مَلَكَ فَرْجَهَا غَيْرُهُ لَا تَحِلُّ الْمَنْكُوحَةُ حَتَّى تَحِيضَ الْمَمْلُوكَةُ حَيْضَةً بَعْدَ وَطْئِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حَامِلًا مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّمْلِيكِ حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ بِمُجَرَّدِ التَّمْلِيكِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِالْكِتَابَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَمِنْ هُنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ: تَحِلُّ الْمَنْكُوحَةُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمَرْقُوقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>